الجمعة، 30 مارس 2012

الداعية هاني السباعي يصف راشد الغنوشي بالعلماني ومنصف المرزوقي بالملحد ويعتبر الكفار أرحم من التونسيين!!

بسبب منعه من دخول الاراضي التونسية, ألقى الدّاعية المصري هاني السباعي المحسوب على تنظيم القاعدة يوم الاحد الفارط محاضرة عبر «السكايب» لمريديه التونسيين.. ويذكر أنّ السباعي عرف بتصريحاته وأفكاره التخوينية وكان تحدّث عن تونس مرارا ليرميها بشظاياه التكفيرية. فقد صرّح مثلا أنّ راشد الغنوشي علماني (وهو في نظره جريمة وخروج عن دين اللّه) وأنّ جماعة حزب النهضة باعت دينها رخيصا من أجل الوصول للحكم، كما بايعت المرزوقي ـ والكلام له ـ الملحد الحداثي الذي لا يهتم بالدين ويستهزئ باللّه». ويواصل السباعي كلامه المشين ليصف النخبة التونسية بـ«كراكيب ونفايات الفرنكوفونية والعلمانية الغربية البائدة»..
ويتساءل «صديقهم» ـ لا صديقنا ـ «ما الفرق بين الغنوشي وزين العابدين؟ واحد مستبد وواحد علماني» أي أن كل نهما يدور في المربع الشيطاني نفسه.. ويعتبر السباعي في تسجيل آخر أن التونسيين كفار وأن الكفار الأصليين أرحم منهم! هكذا!
وبخصوص الأصوات التي تعالت مندّدة بمجيء الداعية وجدي غنيم لتونس، وصف السباعي هذه الحملة "باستنفار شنّه المخنثون والسحاقيات وقوم لوط والمنحلون" معتبرا أن غنيم مثال يحتذى به!!
وتجدر الإشارة إلى أنّه سبق للشيخ السباعي أن كفّر رئيس الوزراء الفلسطيني المقال إسماعيل هنية مؤكدا أنّ عقيدة "الحمامسة" فاسدة ولا صلة لها بالإسلام، كما أسهب في تمجيد أسامة بن لادن معتبرا إياه «ملهم المسلمين ومشيد البناء العظيم الذي توجد قاعدته في أفغانستان وصروحه في جاكرتا وماليزيا وباكستان والشيشان والعراق والصومال والمغرب الإسلامي».
فعفوا تونس، أرض العزّة والفخر والتضحية وقد أصبحت مرتعا للخافضين رؤوسهم للعنف والقتل والتكفير والإرهاب.

إنّهــم ينـادون بـالـقـتـل!

صدمت شأني شأن عدد آخر من التونسيين بخطاب الواعظ الدّيني المكلّف بتأطير الأئمة والذي نادى بقتل الوزير الأول الأسبق الباجي قائد السبسي وذلك خلال اللقاء الذي التأم يوم 20 مارس الفارط لنصرة الشريعة الاسلاميّة.. نعم، هكذا! وإن كان الأمر أقرب إلى الخيال، واعظ ديني مهمته تأطير الأئمّة ويفترض أنّه ينشر قيم الاسلام السمحة، يدعو بحماسة فائقة إلى القتل! كما صدمت بخطاب ثان تمّ تداوله بكثافة على شبكة الفايسبوك يدعو فيه صاحبه الى القتال، الى قتال اليهود وقد كان ذلك خلال المسيرة التي انتظمت يوم الأحد 23 مارس لنصرة القرآن الكريم، نعم لنصرة القرآن! تداخل المشهدان في ذهني فتساءلت هل إنّ الرجلين من دعاة الدين الإسلامي أم من المحرضين على القتل؟ طرحت هذا السؤال لأنّ الصورة لا تستقيم في ذهني، فكيف لمن ينادي بتطبيق الشريعة وبنصرة القرآن ان يدعو الى القتل واهدار الدم؟ كيف لمن يعتبر نفسه من اتباع ديننا الحنيف ان يتجاهل قيم الاستقامة والعدل والإخاء والتعايش لينخرط في خطابات الحقد والانتقام؟ قد يكون هذا التعصّب والتطرف من افرازات الثورة أيضا لكن علينا ان نسارع ـ في ظلّ صمت النيابة العمومية على هذه التجاوزات الخطيرة ـ بوضع قواعد ميثاق اجتماعي جديد نعيش في ظلّه اذ لا يمكن أن يبقى من يحرض على العنف والاجرام دون محاسبة ولا عقاب وان تصبح تونس مرتعا لقانون الغاب ولسفك الدماء..
فإمّا أقمنا تونس الاحترام والتضامن والتعايش وإمّا هدمنا فوق رؤوسنا ما تبقى من البيت الذي يؤوينا..
سيقول البعض إنّ في الأمر تهويلا وانّ هاتين الحالتين شاذتان لا يحقّ تعميمهمـا ـ وهو اعتراض معقول ـ لكن تواتر أحداث مماثلة وتعدّد بعض المؤشّرات يدفعنا الى قرع نواقيس الخطر حتي يتمّ اطفاء أوّل شظايا حريق محتمل.. فقد سبق مثلا لبعض انصار حركة النهضة الذين حلّوا بمطار تونس قرطاج لاستقبال رئيس الحكومة الفلسطينية المقالة اسماعيل هنية، ان نادوا بسحق اليهود وصلبهم قبل أن تتبرأ منهم الحركة من خلال بيان أصدرته في الغرض..
كما لا يجوز الصمت على الغزوة الوهابيّة التي تشهدها بعض المساجد التونسيّة عندما فتحت مصراعيها لمن هبّ ودبّ ـ وبتزكية ضمنيّة من وزارة الدّاخلية ـ من متطرفي الدّعاة امثال وجدي غنيم وغيره ممن يدعون إلى الفتنة والتكفير.
لقد كبرنا في تونس على حبّ هذا الوطن وعلى التضحية من أجل رفعته ولم ننشأ على لغة العداء والقتل والثأر التي يتّخذ بعض العرب منها مبدأ مقدسا في الحياة.. فهلا بادرنا بتطويق هذه الظاهرة وبنبذ العنف قبل ان يستفحل في أراضينا؟
مازال السؤال الذي طرحته في بداية هذا المقال يطرح نفسه عليّ بإلحاح: كيف لرجل دين ـ أو من يظن نفسه كذلك ـ ان ينادي بالقتل وبالانتقام؟ لغز أرجو ان تعينوني على فكّ شفرته..

الجمعة، 23 مارس 2012

الثورات العربية بين الدمقرطة والأسلمة

هل يشهد العالم العربي اليوم موجة دمقرطة أو موجة أسلمة؟ هل ستتمكن الديمقراطيات حديثة الولادة في البلدان التي شهدت الثورات من تجاوز معضلة الاستقطاب بين العلمانيين والاسلاميين؟وماهي القواسم المشتركة بين الأحزاب الحاكمة الجديدة (حزب النهضة في تونس، حزب الحرية والعدالة في مصر، حزب العدالة والتنمية في المغرب) والمحسوبة على التيار الإسلامي وبين الأحزاب المعارضة التي تنتمي في غالبها الى التيار الحداثي والعلماني؟
حول هذه المحاور نظمت «مبادرة الإصلاح العربي» يومي 11 و12 مارس ندوة احتضنت مجموعة من المناظرات تواجه خلالها ـ فكريا ـ ناشطون سياسيون وباحثون وإعلاميون (كل مناظرة جمعت ناشط ينتمي الى التيار الإسلامي بآخر محسوب على التيار الحداثي) من تونس ومصر وسوريا والمغرب..


موجة دمقرطة أم موجة أسلمة؟
تساءل عدد من المتدخلين إذا ما كانت الثورات العربية تدخل في إطار موجة دمقرطة أو موجة أسلمة؟ وهو السؤال الذي طرحته على سبيل المثال الأستاذة أسماء نويرة بمعنى هل أننا بصدد اعتماد آليات الديمقراطية والتناقش حول تكريسها أم أن الثورات غفلت عن هذا الموضوع ليصبح الجدل منحصرا في مشاكل الهوية والرجوع الى المنابع؟
وفي هذا الصدد، أكد عضو حركة النهضة عجمي لوريمي على ضرورة المرور من الأسلمة الى الدمقرطة ووضع حدّ نهائي للاقصاء مهما كانت الانتماءات والميولات، فالفضاء مفتوح للجميع وهذا ـ والكلام له ـ مكسب تاريخي وحضاري.


مشكلة الاستقطاب بين العلمانيين والاسلاميين
هذا وحذّر عدد من المتدخلين على غرار الاعلامي صلاح الدين الجورشي من خطورة الاستقطاب بين العلمانيين والاسلاميين بما لا يخدم مسارات الانتقال الديمقراطي، واستحضر تجربة الانتخابات التونسية بعد الثورة وكيف ارتكبت بعض الأحزاب «العلمانية» هفوات من الحجم الثقيل عندما تورطت في مواجهات ذات طابع ايديولوجي وديني، وقد استفاد منها ـ والكلام دائما له ـ الاسلاميون ليبرزوا أن الاسلام في خطر..
نفس الشيء بالنسبة للعجمي الوريمي الذي قال انه علينا أن نخفف من الاستقطاب بين التيار الديني والتيار الحداثي موضحا أن الأولوية يجب أن تتمثل في اقامة نظام ديمقراطي وإيجاد تعددية حقيقية وضمان الحقوق والحريات للجميع..
أما الناشط السوري لؤي الصافي فقد أكد أن المحك لنجاح النقلة الديمقراطية يتمثل في قدرة النخب الثقافية أن تبتعد عن الانقسام والاستقطاب..


أزمة «الشك المتبادل»
ومن الملاحظات التي يمكن ابدائها تتعلق بالهوّة الفكرية أو لنقل غياب القواسم المشتركة بين عدد من المتخاطبين وهو ما دفع بالاستاذة آمال ڤرامي للتحدث عن «أزمة الشك المتبادل» القائمة بين فرقاء المشهد السياسي وعن ضرورة تبديد الشكوك من أجل ايجاد امكانات للتواصل، وتساءلت إن كان هذا الشك متأصلا في تراثنا العميق؟..
وفي هذا السياق، تحدث الناشط السوري لؤي الصافي على «الميكافيلية السياسية» التي يلمسها من بعض الأطراف واتهم بالخصوص الأحزاب العلمانية بالترويج للفساد.. أما عجمي لوريمي (عضو حركة النهضة) فقد وجه لومه للمعارضة قائلا إنها مازالت تؤدي دورا سلبيا (معارضة شعارات) ولم تسعى لتقديم المقترحات والبدائل..
ولتأييد فكرة «الشك المتبادل» ذكر الباحث المصري ابراهيم الهضيبي أن بعض اليساريين يحتقرون الاسلاميين، وينم هذا التعامل ـ في نظره ـ عن عقلية استعمارية لم تتخلص منها بعض الأطراف السياسية، مضيفا أن «النخب الفاسدة هي التي تعطل مسيرة الأوطان».


من خطاب عنفوي الى خطاب فكري
ودعا سلام الكواكبي (مدير مبادرة الاصلاح العربي) الى أهمية ارساء حوار حقيقي حول النقاط الخلافية وذلك حتى لا تنفجر تحت الرماد.. وفي السياق نفسه، طالبت رندا قسيس (كاتبة ورئيسة رابطة العلمانيين بسوريا) بضرورة ارتقاء الخطاب من خطاب عنفوي الى خطاب فكري وإعطاء قيم الحرية والمعرفة والابداع والتنوع وقبول الآخر الأهمية القصوى، فالمواطنون، مهما كانت انتماءاتهم هم شركاء في الوطن ولا يجوز لأي طرف أن يسعى للتحكم في الآخر.. وأضافت أن الهدف الأسمى للإنسان هو كسر القيود التي تكبح الإنسان عن الابداع بمعناه الشامل..


حتى لا نعيد انتاج الاستبداد
وحول الدور الذي يمكن أن تلعبه المعارضة في مسارات الانتقال الديمقراطي، شدد الإعلامي صلاح الدين الجورشي على أهمية وجود معارضة قوية وذلك حتى لا نعيد انتاج أنظمة الاستبداد.. أما بالنسبة لعضو حزب العدالة والتنمية المغربي عبد الصمد الصكال (الحزب الحاكم) فقد ذكر أن ضمان الاستقرار يكمن في النظام الملكي في حين أن المعارضة ترفض الحوار.. وعلى طرف نقيض منه، اعتبر الاعلامي المغربي علي أنزولا أن المخاض المغربي مازال في خطواته الأولى وأن الشارع المغربي فرض نفسه لأول مرّة كقوّة تفاوضية أعتى من كل المعارضات..
وبخصوص المعارضة السورية ذكر سلام الكواكبي أنّها مدّت يدها للسلطة التي رفضت الطرح وواصلت في حملة الاعتقالات والقتل حتى لم يعد هناك مجال للتحاور حول أي مشروع إصلاحي. وأضاف أنّ على أطياف المعارضة التي تكوّن المجلس الوطني السوري تحديد برنامج سياسي للداخل بهدف تجاوز الأزمة.

شيراز بن مراد

الخميس، 22 مارس 2012

شـــريـعــة؟

 تصفحت بانتباه البرنامج الذي قدمته حركة النهضة خلال الحملة الانتخابيّة ونبشت في الـ 365 نقطة المقترحة بحثا عن كلمة «الشريعة» التي نادى بها بصريح العبارة رئيس كتلة النهضة في البرلمان الصحبي عتيق خلال الوقفة التي نظمت أمام المجلس التأسيسي يوم الجمعة الفارط للمطالبة بـإدراج الشريعة في الدستور.. بحثت وبحثت لكني لم أر أثرا لذلك، بل وجدت مبادئ عامة ـ كالتي تضمنتها عديد برامج الأحزاب الأخرى ـ تنادي بمدنية الدولة (نقطة 10) وبضرورة وضع عقد اجتماعي جديد يقوم على التوافق والتشارك بين كل الأطراف (نقطة 12) وبالاعتصام بمقوّمات هويتنا العربية الإسلامية (نقطة 3) وبأهمية تجديد الفكر الإسلامي ليكون قادرا على مواكبة التطور (نقطة 4) إلى غيرها من المفاهيم العامة..
وبصراحة استغربت موقف الصحبي عتيق الذي أكّد في التسجيل المشار إليه «أنّ على من يرفض الشريعة، أن يراجع عقيدته».. فلماذا تخلى (هو) عن مبادئه ولماذا تراجع عن عقيدته حين وافق على البرنامج الذي قدمته الحركة التي ينتمي إليها ويعتبر من ابرز قيادييها؟ لماذا غابت «الشريعة» من برنامج حركة النهضة إذا كانت مطلبا أساسيا لا يمكن التنازل عنه وبما أنّها تدخل ـ حسب عتيق ـ في باب العقيدة؟ وكأنّ برئيس كتلة النهضة في البرلمان يحاول كسب ودّ أطراف جديدة لم يحسب لها حساب أيّام الحملة الانتخابية أو ربّما لأنّ إيمانه اكتمل بعد الانتخابات!
فهل غيّبت حركة النهضة مبدأ الشريعة عمدا وعن قصد من برنامجها من أجل «تجميل صورتها» ودخول معترك الانتخابات دون التعرض إلى ما قد يثير الخلاف والجدل؟
وأتذكّر في هذا السياق ما كان صرّح به عضو حركة النهضة عجمي لوريمي خلال ملتقى انتظم بفرنسا في شهر نوفمبر الماضي عندما سألته مسؤولة ألمانية إذا ما كانت النهضة ستطبق الشريعة، فلم يؤيد لوريمي ذلك بل أجابها: «نحن لسنا طالبان أو الصومال» بمعنى أنّ هذا الأمر غير مطروح عندنا..
لست أدري إلى أين يريد أن يقودنا رئيس كتلة النهضة في المجلس التأسيسي بموقفه هذا، هل نحو الدولة الدينية كما في إيران أو في افغانستان وهي نماذج لدولتين عُرفتا بعدم احترامهما لحقوق الأفراد وبقمعهما للحريّات..
نقول هذا ناهيك أنّ عدّة خبراء وأساتذة قانون وأبرزهم العميد الصادق بلعيد وعياض بن عاشور وسليم اللغماني وقيس سعيد وفرحات الحرشاني أشاروا إلى أنّه ليس من الضروري التنصيص على الشريعة في الدستور، فقد ذكر مثلا الأستاذ قيس سعيد أنّ إقرار مبادئ الشريعة الإسلامية جاء في الفصل الأوّل من دستور 1 جوان 1959، بينما صرّح الأستاذ سليم اللغماني أنّ هذا التنصيص يعني أنّ الدولة ستصبح دينية تحت غطاء مدني، وأمّا العميد الصادق بلعيد فقد ذكر أنّه «لا يجب أن نتصادم حول إذا ما كانت الشريعة مبدأ أساسيا للتشريع أم لا، فهذا ليس ضروريا للتقدّم في صياغة الدستور». ومن جهته حذر الاستاذ عياض بن عاشور من مخاطر إدراج الشريعة في الدستور لأنّها ليست محلّ توافق في حين أن صياغة الدستور تتطلب التوافق ولأنّ للشريعة تحتمل قراءات مختلفة... وبالنسبة لفرحات الحرشاني «فإنّ إدراج الشريعة الإسلامية بصفة صريحة من شأنه أن يخلق أسبابا جديدة للفتنة لم نعرفها من قبل. والذي يخيف هو ليس اللجوء الى المحتوى المادي للشريعة لأنّ القانون التونسي يستوحي مبادئ الشريعة في عدّة مسائل تتعلّق بالمعاملات والعلاقات بين العباد على مستوى جانب هام من الأحوال الشخصية والتعاقدية والحقوق والالتزامات. بل الذي يخيف هو أنّ التنصيص الصريح لمفهوم متغيّر يسمح لمذهب معيّن أو حتى لشخص عادي مقتنع بصحة تأويله أن يسعى لفرضه على الآخرين بما فيه من وسائل العنف والضغط أو حتى القتل والتهديد».  

 فهلا أعملنا عقولنا قبل الإقدام على مثل هذه الخطوات التي يمكن أن تؤدي بنا الى المجهول الذي قد لا تحمد عقباه؟

الخميس، 15 مارس 2012

الأستاذة حفيظة شقير تحذر من مخاطر تهدّد مكاسب المرأة وتدعو للتكاتف من أجل تكريس حقوقها

حذرت الأستاذة حفيظة شقير من المخاطر التي أضحت تهدّد مكاسب المرأة على غرار تعدّد الزوجات وإرساء الزواج العرفي ومشروع المأذون الشرعي، وطالبت خلال ندوة  نظمتها جمعية النساء الديمقراطيات حول دسترة حقوق النساء بضرورة تكاتف كل الجهود من أجل تكريس حقوق المرأة قائلة: «إنّ الديمقراطية لا تتحقّق إلا بتظافر جهود النساء والرجال من أجل بناء مجتمعات متوازنة تسودها الحريات والمساواة والعدالة»... وأضافت متسائلة: «إنّ ما نعيشه اليوم من محاولات لضرب مكاسب المرأة يدفعنا للتساؤل إذا ما كان المجتمع لا يتطور إلا بسلب حقوق النساء؟»
وقدمت السيدة حفيظة شقير النقاط البارزة من «دستور المواطنة والمساواة من خلال عيون النساء» الذي تمّ إعداده خلال المجلس التأسيسي الصوري الذي نظمته جمعية النساء الديمقراطيات في بداية شهر فيفري المنقضي.. ومن بين هذه النقاط نذكر:
ـ إقرار المساواة التامة والفعلية بين النساء والرجال
ـ إلغاء كل مظاهر التمييز المسلط على النساء سواء كان على أساس اقتصادي أو اجتماعي أو مدني.
ـ ضمان الحرمة الجسدية والمعنوية والجنسية لكل المواطنات والمواطنين وحماية النساء من العنف المسلط عليهنّ.
ـ تتحقيق العدالة الاجتماعية بإتاحة الفرص المتساوية بين النساء والرجال.
ـ ضمان الحق في التعليم العمومي الجيد والمجاني والإجباري على أن يهدف إلى تنمية الأطفال وازدهار الشخصية واحترام مبادئ الديمقراطية وحقوق الإنسان والعيش المشترك.
ـ إقرار حرية التفكير والخلق والابتكار وحماية المبدعين والمفكرين من شتى الإكراهات وضرورة اعتبار الثقافة مصلحة عامة..
ـ تطبيق مبدأ التناصف بين الجنسين كآلية دستورية لتحقيق المساواة في كلّ القوانين.
ـ إحداث مرصد لضمان حماية حقوق الإنسان للنساء والوقاية من العنف.
هذا وطالبت السيدة حفيظة شقير بضرورة تشريك جمعيات المجتمع المدني في عملية صياغة الدستور من خلال إسنادها دور «الملاحظ» مثلما هو معمول به في كلّ البلدان المتقدمة... كما شدّدت على أهمية التحسيس بالمبادئ التي تكرّس حقوق النساء لدى الأحزاب والجمعيات النسائية والرأي العام وذلك في إطار رؤية لمجتمع ديمقراطي لا يقوم على تكريس دونية المرأة
..

  • شيراز بن مراد

عجمي الوريمي (النهضة): «الاسلاميون سيبقون في الحكم لعقود»وزياد كريشان (مدير تحرير صحيفة المغرب) يرد: «انتهى الحكم مدى الحياة ويبدو أن الحكم مدى عقود سيعوّضه»

«ماهو دور الأحزاب الإسلامية في السلطة وماهو دور المعارضة»؟ حول هذا السؤال تجادل عضو حركة النهضة عجمي لوريمي مع الإعلامي ومدير تحرير صحيفة «المغرب» زياد كريشان خلال ندوة نظمتها مبادرة الاصلاح العربي مؤخرا بتونس..
وقد اتضح تباين وجهات النظر بين لوريمي وكريشان فبينما انبرى لوريمي يؤكد على إيمان النهضة بالديمقراطية وعلى تعهدها بانجاح الانتقال الديمقراطي موجّها اللّوم إلى المعارضة التي يجب في نظره أن تتخلى عن لعب دور الديكور بهدف تقديم بدائل، شخص كريشان الوضع القائم موجها نقده لحركة النهضة ومطالبا الحكومة بضرورة الوعي بدور «الأجهزة الوسطى» أي المؤسسات العسكرية والأمنية والمالية والاعلامية والقضائية في الحكم..

شدّد العجمي الوريمي على أهميّة التوافق حول مشروع وطني لأن الظرف الذي تمر به البلاد لا يتحمّل المزايدات.. وبينما وصف حركة النهضة بأنها داعمة للشرعية ومساندة للحكومة من خلال النقد، وجّه اللوم للمعارضة قائلا إنها مازالت تؤدي دورا سلبيا لا يقدم المقترحات والبدائل وطالبها بالمرور من معارضة الشعارات الى معارضة البرامج..
وذكر الوريمي أن هناك التقاء في الرؤى والافكار حول الهوية العربية الاسلامية للبلاد وحول النظام الديمقراطي ومواضيع الحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية راجيا ألاّ تحسم هذه المواضيع ـ خلال صياغة الدستور ـ بالتصويت لأنها تفترض توافقا موسعا..


«هويّة البلاد ليست في خطر»
وعرّج عجمي الوريمي على موضوع الهوية فأكد أن هوية البلاد ليست في خطر وأن المخاوف على الاسلام غير مبررة بل علينا ـ والكلام له ـ أن نخفف من الاستقطاب الإيديولوجي القائم حاليا بين التيار الديني والتيار الحداثي.. وصرّح أنه رغم المرجعية الاسلامية لحركة النهضة فهي في الموقع المناسب لاقحام البلاد في الحداثة السياسية، معتبرا أن الأولوية تتمثل في اقامة نظام ديمقراطي وايجاد تعددية حقيقية وضمان الحقوق والحريات للجميع..
واغتنم الوريمي الفرصة لـ «يمجّد» حركة النهضة قائلا على سبيل المثال إن مصطلح «نهضة» أصبح عالميا ويكفي أن تنقر محرك «غوغل» بحثا عن هذه الكلمة لتدرك عالميتها، وأضاف أن هناك توقعات ببقاء الاسلاميين في الحكم لعقود..
وختم الوريمي مداخلته بالتشديد على أن النهضة لن تكون الساعد الذي يهدم الديمقراطية بل إنّها ستساهم في وضع لبناتها الأولى وفي انجاح الانتقال الديمقراطي بالاشتراك مع حليفيها المؤتمر والتكتل بعد أن تحول التحالف بينهم الى ائتلاف استراتيجي..


«كيف للنهضة أن تتعهّد بتحقيق المطلوب؟»
أمّا مدير تحرير صحيفة «المغرب» زياد كريشان فقد تطرّق الى المسار الذي توخته حركة النهضة منذ 14جانفي.. إذ رأى أنّ الحركة تريثت بعيد الثورة معتبرة أن الوقت لم يحن بعد لحكم الإسلاميين ثمّ ظلت تغير موقفها تدريجيّا لتعبر عن مخاوفها من حدوث انقلاب على الديمقراطية (وهو ما صرّح به الشيخ الغنوشي خلال احدى الندوات الصحفية) وبمجرد وصولها الى الحكم دفعت بعدد من قيادييها وخاصة منهم «أصحاب الشرعية السجنية» لتولي مسؤوليات هامة وذلك دون أن تكون لهم خبرة بتصريف شؤون الدولة.. وتساءل كريشان كيف للنهضة أن تتعهد بأن يحقق وزراؤها المطلوب، وهم لا يقدرون على إنجاز شيء في ظرف سنة..
وبنظرة نقدية ذكر كريشان أن من يمسك بتلابيب السلطة يعتقد أن التغيير ممكن ويتناسى أن التغيير يمكن أن يأتي أيضا من قوى أخرى، كما ترى أطراف من الحزب الحاكم أن جلب الأموال من الأصدقاء كاف لخلق مواطن الشغل، وأنه ما دام الحكم صالحا، فسينجز ـ حتما ـ تغييرا جذريا وعميقا.. غير أنّ كريشان استشهد بما قاله له أحد وزراء السيادة ـ وهو من النهضة ـ عندما وصف المشروع التكميلي للميزانية بالمشروع الثوري في حين أنه ـ والكلام لكريشان ـ أقل طموحا من ميزانية بن علي.. وتساءل كيف يمكن لنسبة نمو تبلغ ٪3.5 أن تخلق 200 ألف موطن شغل ـ وهو الهدف الذي أعلن عنه الوزير ـ في حين أن المنطق الاقتصادي يقول إن نسبة نمو بـ ٪3.5 لا يمكن أن تخلق أكثر من 60 ألف موطن شغل..


«لهذا طوّرت النهضة نظرية المؤامرة»
وأشار كريشان الى «اكتشاف» النهضة وشريكيها أنّ «من يمسك الحكم في مستوياته العليا لا يمسك حقيقة الحكم والتي تكمن في الأجهزة الوسطى أي المؤسسة الأمنية والمؤسسة العسكرية ورجال الأعمال والمؤسسة الإعلامية والقضائية».. وقد تصادمت «الترويكا» الحاكمة مع كل الأجهزة الوسطى باستثناء الجيش وهو ما دفعها مباشرة إلى تطوير نظرية المؤامرة، فمن لا يمكنه تغيير الواقع الاقتصادي والاجتماعي ـ والكلام دائما لكريشان ـ يقول بأنّ أن هناك من يتآمر عليه.. ويواصل كريشان تساؤله قائلا: هل الإعلام هو الذي منع فضّ المشاكل؟ هل الإعلام هو الذي منع جلب السياح والاستثمارات؟..
وفي السياق نفسه كشف مدير تحرير صحيفة المغرب عن فحوى حديث جمعه بأحد الوزراء النهضويين حيث أفاده بما يلي: «كل ما نقوم به، تعترضون عليه، حتى أننا صرنا لانريد المبادرة»..
وختم كريشان مداخلته بالتأكيد على أن إشكال الاسلام السياسي في تونس يتمثل في رغبته المحافظة على أصوله الأولى والتي تضمّ تيارات مختلفة انطلاقا من السلفية غير المقاتلة وصولا الى ما يشبه بالحركة التركية، في حين أن إدارة الدولة تتطلب القيام باختيارات واتخاذ قرارات وهو ما قد يشرخ قاعدته الأصلية..

شيراز بن مراد

الصحافية نزيهة رجيبة (أمّ زياد) تدقّ نواقيس الخطر وتدعو المرأة إلى النضال من أجل مكاسبها

في نص كتبته بمناسبة اليوم العالمي للمرأة، دقت الصحافية نزيهة رجيبة ـ شهرت أم زياد ـ نواقيس الخطر حيث توجهت بالحديث الى المرأة قائلة: «أنت كنت دائما ولا تزالين ضحية صراع إيديولوجي حاقد وكريه لم يجد إلاّ جسدك ساحة لخوض حربه، فهذا يعرض مفاتنك ويهتك أسرارك ليبدو تقدميا متحررا، وذلك يقيس مساحة جلدك بالسنتمتر ليحدد لك اللحم الذي يدخل إلى جهنم واللحم الذي ينجو من جهنم، والحديث عن جنتك غير وارد».
وإثر هذه التوطئة، اعترفت نزيهة رجيبة بعجزها عن طمأنة المرأة التونسية في عيدها وتبديد مخاوفها لعدّة أسباب منها خيبة ظنها في «أصدقائها» الإسلاميين بسبب ما رأته من بداية الانقلاب على الوعود والتلويح بالعودة.. كما أشارت أم زياد إلى عدم تيقنها بصفة قطعية من أنّ حداثيي «الترويكا» سيقفون بحزم في حال انكشاف نوايا شريكهما غير الديمقراطية و للحداثة..
ولهذه الأسباب دعت نزيهة رجيبة المرأة التونسية إلى أن تناضل من أجل الحفاظ على مكاسبها رافعة عقيرتها بالصياح: «أطلب منك أن تكفي عن البكاء وأن تمسحي أنفك وتصلحي «ماكياجك» وأن تستبدلي الحذاء العالي بآخر خفيف يليق بالكرّ والفر، وأن تنزلي إلى الميدان للدفاع عن نفسك وعن بناتك وحفيداتك».
وبأوصاف رشيقة شبهت المرأة «بعماد البيت» وبـ«معلمة الأولاد» وبـ«السراج المنير الذي يظلم البلد من دونه» وبـ«اللبوة الشرسة التي يصعب إعادتها الى القفص»، كما ذكّرت كاتبتنا الملهمة النساء التونسيات بأنّ «صاحب الحق أولى بحمايته» وطالبتهنّ بتملّك مجلة الأحوال الشخصية التي مثلت منذ سنة 1956 مكسبا من أبرز مكاسبهن قائلة «قيل لنا إنّ مجلة الأحوال الشخصية كانت هدية لم نستحقها لأنّنا لم نعرق من أجلها، وإذا قدر الله وحدثتك نفسك الأمّارة بالتطرف فليس لنا إلاّ المواجهة وستكون تلك مناسبة لنعيد تملّك مجلتنا عن جدارة لا يرقى إليها التشكيك». وختمت رجيبة مقالها قائلة إنّها ستنزل من أجل المرأة التونسية ومن أجل حفيداتها إلى الميدان لـ«نريهم ما تفعل النساء، فالظلم لا يقع الا على من يقبله».
وفي هذه الرسالة تأكيد وقناعة بضرورة نضال المرأة من أجل صون مكاسبها وتذكير بأنّ صاحب الحق أولى بحمايته. نداء نزيهة رجيبة يجب أن يؤخذ على محمل الجدّ، فالمرأة التونسية التي ناضلت من أجل حقوقها منذ بدايات القرن الماضي لا يمكنها أن تصبح اليوم ـ بعد الثورة التونسية ـ «ديكورا تزين به الواجهات والوعود الانتخابية، وأن تسجل تراجعا في مكاسبها الإنسانية ليس إلاّ».

  • شيراز بن مراد

الخميس، 8 مارس 2012

«طواسين» لحافظ خليفة: حتى لا يعدم الحلاج ألف مرّة أخرى

«ماناش كفار.. ماناش زنادقة».. بهذه الكلمات التي تحمل أكثر من دلالة أسدل الستار على مسرحية «طواسين» للمخرج حافظ خليفة والتي عرضت في موفى الأسبوع الفارط بقاعة الفن الرّابع..
ومن خلال أربع شخصيات تاريخية (الحلاج، ابن عربي، السهروردي، قرمط) تروي مسرحية «طواسين» التي كتب نصها إبراهيم بن عمر تراجيديا العالم العربي القائمة على الإقصاء وعدم احترام الآخر..
فقد أعدم الحلاج وهو واحد من أبرز أعلام التصوف الإسلامي بعد أن اتهم بالكفر والزندقة وكان ذلك سنة 922 ميلادي بالعراق، كما قتل السهروردي وهو من أفقه علماء عصره بأمور الدين والفلسفة على يد الملك صلاح الدين بقلعة حلب سنة 1190 ميلادي بعد أن اتهم بالإلحاد. واتهم أيضا ابن عربي بالزندقة وهو من أشهر مشايخ الصوفية إذ كان يطلق عليه لقب «سلطان العارفين» و«الشيخ الكامل» و«البحر الزاخر» وغيرها من الألقاب التي تدل على سعة معرفته وإلمامه.
ومن خلال هذه الشخصيات الرموز، يدعونا المخرج حافظ خليفة إلى التأمل في مجتمعات حكمت على من خالفوها الفكر والرأي بالإعدام وبالقمع، وهو موضوع يطرح نفسه بإلحاح في الساعة الراهنة حيث أضحى إقصاء الأصوات المخالفة عملة متداولة.. وفي هذا التمشي المسرحي دعوة إلى التسامح وإلى التعايش بين كل التيارات الفكرية والإيديولوجية حتى لا تسود لغة الغاب وتصبح المشانق والمقاصل والتكفير قاعدة في التعامل..
وتماهيا مع ما عاشته الشخصيات المذكورة من إضطهاد وإقصاء، استنجد المخرج حافظ خليفة بمشهدية مسرحية مميزة شدّت انتباه المشاهدين أكثر من مرّة، منها ذلك المشهد الذي يظهر فيه الأبطال حاملين مصابيح مضيئة في ليل حالك وهو أشبه ما يكون بلوحة زيتية فائقة الرمزية والجمال.. وأمّا الثاني فهو ذاك الذي ارتطمت فيها سلاسل الجلادين بالأرض ليظلّ جسد الضحية يهتزّ المرّة تلو الأخرى في إشارة واضحة لحجم القمع المسلط على المعارضين.وفي هذا السياق استنجد المخرج ببعض من أبيات الحلاج يقول فيها:
اقتلوني يا ثقاتي •• إن في قتلي حياتي
ومماتي في حياتي •• وحياتي في مماتي
وقد كان لها وقع مؤثر لما فيها من شحنة إحساس بالظلم والقهر..
ولأنّ ما عاشه ابن عربي أو الحلاج او السهروردي مازال مطروحا رغم مضي قرابة 10 قرون على مماتهم، فقد اغتنم كاتب النص الفرصة ليطرح جملة من مواضيع الراهن على غرار جنون العظمة وتمسك الحكام بمناصبهم ووضع المرأة في مجتمعاتنا والعلاقة بين الدين والدولة وغيرها من المواضيع التي جاءت في قالب ساخر وكأن بكاتب النص يذكرنا كم هي تافهة بعض «القضايا» التي نستل من أجلها السيوف مقارنة بمسائل أسمى وأعمق كحرية الفكر ومكانة المثقفين في مجتمعاتنا ومصير أممنا..
باختزال، «طواسين» حافظ خليفة جاءت في شكل قُدَّاس زاخر بالجمال وبالدعوة إلى احترام المغايرين والمختلفين، فهناك تكمن إنسانيتنا.. ولو افتقدناها لخيّم الليل على ذواتنا ولانقطعت السبل أمام أنظارنا.

شيراز بن مراد

النائب المصري عمرو الشوبكي: لا خوف من جمهوريات الخوف التي أنتجها بن علي ومبارك

على هامش زيارة أديناها مؤخرا لمصر، اتيحت لنا فرصة محاورة النائب بمجلس الشعب عمرو الشوبكي وهو كاتب صحفي وباحث في العلوم السياسية وخبير بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية.. وكان عمرو الشوبكي، وهو مرشح مستقل في الدائرة الثالثة من محافظة الجيزة تغلّب على مرشح حزب الحرية والعدالة ليكون من ضمن الـ30 ٪ من التيارات المدنية الموجودة في البرلمان المصري.. توجهنا للشوبكي بأسئلة حول قراءته لتركيبة البرلمان ورؤيته لمستقبل الثورات العربية والانتخابات الرئاسية فكان الحوار التالي:
ما هي قراءتك لتركيبة البرلمان المصري بعد أوّل انتخابات نظمت عقب الثورة؟
هو برلمان يعبر عن اللحظة التاريخية التي تمرّ بها مصر، وتركيبته تقترب من تركيبة المجلس التأسيسي التونسي إلا في نسبة السلفيين.. فالاخوان المسلمين حصلوا على حوالي 43 ٪ بينما أحرز التيار السلفي على 25 ٪ والنسبة المتبقية كانت من نصيب التيارات المدنية من ليبيرالية ويسارية.. ويمكن القول أنّ المجتمع المصري، في هذه الانتخابات وفي هذا التوقيت، صوّت لفائدة المحافظة وفي المجمل في اتجاه اليمين المحافظ، وحتى التيارات المدنية التي صوّت لها فيغلب عليها الطابع المحافظ. وهذا يستحق التأمل.
وبغض النظر عن هذه التركيبة، أعتقد أنّ المهام الأولى لهذا البرلمان تتمثل في وضع أسس لنظام ديمقراطي حقيقي وفي صياغة دستور توافقي وفي إرساء دولة القانون وفي وضع آليات ديمقراطية تسمح، في نهاية الأمر، بأن تكون أي أغلبية قابلة للتغير في أي انتخابات قادمة.
ذكرت في مقال لك أنّ «مصر لا تريد شرطة إسلامية ولا جيشا ليبيراليا ولا قضاء سلفيا ولا خارجية يساريّة ولا إعلاما حكوميّا حزبيّا»، فكيف يمكن النأي بمصر عن هذه التجاذبات؟
أوّد أن أشير إلى أن مسألة تقاليد الدولة أمر هامّ جدا في بلد يصل فيه تعداد السكان الى 80 مليونا.. فالدولة الوطنية الحديثة التي أسسها محمد علي منذ 1805 لابد أن يتم الحفاظ عليها، وقد عرفت هذه الدولة جيشا وطنيا محايدا ـ كما شاهدنا أثناء الثورة ـ وأيّا كان الاختلاف مع المجلس العسكري، فإنّ الجيش لم يكن منحازا لأيّ طرف أو جيشا حزبيا أوإيديولوجيا كما يحدث ذلك في بلدان أخرى.. وبالتالي فإنّ المطلوب اليوم في ظل وجود حكومة لها لون سياسي وايديولوجي ذات طابع إسلامي، أن ننأى بمؤسسات الدولة عن أي توجهات حزبيّة، فنحن لا نرغب في أن يتحوّل الجيش الى جيش حزبي أو أن تتحوّل الشرطة الى جهاز شبيه بشرطة حماس.. نفس الشيء بالنسبة للقضاء الذي يجب أن نحافظ على حياده وللإعلام الذي يجب أن يكون مهنيا ومستقلا من خلال تشريعات جديدة تحمي هذه المؤسسات وتحافظ عليها.
تستعد مصر لإجراء انتخابات رئاسية خلال شهر جوان القادم، فمن هي برأيك الأسماء المؤهلة للترشح لهذا المنصب؟
هناك عدّة أسماء.. فمن أبرز مرشحي المنظومة التقليدية القديمة هو عمرو موسى وزير الخارجية وأمين عام جامعة الدولة العربية سابقا، والجنرال أحمد شفيق وزير الطيران المدني السابق.. وفي المقابل، هناك مرشحون ينتمون الى تيار الثورة أو كانوا جزءا من حركة المعارضة الوطنية في مصر وأبرزهم عبد المنعم أبو الفتوح وهو إخواني سابق وإسلامي مستنير وحمدين صباحي أحد قياديي الحركة القومية بمصر.
من بين هؤلاء المترشحين الأربعة، أعتقد أن عبد المنعم أبو الفتوح وعمرو موسى سيكونان أكثر حظوظا، إذ سيحاول عمرو موسى كسب دعم الاتجاهات المحافظة في المجتمع المصري والقوى القديمة والاتجاهات التي لا تتعاطف مع خطاب ثوري دائم.. أمّا عبد المنعم أبو الفتوح، فيستطيع أن يستقطب أصوات القوى والتيارات الجديدة فضلا عن جانب من التيارات الإسلامية ولا كلّها لأنّ هناك مرشحا آخر هو الشيخ حازم صلاح أبو إسماعيل وهو الأقرب من التيارات السلفية والمعبّر عنها.
ما هو تصوّرك لمستقبل الثورات العربية؟

ليست لديّ أيّ تخوّفات من صعود تيارات الإسلام السياسي لسدّة الحكم كما أنّي لست متخوّفا من إعادة إنتاج جمهوريات الخوف التي انتجها بن علي ومبارك في كل من تونس ومصر.. وأرى أن أهم شيء هو أن تصل هذه التيارات للحكم بفضل آليات ديمقراطية وأن تحترم هذه الآليات.. وهذا لا يعني أنّنا نجحنا بل إنّنا في أوّل طريق النجاح من حيث إرساء واحترام قواعد الديمقراطية والقيام بإصلاحات جذرية في مختلف مؤسسات الدولة ومحاولة خوض تجربة ناجحة في السياق العربي مثلما حدث في تركيا وماليزيا وأندونيسيا وألا نعيد تجارب الفشل التي عرفتها السودان وأفغانستان.
شاركت في لجنة تقصي الحقائق حول الأحداث الدامية التي شهدها ملعب بورسعيد والتي خلفت أكثر من 70 قتيلا، فما هي الاستنتاجات التي انتهيتم إليها؟
لئن كنا متعوّدين على أحداث الشغب في كل الملاعب العربية وحتى الغربية إلاّ أنّه لأوّل مرّة نرى شغبا يسفر عن موت أكثر من 70 شخصا.. وبالتالي فإنّ الموضوع مريب للغاية ومؤلم.. وما لاحظناه هو وجود تخاذل أمني مخل وصادم، إذ لم يقم بالحد الأدنى من واجباته في تأمين الحماية للمباراة.. كما ثمّة بعض المؤشرات غير المؤكدة تقول إنّ عدد من أعضاء الحزب الحاكم المنحل دفعوا بعض الأموال لعدد من البلطجية والخارجين عن القانون للقيام بهذه الجريمة.. في كلّ الأحوال نحن أمام كارثة حقيقية ولا يمكن أن نقلل من حجم المأساة وأرجو أن يحاسب المتخاذلون من رجال الأمن بأقسى عقوبة وأن يتم التيقن من تورط أشخاص من قيادات الحزب الوطني في هذه الجريمة.
ماذا تريد أن يقال عن أول برلمان انتخب ديمقراطيا في مصر بعد الثورة؟

أن يقال إنّه برلمان نجح في وضع أسس لدستور توافقي جديد، بمعنى ألا يكون امتدادا لرؤية حزب سياسي بعينه وألا يكون تعبيرا عن أغلبية موجودة في البرلمان وألا يدار بمنطق الحسابات السياسية الضيقة والحزبية.. فالدستور يجب أن يكون توافقيّا وأن يعبّر عن الأمّة كلّها وأن يحمي حقوق الجميع.

  • حاورته: شيراز بن مراد

نساء من بلادي

طُلب مني أن أذكر بعض الوجوه النسائية التي شاركت في الثورة التونسية، فقلت إنهنّ عديدات وقفن جنبا إلى جنب مع الرّجل وأحيانا قبل الرجل.
لن أنسى الكلمة الحماسية التي ألقتها الشابة كوثر العياري يوم 25 ديسمبر 2010 (عشرون يوما قبل سقوط بن علي) بساحة اتحاد الشغل والتي شهرّت فيها بفساد العائلات المتنفذة.. لن أنسى أيضا صورة المرحومة منال بوعلاقي التي قتلت بالرّصاص الحي يوم 8 جانفي 2011 في الرّقاب.
لن أنسى كذلك وجه تلك الفتاة التي كانت ترتدي فستانا رماديا والتي صرخت في وجه البوليس «خبز وماء وبن علي لا» خلال المظاهرة التي نظمت في «الباساج» يوم 10 جانفي 2011، ولا الصحافية فائزة الماجري التي واجهت قوات الأمن بكلّ رباطة جأش في المظاهرة نفسها...
لن أنسى وجوه أمهات بعض شهداء تالة اللاتي احتججن على المحاصرة البوليسية التي شهدتها مدينتهن يومي 8 و9 جانفي 2011 وعلى إطلاق الرصاص على جنائز فلذات أكبادهن.
وهل أنسى تلك الوجوه النسائية اللائي شاركن في وقفة 14 جانفي 2011 أمام مبنى وزارة الداخلية تعبيرا عن إرادتهن في إسقاط النظام.
لن أنسى كذلك المقاومة بشيرة بن مراد التي ناضلت منذ ثلاثينات القرن الماضي ضدّ الاستعمار وبغاية الارتقاء بأوضاع المرأة التونسية، هذا الإرث النضالي توارثته النساء التونسيات في جيناتهن جيلا بعد جيل... وإن نسيت فلن أنسى توحيدة بن الشيخ أوّل طبيبة تونسية تخرجت سنة 1936 لتمثل نموذجا تقتدي به الآلاف من النساء..
وكيف يمكن أن ننسى نضال المحامية راضية النصراوي والإعلاميتين نزيهة رجيبة ـ أم زياد ـ وسهام بن سدرين وهنّ لآلئ من لالئ هذا البلد... كما سنتذكر الدور الذي لعبته المدونة لينا بن مهني عندما قامت بنشر مقاطع فيديو تكشف حجم القمع الذي تعرّض له أبناء سيدي بوزيد عند اندلاع الثورة..
لن أنسى بطبيعة الحال نضال جمعية النساء الديمقراطيات عندما كنّ يواجهن اضطهاد نظام بن علي ولا الوجوه المشرفة اللاتي كنّ يدافعن عن قضايا المرأة صلب الجمعية على غرار خديجة الشريف وسناء بن عاشور وبشرى بلحاج حميدة وأحلام بلحاج وغيرهن كثيرات..
لن أنسى صانعات الخزف في سجنان والعاملات في مصانع النسيج وجامعات الزيتون اللائي يتحدين شظف العيش لتأمين قوت عائلاتهن، فضلا عن نضال نساء التعليم والصحة وهنّ من ضحين بالغالي والنفيس من أجل رفعة هذا الوطن..
لن أنسى كذلك آمال القرامي ورجاء بن سلامة وفاطمة حداد وآمنة بن ميلاد وألفة يوسف وهن استاذات جامعيات يشرفن هذا البلد ونخبته المثقفة.
ولن أنسى أيضا كلثوم كنو رئيسة جمعية القضاة ونجيبة الحمروني رئيسة نقابة الصحافيين التونسيين ومحرزية العبيدي نائبة رئيس المجلس التأسيسي ووداد بوشماوي رئيسة اتحاد الصناعة والتجارة وكلّ النساء اللاتي يناضلن، كلّ من موقعها من أجل مستقبل أفضل لكل التونسيين والتونسيات.
طبعا لن ننسى كذلك مسرح جليلة بكار وليلى طوبال وكتابات آمال المختار وسينما سلمى بكار وشعر جميلة الماجري وصوت سنيا مبارك ومنحوتات نجاة القريسي وكلّهن يهديننا بإبداعاتهن أمل غد أفضل.
أولئك هن بعض من نساء بلادي، نساء العزيمة والتحدي والشهامة، نساء مناضلات وأمّهات وعاشقات للعطاء وللحياة، نساء كادحات في البيت وخارج أسواره شغلهن الشاغل العيش الكريم وخدمة وطنهنّ، فهل يعقل اليوم أن نهدّد مكاسبهنّ وأن يحاول البعض التلاعب بما حققته المرأة التونسية منذ الاستقلال؟ سؤال نطرحه وكلّنا إيمان بأنّ نضال التونسيات، كلّ التونسيات سيتواصل رغم أنف كل المشككين والمعرقلين والرجعيين..
شيراز بن مراد

السبت، 3 مارس 2012

بعد أن حكم على المخرج الإيراني جعفر بناهي بـ6 سنوات سجنا و20 سنة دون تصوير لن تعدموا صوت أحرار السّينما!

«6 سنوات سجنا و20 سنة منعا من الاخراج ومن السّفر الى الخارج ومن اجراء مقابلات صحفيّة».. ذاك هو الحكم العبثي الذي قضت به احدى المحاكم الإيرانية على المخرج الإيراني جعفر بناهي في ديسمبر 2010.
ويذكر انّ السّلطات الإيرانية انزعجت من تصوير بناهي شريطا عن الاحتجاجات التي عقبت اعادة انتخاب الرئيس أحمدي نجاد سنة 2009 فلم تجد بدّا من مقاضاته بهدف اخماد صوته، مع العلم انّ جعفر بناهي يعتبر إلى جانب عباس كيورستامي ومحسن مخملباف من أبرز السينمائيين الايرانيين.
فكيف لمخرج ان يعيش اذا حرم من التصوير وبالتالي من التعبير عن رؤاه؟ وكيف للسلطات الايرانية التي تتشدّق بازدهار السينما الايرانيّة ان تصدر قرارا مماثلا فيه امتهان لمبدأ أساسي في أيّ عمل إبداعي وهو حرّية التعبير؟
ولأنّ عالم السينما مغامرة لا تعترف بالخوف فقد انجز جعفر بناهي ـ بمشاركة صديقه موجتبا ميرتامسب ـ فيلما وثائقيا عنوانه «هذا ليس فيلما» (يعرض حاليا بقاعة سينما حنبعل بالمنار) تطرّق فيه للمفارقة التي يعيشها بين حلمه وتعلّقه بالاخراج وبين إرادة السلطات لجم حرّيته السينمائيّة وحتى الجسدية بما أنّه ممنوع من مغادرة الأراضي الإيرانية لمدّة 20 سنة كاملة!
وينقل الفيلم يوما من حياة بناهي الذي بات ينتظر على صفيح ساخن تراجعا من السّلطات القضائيّة في حكمها الذي لا يقبله أيّ منطق، فمرّة يهاتف محاميته ليسألها عن مآل الحكم، وأخرى يعود الى مربّعه الوجودي وهو«انجاز الأفلام» فيسترجع مشاهد من أفلام انجزها سابقا ثم يقرّر ان يطلعنا على السيناريو الجديد الذي كتبه ويعلّق مازحا بأنّ القضاء لم يمنعه من حق قراءة السيناريوهات فيروي قصّة فتاة تدعى مريم يحرمها والدها من دخول الجامعة بعد ان اختارت دراسة الفنون الجميلة..
ورغم هدوئه الخارجي، نتحسّس حالة من الهيجان الدّاخلي او بالأحرى بركانا ابداعيّا يتغلغل داخل كيان المخرج الايراني وهو الذي اعترف بأعماله على المستوى العالمي حيث نال عدّة جوائز على غرار جائزة الأسد الذهبي لمهرجان فينيسيا السينمائي (فيلم «الدائرة» سنة 2000) وجائزة الدب الفضي لمهرجان برلين السينمائي («في التسلل» سنة 2006).. فكيف لحكومة أحمدي نجاد ان تغيّر مجرى حياته بحرمانه من التصوير وهو في عزّ العطاء؟
قد تبدو مسألة حرمان المخرج جعفر بناهي من ممارسة عمله متسلّطة ولكن العبثيّة تبلغ منتهاها عندما يحاكم القضاء اليوم في تونس الثورة قناة تلفزيّة لبثّها ـ لا انجازها ـ شريطا تخيلت فيه البطلة في طفولتها صورة الإله.. أفلم يحن الوقت كي نتحرّر من قيود الديكتاتوريّة التي اقتعلنا شيئا من جذورها لكنّها مازالت مصمّمة على استرجاع أنفاسها؟
ونختم بالشدّ على يد جعفر بناهي الذي يناضل بكاميراه ضد التهميش بمختلف أشكاله وخسئ رجال السياسة الذين داسوا على قيم الحرّية والحقوق من أجل الحفاظ على «كرسي السلطة».

  • شيراز بن مراد
...

أين نحن من مصلحة الوطن؟

أسئلة كثيرة تتصارع في أذهان العديد منا هذه الأيام, منها أين نحن من أهداف ثورة نادت بالحرية و الكرامة و العدالة الاجتماعية؟ أين نحن من هذه المبادئ وقد انحرفنا إلى قضايا هامشية ومواجهات غريبة ومزايدات مسيئة لإنجاز عربي رائد؟ حتى بتنا نتساءل هل سنطرّز رداء تونس الجديد بخيوط التضامن والتنمية والعمل والتعايش أم بخيوط التباغض والتصعيد والفرقة وخنق الحريات؟
كيف لنا أن نفض مشاكل البطالة والتوزيع العادل للثروات والتهميش وقد دخلنا في سجالات عقيمة تدل على قصر النظر وضيق الرؤية، وبعد أن لاحظنا السعي لإعلاء قضبان معاقل و أقفاص جديدة؟ وكيف لنا أن نقطع مع ممارسات الماضي السلبية و قد عادت لغة تهديد الأصوات المخالفة وتعنيف المحتجين في حين أنه ينبغي علينا أن نفتخر بها باعتبارها مؤشرا على ديناميكية مجتمعنا وعلى إحترامنا لكل الأفكار التي أنجبها أبناء هذا البلد...
لا أدري لماذا إنقلب سلم الاولويات فتناسينا البحث عن حلول لمشاكلنا التنموية ليصبح الشغل الشاغل لبعض مسؤولينا، محاولة قبر النموذج المجتمعي التونسي المنفتح والوسطي و تعويضه بنموذج مستورد لا يعترف بخصوصيات الهوية التونسية والتي هي نتاج لتراكمات امتدت على 3000 سنة من الحضارة؟ 

كما أجهل سر تحقيرنا لكفاءاتنا وخبراتنا ولكل من بإمكانه إفادة هذا البلد سواء بأفكاره أو بأمواله, بعد أن أمسك بزمام الأمور في وزاراتنا ومؤسساتنا مضطهدون ممن عانوا من ويلات النظام السابق.. فهل القضية في إعادة الاعتبار لفئة من المظلومين ـ ولو أنه ملف على غاية من الأهمية ـ أم في إعادة الاعتبار لكل المحرومين من أبناء هذا الوطن؟
كلنا يعرف لماذا قامت الثورة التونسية وما هي الأهداف التي ينبغي تحقيقها من كرامة ومساواة وحرية وتكافؤ الفرص لكلّ أبناء الشعب دون تمييز, لكن أغلبنا يجهل لماذا حدنا عن المسلك القويم ليصبح التصعيد هو اللغة السائدة و التراشق بالتهم هو أساس التعامل, ولعل حادثة «أكياس القمامة» التي وضعت أمام مقرات الاتحاد التونسي للشغل وما رافقها من تشنجات ومواجهات أمنية ليس إلا أحسن دليل على عجزنا عن تغليب الحوار واعتماده كبديل وحيد لتجاوز ما ينتصب على طريقنا من مطبات...
وفي الوقت الذي ما زالت فيه عديد المناطق الداخلية للبلاد التي طال تهميشها, تنتظر تحقيق الوعود من استثمارات وتوفير مواطن شغل ومرافق تضمن العيش الكريم, انصرف البعض منا إلى التحدث بمنطق الحرام والحلال وأهل الجنة وأهل النار بدعوى امتلاك الحقيقة المطلقة, وكأن مشاكلنا مشاكل دينية و كأن أرضنا أرض كفر آن أوان فتحها قبل الإقدام على أية خطوة أخرى, فهل نترك على جانب عصا الطاعة لنضع على رؤوسنا قبعة التضحية و العمل وإعلاء قيمة المواطنة حتى نتمكن من المضي قدما في تحقيق أهداف هذه الثورة الواعرة والجميلة...
سؤال آخر يطرح نفسه و هو متى سنتوقف عن لي أذرعة نخبة البلاد من حقوقيين و أساتذة و مفكرين؟ ألم نع بعد أن الأوطان لا تنهض ولا تتقدم اذا تخلت و قمعت فكر نخبها؟ أرجو أن نسترجع شيئا من رشدنا وإلاّ عاد إعصار الضحالة بأشكالها المختلفة ليجتاحنا وعندها ستزداد الامور تعقدا...
أين نحن من مصلحة وطننا الذي نحب, بعد أن اخترنا أن نحفر –بأيدينا- أخاديد سقوطنا بدل مدارج نهضتنا؟

شيراز بن مراد