الأربعاء، 24 أكتوبر 2012

«فارس النواثير» لرضوان الهنودي: كوميديا موسيقية كافية تنتصر للحياة رغم مرارة الاستبداد

من منّا يعرف قصة فرحات ولد الكاهية؟ ذلك الشخص المتسلّط والمتجبّر الذي تغنّى به أبناء الكاف ليظلّ محفورا في ذاكرتهم كرمز للاستبداد الذي لا يمكن أن يكون مآله سوى اللعنة والخسران. بدعوة من فضاء لرتيستو الذي يديره الفنان غازي الزغباني، تنقلت من الكاف مجموعة من الفنانين لتقديم عرض «فارس النواثير» الذي أخرجه رضوان الهنودي، وشارك فيه كل من منذر الجبابلي ولبنى مقري وجمال الشارني دون أن ننسى طبعا عازفي الطبلة والقصبة والبندير الذين أضفوا على العرض بعده التراثي وطابعه الكافي المميّز..
 

وقد جاء العرض في شكل كوميديا موسيقيّة جمع فيها الممثّلون بين الأداء المسرحي ونظيره الموسيقي، وانقسم العمل الى مجموعة من اللوحات تروي كلّ واحدة منها فصلا من فصول «أسطورة» فرحات ولد الكاهية الذي عرف بطغيانه وباستباحته أعراض الناس.. وصرّح لنا مخرج العمل رضوان الهنودي انّ أغاني العرض منتقاة من التراث الكافي الذي تغنّى بشخصيّة فرحات ولد الكاهية من خلال عدة أغاني نذكر منها «جيبولي خالي».. وبخصوص عنوان العرض أفادنا المخرج انه اختار «فارس النواثير» لما في العبارة من رمزيّة، فالنواثير هي الفرس الواهنة، وهو ما يحيلنا مباشرة إلى شخصية فرحات الذي امتطى فرسا واهنة اي تسلّط على شعب فقير وضعيف البنية في محاولة منه للعب دور بطولة مزعومة..
 

وتوفّق العرض في استدراج المشاهد ليتفاعل مع اطوار العمل بفضل سلاسة طرح القصة من ناحية وبفضل كل ما اهدته الموسيقى المصاحبة والأصوات الشّجيّة من غوص في التراث الكافي بروحه الحزينة احيانا والاحتفالية احيانا أخرى، وساهمت اصوات الثالوث المشارك في العمل منذر الجبابلي وهو من الأصوات الكافية البارزة التي تتمتع بخامة صوتية مميزة وكذلك لبنى مقري وجمال الشارني، ساهمت في اعطاء العرض شحنة من الأحاسيس من خلال ما تتمتّع به من عمق ومن طابع كافي مخصوص..
 

كما لا بدّ أن ننوّه بالمجهودات التي قدّمها مخرج العمل رضوان الهنودي في ما يتعلّق بتفاصيل بعض اللوحات التي تميّزت بجمالية ملحوظة ومنها لوحة «الشموع» حين تنطفئ الأضواء ليرافق فيها ضوء الشموع الخافت مناجاة صوت لبنى القري الملتاع.. بقي ان نشير إلى انّ هذا العمل الفني مثلما اكده لنا المخرج لم يتمتّع بأيّ دعم وهو نتاج مجهود ذاتي بحت.

شيراز بن مراد

حماية الثورة أم حماية الكراسي؟

رحم الله لطفي نقض المواطن التونسي ورئيس اتحاد الفلاحين بتطاوين وكاتب عام حزب نداء تونس بالجهة.. فقد ذهب لطفي نقض، وحتّى إن لم يقل القضاء كلمته بعد، ضحية للأجواء السياسية المحتقنة التي تعيشها البلاد اليوم بين من ينادي بالتطهير وبين من ينادي بإقصاء الآخر من الحياة السياسية ومن يؤكد على انتهاء شرعية المجلس التأسيسي وحتّى من ينادي بقتل الخصوم السياسيين..
 

والأكيد أنّه لو لم نتمكن من السيطرة ـ حكومة وأحزاب معارضة ومجتمعا مدنيا ـ على هذه الأجواء التي تسودها الكراهية والتباغض والتهديدات المتبادلة فإنّنا سنحفر قبورنا بأيدينا، قبور العديدين منّا الذين سيروحون ضحيّة للغباء السياسي وللنرجسيّة الحزبيّة المهلكة وللعقليات التي لا تدرك معنى احترام الاخر، فتدفع بفئات منا نحو الاقتتال، نعم الاقتتال وهو ما حدث أمام مقرّ الاتحاد الجهوي للفلاحين بتطاوين يوم الخميس 18 أكتوبر..
 

فبتعلّة تحصين الثورة وحمايتها، يدعو البعض الى وضع قوانين إقصائيّة في «حق من أساؤوا وأجرموا في البلاد» ويتناسون أنّ القضاء وحده هو المؤهل لمحاسبة ولمعاقبة من أخطأوا في حق الشعب التونسي لا أن ندخل في منطق قانون الغاب والعدالة الانتقامية ونصب المشانق..
 

وفي الحقيقة، إن تحصين الثورة لا يمكن ان يتحقّق الا بتحصين عدد من الملفات ومنها القضاء أي دعم استقلاليته وهو ما لم نلمسه من قبل وزارة العدل التي يشرف عليها وزير نهضوي وكذلك بتحصين الإعلام أي النأي به عن أيّة ضغوطات سياسية قد تمسّ من استقلاليته ومن حياده المطلوب وهو ما لم يلتمسه الصحفيون الذين دخلوا يوم 17 أكتوبر في اضراب عام للتعبير عن غضبهم من تلكؤ الحكومة في معالجة ملف الاعلام .
 

تحصين الثورة يتطلب أيضا الحرص على أن يكون الأمن التونسي جمهوريّا لا يعترف بالولاءات بقدر بقائه على مسافة واحدة من الجميع و في خدمة الجميع.. وإن لمسنا وعيا بأهميّة حياد الامن الجمهوري من قبل عدّة أطراف، فإنّنا سمعنا الغنّوشي يقول في الفيديو المسرّب أن «الأمن مازال غير مضمون» ورأينا كيف أصبحت روابط حماية الثورة تتصرف بمثابة الميليشيات التي تحلّ محلّ الامن أحيانا وتسانده أحيانا أخرى (لن ننسى مشاهد الميليشات التي نزلت يوم 9 أفريل إلى شارع الحبيب بورقيبة).. 
عبر هذه المبادرات «التحصينية» وغيرها من القرارات الاقتصادية الذكية يمكن أن نساهم في حماية الثورة من أعدائها ولا بعقلية التطهير المرضية التي قالت عنها الاستاذة لطيفة لخضر إنّها «نوع من الفاشية التي استعملها هتلر وميلوزيفيتش لزرع القتل والتعدي على الانسانية»..
 

قد تسقط عشرات الضحايا الأخرى لو لم نسرع بوضع حد للاحتقان الذي يشوب الحياة السياسية، لأنّنا سنكون قد فكرنا بعقلية الاقصاء والتطهير التي تذكي نار الفتنة وكأنّ التونسيين سذّج غير قادرين على التمييز في الانتخابات القادمة إلّا بفضل توجيهات الترويكا الحاكمة بعد أن خلنا أنّنا قطعنا مع عقليّة توجيهات السيد الرّئيس.. لن ينفعنا حينها الندم ولا الاعتذار ولا لغة « لقد أخطأنا ، سامحونا» لأنّنا سنكون قد دخلنا وقتها في حلقة عنف ستأتي على الاخضر واليابس وهو ما لا نتمناه لتونس العزيزة..
 

رحم الله لطفي نقض وألهم عائلته الصبر والسلوان، فسيظل في الذاكرة الجماعية التونسية كدلالة لمراهقة طبقتنا السياسية الحاكمة التي لم تعمل بما فيه الكفاية لحماية الثورة بل سعت لحماية نفوذها والكراسي التي تجلس عليها، دافعة بأبناء الشعب إلى العنف والتهلكة.. وبئس المصير.

شيراز بن مراد

الشاعر اللبناني أنسي الحاج: لنستسلم الى الروائع, أدبا وفكرا وموسيقى وغناء وتصويرا ونحتا ومسرحا وسينما. لنعش مع خلائق المبدعين, هي وحدها أطواق نجاة. وإذا شحت الروائع فلنعد الى الماضي, الى قديم سحرنا, ولندمنه ولنجتره...



الجمعة، 19 أكتوبر 2012

حتى لا يضرم بوراوي عجينة النار في موسوعة القصص العربية في تونس في القرن العشرين: نداء إلى عناية وزير الثقافة في تونس

بقلم : ابراهيم درغوثي

أعرف أن حظ الأدب الآن وفي هذا الزمن الرديء ليس كحظ الفن والطرب في بلاد العرب. وأعرف أنه لا يمكن المقارنة بين أديب أفنى عمره في كتابة القصص والرويات أو النقد الأدبي وبين مغنية ناشئة أمسكت منذ يومين مكروفونا للغناء، فالمقارنة لا تجوز، لأن هذه المطربة سيفرش لها المخمل الأحمر وستتلقفها الأكف بالتصفيق والتشجيع بينما سيهمل الكاتب في ركن قصي من ذاكرة هذا الشعب ويموت حتى " ايجيبولو عنقود " هو الذي ظل عمره كاملا " يتمنى في عنبة " على رأي فنان الغلبة علي الدوعاجي .
 

وأعرف أيضا أن حظ الأديب في هذا الزمن الرديء ليس من حظ الرياضيين عامة ولاعبي كرة القدم خاصة، فالفرق شاسع والبون كبير في مجتمع صار يفكر برجليه بعدما تناسى عقله. فبينما يتلاعب من شغل رجليه وصوته بالملايين فإن من اشتغل بفكره وعقله يعيش النكد والبوار. جالت بخاطري هذه التداعيات وأنا أعيش تجربة الصديق بوراوي عجينة الأستاذ بكلية الآداب بسوسة وكاتب القصة القديرة المقتدر وعضو اتحاد الكتاب التونسيين والباحث في الأدب التونسي. هذا المبدع المتميز الذي أثرى مدونة القصة القصيرة التونسية بعدد من المجوعات القصصية الرائعة ( وقد حصلت مجموعته القصصية الأخيرة على جائزة أبي القاسم الشابي ) وبقراءات بديعة في كتابات القصاصين التونسيين وفي سيرهم، كان قد أضاف لمسيرته في الكتابة مدونة ستظل علامة من العلامات البارزة في تاريخ الأدب التونسي هي بمثابة ستة مجلدات تحمل عنوان " موسوعة القصص العربية في تونس في القرن العشرين " . وهي للحقيقة والتاريخ موسوعة تؤرخ للقصة القصيرة وأعلامها في تونس منذ بدايات القرن العشرين حتى نهاياته جمع فيها الباحث بوراوي عجينة سيرا ذاتية وافية للكتاب مع عدد من قصصهم المختاره وأضاف لذلك بيبليوغرافيا لمنشوراتهم وما كتب حولهم من دراسات نقدية في الجرائد والمجلات والكتب التونسية والعربية والفرنسية مما حول هذه المدونة إلى عمل كبير لا يستغني عنه الطالب والتلميذ والباحث الخبير بفن القص كما المتابع للكتابة القصصية في تونس خلال قرن من الزمن .
 

وقد كانت لي متابعة لهذا الباحث المبدع منذ أن بدأ في تجميع مادة هذه الموسوعة منذ حوالي عشر سنوات أو أكثر إلى أن استوت عملا كبيرا تحسدنا عليه المؤسسات العلمية في البلدان الأخرى التي تحترم الباحث والمبدع. فما أنجزه بوراوي عجينة منفردا لا تقدر عليه سوى المؤسسات العلمية المهتمة بالشأن الثقافي لا فردا مفردا بجهود جبارة في البحث والتنقيب.لذلك عندما اقترح علي الصديق بوراوي أن اعرض عمله على اتحاد الكتاب التونسيين لنشره، وقد كنت وقتها نائبا لرئيس اتحاد الكتاب التونسيين الأستاذ صلاح الدين بوجاه، تحمست للفكرة وعرضتها على الهيئة المديرة للاتحاد التي وافقت على نشر الموسوعة. ولكن وبما أن إمكانيات هذا الهيكل الثقافي قليلة فقد اتفقنا على أن ننجز طباعة هذه الموسوعة كلما توفر لنا قليل من المال الزائد عن تسيير هياكل الاتحاد فأنجزنا سنة 2007 طباعة الجزء الأول من هذه الموسوعة الذي ضم تعريفا ب 31 كاتبا قصصيا تونسيا مع 64 نصا من نصوصهم وهم الكتاب الرواد في فن القصة القصيرة في تونس الذين ولدوا بين سنتي 1871 و 1929 من بينهم صالح السويسي ومحمود بيرم التونسي وعلي الدوعاجي وزين العابدين السنوسي ومصطفى خريف والبشير خريف وعبد المجيد عطية وهند عزوز وناجية ثامر والقائمة تطول ...
 

ثم واصلنا العمل خلال عضويتي الثانية في الهيئة المديرة للاتحاد التي رئستها الأستاذة جميلة الماجري وبعدها الدكتور محمد البدوي فتمت طباعة الجزء الثاني من الموسوعة الذي ضم 54 نصا قصصيا ل23 كاتبا تونسيا ولدوا ما بين 1930 و 1936 وهم الكتاب المخضرمون والمؤصلون لفن القصة القصيرة التونسية ونذكر منهم : محمد المختار جنات ويحي محمد والبشير بن سلامة ومصطفى الفارسي ومحسن بن الضياف وعمر بن سالم وصالح القردمادي وعبد الواحد براهم وعبد العزيز فاخت ومحمد رشاد الحمزاوي وحسن نصر وسنيا يوسف ومحمود بلعيد وعزالدين المدني وغيرهم.
 

كما ضم هذا الجزء مسردا للقصة القصيرة العربية في تونس مابين 1956 و1999 .
وبقي من هذه الموسوعة :
1/ الكتاب الثالث ويضم 64 نصا قصصيا ل32 كاتبا تونسيا ولدوا ما بين: 1969 و 1945
2/ الكتاب الرابع ويضم 64 نصا قصصيا ل 32 كاتبا تونسيا ولدوا ما بين 1946 و1950
3/ الكتاب الخامس ويضم 58 نصا قصصيا ل 25 كاتبا تونسيا ولدوا ما بين 1951 و 1955
4/ الكتاب السادس ويضم 70 نصا قصصيا ل 41 كاتبا تونسيا ولدوا ما بين 1956 و1973
 

ولكن مشروع الاتحاد في طباعة الموسوعة انتهى عند نشر الكتاب الثاني لضيق ذات اليد. فبعد الثورة مباشرة التي ظننا أنها ستحتفي أكثر بالثقافة والأدب مات هذا المشروع نهائيا وصار من غير الممكن التفكير في مواصلة إنجازه . لأن هذه الثورة التي ظننا أن رجالاتها سيحتفون أكثر بالثقافة والأدب خيبت ظننا فيها وخاصة فيما يخص تعاملها مع اتحاد الكتاب التونسيين.وصارت دولة الثورة تكيل بمكيالين فهي مثلا تعترف بالاتحاد العام التونسي للشغل وتتفاوض معه لأنه يمثل أغلبية المنخرطين في العمل النقابي مقارنة بالهيكلين النقابيين الآخرين ولكنها لا تطبق هذا المعيار مع اتحاد الكتاب التونسيين الذي يظم أكثرية كتاب تونس في صفوفه مقارنة مع الهيكلين الآخرين : نقابة كتاب تونس واتحاد الكتاب الأحرار. فبينما يفوق مخرطو الاتحاد ال 800 منخرط يوجد في كل واحد من الهيكلين الآخرين مئة من الكتاب أو أكثر بقليل في أقصى الحالات. ومع ذلك تظل وزارة ثقافة الثورة على موقفها من الاتحاد ويظل الإنفاق على هذا الهيكل الذي يظم المئات من كتاب تونس في اقل حالاته. حتى أن ميزانية الاتحاد انخفضت مقارنة بالسابق إلى أقل من النصف.
 

إن هذا الشح في المال هو الذي منع هيئة اتحاد الكتاب التونسيين من مواصلة طباعة هذه المدونة الكبيرة وأصبح لذلك محتما على وزارة الثقافة أن تكمل هذه العملية إما بنشر بقية أجزائها أو بنشرها من جديد كاملة في طباعة فاخرة تليق بجهد صاحبها وبالكتاب التونسيين الذي احتفى بهم هذا العمل الكبير. فلا أظن أن بضعة آلاف من الدنانير بالعملة التونسية ( وليست بالأورو كما يصرف على بعض نواب المجلس التأسيسي للثورة ) لا يستحقها إنجاز كبير كهذا للثقافة والأدب في تونس . ولذلك فأنا بصفتي كاتبا قصصيا يعنيني حال الأدب والثقافة في تونس وأغير عليهما غيرتي على نجاح كتاب شعبي في الظهور والتألق أتوجه بنداء حار إلى السيد وزير الثقافة حتى يساعد على تحقيق هذا الحلم الكبير الذي سيشرف الأدب التونسي في المحافل العربية والدولية لأنه لا يقل شأنا عن عديد من الكتب والمدونات التي أنجزتها وزارة الثقافة وشرفت بها الكتاب والكاتب في تونس حيا وميتا ولأن هذا الدعم لطباعة الموسوعة لا يساوي الا القليل مقارنة بدعم أغنية أو شريطا سينمائيا أو مسرحية أو فنا آخر من بقية الفنون السمعية أو البصرية التي تتطلب الأموال الطائلة لإنجازها مقارنة بالكتاب الورقي الذي يدوم وينفع الناس. أقول هذا حتى لا يقع لأدبنا التونسي الحديث ما وقع مع أبي حيان التوحيدي عندما أضرم النار في كتاباته.ووقتها فقط سنندم جميعا ولكن لن يفيدنا الندم خاصة إذا عرفنا أن مؤسسات ثقافية أخرى في دول عربية تقدم الدعم السخي للكتاب والكتاب وتحتفي بهم بالجوائز السنية .
وهذا موضوع آخر سنعود له في مرة أخرى

الاثنين، 15 أكتوبر 2012

20 جمعية حقوقية تحذر: خطير أن تتراجع لجنة توطئة الدستور عن مبدأ كونية حقوق الإنسان

أمضت 20 جمعية ناشطة في المجتمع المدني وعلى رأسها الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان على بيان نددت فيه بموقف الأغلبية للجنة التوطئة والمبادئ العامة للدستور الذي رفض التنصيص صراحة على احترام حقوق الإنسان الكونية وهي المبادئ المضمونة بالإعلان العالمي لحقوق الإنسان والذي صادقت عليه الدولة التونسية..

وجاء في البيان المشترك أن لجنة التوطئة والمبادئ العامة للدستور قررت التصويت على صيغة مبهمة وفضفاضة تنص على مبادئ حقوق الإنسان ورفضت في المقابل التنصيص بالدستور على الطابع الكوني لحقوق الإنسان وللاتفاقيات الدولية التي تتضمنها.

واعتبرت الجمعيات الممضية على البيان أنّ هذا الطرح ينم عن نظرة إيديولوجية ضيقة ودونية للحقوق الأساسية للإنسان معبرة عن مخاوفها من التراجع على المصادقة على الاتفاقيات الدولية أو عدم تطبيقها من طرف القضاء التونسي والمحكمة الدستورية المرتقبة بتعلة علوية الدستور على المعاهدات.

ورأت في هذا الرفض تراجعا خطيرا عن المبادئ الكونية لحقوق الإنسان والحال أنّها من مكتسبات الشعب التونسي وتضمنها دستور 59، داعية أعضاء المجلس الوطني التأسيسي إلى تحمل مسؤولياتهم لدسترة حقوق الإنسان في بعدها الكوني وفي مفهومها الشمولي من أجل دستور مدني ديمقراطي يقطع مع الاستبداد ويطوّر دستور 59 في كل المجالات.

وأعلمت الجمعيات العشرون الممضية على البيان أنّها ستعمل من أجل تنظيم حملة للتشهير بهذا التراجع الخطير ولفرض دسترة حقوق الإنسان في مفهومها الكوني وجعلها جزءا لا يتجزأ من المنظومة القانونية التونسية.

ويذكر أن عدد من رجال القانون استنكروا هذا الرفض ومنهم أستاذ القانون الدستوري سليم اللغماني الذي صرّح أنّ الدستور الذي يرفض المرجعية الدولية لحقوق الإنسان لا يرتقي إلى مرتبة دستور.

شيراز بن مراد

السبت، 6 أكتوبر 2012

Khira w Rochdi de Malek Sebai: La danse des corps et des âmes

Rochdi  Belgasmi et Khira Oubeidallah 
Sur le battement d’un tambour lointain et de l’hennissement d’un cheval galopant commence l’histoire. L’histoire de la danse folklorique tunisienne telle qu’imaginée par l’artiste Malek Sebai dans le spectacle « Khira w Rochdi » présenté récemment à l’ancienne bibliothèque nationale dans le cadre de la manifestation Dream City.

Pas maladroits, puis mouvements, puis doute, puis recherche, puis figures de base, puis frémissement des corps, puis colère, puis réconciliation, puis chorégraphie. Peu à peu ou plutôt pas à pas, Malek Sebai reconstitue avec beaucoup d’amour, la genèse de la danse traditionnelle tunisienne avec la complicité du danseur Rochdi Belgasmi, de la danseuse Khira Oubeidallah -qui a commencé sa carrière de danseuse en 1962 avec la troupe nationale des arts populaires- et du percussionniste Wissem Mzoughi.

Et c’est avec subtilité que nous, spectateurs, glissons dans ce qu’appelle Malek Sebai « une déclinaison possible du traditionnel tunisien ». Rochdi retrace, en solo d’abord, ce cheminement corporel à la recherche de quelque chose de « beau ». En jupe bleu royal et sur les rythmes d’Ismail Hattab, il esquisse les mouvements premiers de ce que sera la danse folklorique avant d’être rejoint par Khira, cette femme dont le corps raconte le souvenir. A deux, ils créent une symbiose artistique agréable à voir et à sentir. Rochdi w Khira ne dansaient pas uniquement, leurs corps exprimaient aussi l’envie de bouger et de danser tunisien.

Dans « Khira w Rochdi », Malek Sebai reconstruit non seulement « l’histoire » de la danse folklorique tunisienne mais transmet surtout son amour pour la danse. Cet acte culturel qui raconte des pans de nous et de notre histoire. La chorégraphe se prête même à une danse commune devant le miroir qui ornait la scène du spectacle, miroir qui a reflété le plaisir qu’avait toute la troupe à être là et à partager la passion de la danse.

Le spectacle se termine par une invitation du public à la danse, et c’est avec générosité et amour que Khira donne le ton en esquissant des pas basiques au son d’un battement rythmé de tambour pour entrainer la présence dans le monde de la danse folklorique tunisienne avec ses codes bien spécifiques.
Chiraz Ben M’rad

دريــم سيـتــي: عندما يقول الفنّ كلمته في قلب المدينة

من العروض المميزة في دريم سيتي: عرض "خيرة ورشدي" للفنانة ملاك السبعي
ماذا عساي أقول عن تظاهرة «دريم سيتي» الفنّية التي انتظمت في موفّى الأسبوع الفارط بالمدينة العتيقة بمبادرة من الأخوين سلمى وسفيان ويسي؟ أكتفي بالقول إنّها تمكّنت من خلق حيوية فنية نادرة بين جدران معالم من المدينة العتيقة ومن استدراج مئات المواطنين الذين توافدوا على هذا الكنز المعماري للتمتّع بأعمال مسرحية وسينمائيّة وموسيقيّة..
وقد تسنّى لنا متابعة عدد من هذه العروض ومنها عرض «لست ظلّا لأحد» لماريون وغازي الفريني الذي يطرح تساؤلات حول هويتنا وانتظم بالمركز الثقافي حسن الزمرلي الذي هو في الأصل كنيسة قديمة, وكذلك عرض «شبوبة» الذي مزج السطنبالي بالموسيقى المعاصرة واحتضنته زاوية سيدي علي لسمر بباب الجديد.. كما تابعنا بإعجاب عرض «خيرة ورشدي» الراقص الذي أخرجته الفنانة ملاك السبعي وقدمته بالمكتبة الوطنية القديمة الموجودة بسوق العطارين، ومنه توّجهنا الى المكتبة الخلدونيّة ـ من المفروض أن يزور تلاميذنا هذا المكان الذي يختزن الروح الفكرية التونسية في القرن العشرين ـ التي روى فيها الفنان الجزائري مصطفى بن فوضيل كيف يتم «إعدام» المئات من الكتب التي لم يتم بيعها او تعرضت للرّقابة.. ومن هناك تحوّلنا الى متحف دار بن عبد الله حيث قدمت مريم بودربالة عرض «كاراكوز» وهو مجموعة من الرّسوم التي تعكس الحرّية والطموحات والتهديدات التي تعيشها تونس اليوم.. وبمرورنا بتربة الباي، عرجنا على مقبرة العائلة الحسينيّة وهي بدورها معلم أثري فريد من نوعه جدير بأن يزار.. وانتهت الجولة بزيارة سطح مقهى المرابط الموجود بسوق الشواشية حيث نصبت مجموعة «وندا» غرفا صغيرة سقفها مفتوح على سماء وقباب المدينة العتيقة يدخلها الزائر لمدة 5 دقائق فيختلي بزرقة السماء وبما يمكن ان تهديه إياه من أحلام وأحاسيس.

ويمكن القول ان تظاهرة «دريم سيتي» نجحت في رفع تحديين اثنين: الأول له علاقة بالجانب الفني اذ انّها نجحت في تنظيم قرابة 300 عرض فني في ظرف 4 أيام بمهنية وجدية لافتة للانتباه، أمّا التحدّي الثاني فيتعلّق بالجانب المعماري اذ تمكّنت من فتح عدة معالم اثرية لعامة الناس الذين تيسرت لهم فرصة اكتشاف ديار «عربي» ذات طابع معماري أصيل (دار لصرم، دار باش حامبة، دار ناصرخمير..) وكذلك عدة فضاءات عمومية على غرار المدرسة الشماعية والمكتبة الخلدونية ونادي الطاهر الحداد وغيرها..
ويذكر انّ «دريم سيتي» ستلتئم بالمدينة العتيقة بصفاقس من 5 الى 7 اكتوبر.. فتحية الى كلّ من ساهم في إنجاح هذه التظاهرة الفنّية المميّزة التي فتحت المجال للفنّ ليقول كلمته في قلب المدينة.


شيراز بن مراد