الجمعة، 27 يوليو 2012

أحمد إدريس (أستاذ القانون ورئيس مركز الدراسات المتوسطية والدولية): الخوف من النظام البرلماني لا مبرّر له

ماهو النظام السياسي الذي سنختاره: هل هو الرئاسي أم البرلماني أم البرلماني المعدل؟ حول هذا الموضوع المركزي والهام، اختلف أعضاء لجنة السلطة التشريعية والسلطة التنفيذية صلب المجلس التأسيسي حيث تمسكت كتلة النهضة بالنظام البرلماني الصرف في حين طالبت بقية الكتل باعتماد النظام البرلماني المعدل الذي ينتخب فيه الرئيس مباشرة من الشعب كما يضمن توازنا بين رأسي السلطة التنفيذية (رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة).
وللتعمق في هذا الموضوع الشائك الذي ستكون له تداعيات هامة على المستقبل السياسي في تونس اتصلنا بالسيد أحمد إدريس أستاذ القانون ورئيس مركز الدراسات المتوسطية والدولية الذي أفادنا بالتوضيحات الآتية معتبرا أنّ الخوف من النظام البرلماني لا مبرّر له.


اللعبة ستنحصر بين النظام البرلماني والنظام البرلماني المعدل
في مستهل حديثه أشار الأستاذ أحمد إدريس إلى أنّ الخيار سيكون بين النظام البرلماني وبين النظام البرلماني المعدّل وذلك بعد أن أثبتت التجارب أنّ النظام الرئاسي فشل في كل البلدان التي اعتمدته ما عدا الولايات المتحدة الأمريكية.
فالنظام البرلماني الذي تتمسّك به النهضة ـ والكلام لمحدثنا ـ يفترض أن تكون السلطة بين أيدي نوّاب الشعب على أن تنبثق الحكومة من البرلمان وكذلك الرئيس... لكن ما العيب في هذا النظام؟ العيب هو أنّه في حالة حصول الحزب الفائز في الانتخابات على الأغلبية، فإنّه يشكل الحكومة التي يراها صالحة دون الحاجة إلى الأطراف الأخرى، أمّا إذا لم يحصل على أغلبية فيصبح الحكم مهدّدا بعدم الاستقرار على أساس أنّه سيلجأ للتحالفات التي يمكن أن تسقط في أي لحظة وبالتالي تسقط الحكومة.
 

الانتقاد الموجه للنظام البرلماني غير وجيه
ويواصل الأستاذ دريس تحليله قائلا: «لكن ما نلاحظه هذه الأيّام هو أنّ الأحزاب المعارضة للنظام البرلماني تنتقده على أسس أخرى وكأنّه باب للديكتاتورية وللتفرد بالسلطة بالإضافة إلى عدم الاستقرار... وهي ملاحظات مردودة على أصحابها وغير صحيحة... فلو ألقينا نظرة على الأنظمة البرلمانية في العالم، لوجدناها غير ديكتاتورية، بل هي منتخبة بطريقة ديمقراطية من قبل الشعب الذي يعطيها الأغلبية لتنبثق عنها الحكومة التي يمكن أن يوجه لها البرلمان لائحة لوم أوأن يسحب منها الثقة حسب الآليات المعتمدة».
 

هذا نضمن استقرار النظام البرلماني
ويستدرك محدثنا قائلا: «غير أنّه يمكن أن ندخل على النظام البرلماني بعض الآليات التي تضمن الاستقرار السياسي منها اشتراط أغلبية معززة (الثلثان) عند التصويت لإسقاط الحكومة أو اشتراط تقديم حكومة بديلة في حالة انسحابها.. ولو أخذنا مثلا النظام السياسي في ألمانيا وهو من النوع البرلماني الصرف، للاحظنا أنّه من أكثر الأنظمة استقرارا في العالم لأنّ آلية إسقاط الحكومة أو تعويضها متشددة..
أمّا الآلية الثانية التي يمكن اعتمادها فتتم عبر خلق توازن أكبر بين السلطات من خلال منح السلطة التنفيذية رأسين ـ بخلاف النظام البرلماني الصرف الذّى يعترف برأس واحدة وهو رئيس الحكومة ـ اي توزيع صلاحيات الحكم بين رئيس الحكومة ورئيس الدولة، ويمكن دعم هذه الآلية أكثر من خلال انتخاب رئيس الدولة بطريقة مباشرة من قبل الشعب، وهنا يمكن أن نستشهد بالنظام البرتغالي وهو نظام برلماني يتم فيه انتخاب الرئيس بطريقة مباشرة على أن يكتفي بصلاحيات تحكيمية ـ فقط ـ بين السلطات..
 

النظام الانتخابي السابق هو الأكثر تمثيلية للمشهد السياسي
كما عرّج مخاطبنا على نظام الاقتراع (والجدير بالذكر هنا أنّ نظام الاقتراع الذي اعتمدناه في انتخابات 23 أكتوبر هو نظام الاقتراع النسبي باحتساب أكبر البقايا) قائلا إنّه لو أردنا تمثيلية واسعة لمختلف مكوّنات الطيف السياسي، فيجب الإبقاء على النظام المعتمد في انتخابات 23 أكتوبر ومضيفا أنّ أية محاولة للمساس بهذا النظام تترجم رغبة الأقوى في أن يصبح أقوى.
وفي خاتمة حديثه صرّح لنا الأستاذ إدريس بما يلي: «في نظري الخوف من النظام البرلماني غير مبرّر، والانتقادات الموّجهة له غير وجيهة ولعلّ الخطاب الذي نسمعه الآن هو خطاب سياسوي، فمن يعارض النظام البرلماني لا يعارضه في حدّ ذاته بل يعارض بصفة غير مباشرة خيار حركة النهضة.. خلاصة القول إنّ الإدعاء بأنّ النظام البرلماني يؤدي للانفراد بالحكم ليس في محله ».


شيراز بن مراد

الخميس، 19 يوليو 2012

En attendant Babylon


Il y a tout juste quelques jours de cela, Babylon film réalisé par les trois jeunes cinéastes Alaeddine Slim, Ismail Louati et Youssef Chebbi raflait le Grand prix de la Compétition internationale du festival international de cinéma FIDmarseille 2012.

Les échos parvenus à Tunis depuis la rive nord de la méditerranée sont laudateurs… Hicham Fallah, coordinateur général du Festival International de Documentaire à Agadir a qualifié le film d’objet filmé non identifié. Il dit être sidéré par sa forme poétique qui propose « une alternative cinématographique radicale au traitement télévisuel des révolutions arabes ». De son côté, le critique de cinéma Tahar Chikhaoui a vu dans le film une leçon d’humilité qui découle d'une nécessité morale : se mettre au service des êtres, des choses, du temps, du lieu, bref du monde. Chikhaoui évoque aussi cette capacité qu’ont eu les réalisateurs à choisir « l'image première, la toute première, j'entends celle qui advient en premier, proche justement de l'ombre, at-tenant aux êtres, celle qui précède sa signification… Il fallait nécessairement, dans cet élan vers l'essentiel des êtres, laisser remonter, comme tout seul, le méta-récit, celui des êtres premiers. Babylon justement. Justement intitulé.  ». The Hollywood Reporter a pour sa part, considéré le film d'un intérêt significatif pour « ses audacieux aspects esthétiques et philosophiques et pour sa valeur inestimable évidente en tant que document historique ».

Mais de quoi traite donc Babylon, ce film attendu pour la rentrée prochaine dans nos salles de cinéma ? Les trois réalisateurs Alaeddine Slim, Ismail Louati et Youssef Chebbi disent avoir souhaité poser leurs regards sur un fragment de Tunisie qui vivait un moment différent, un événement autre du reste du pays : les camps de réfugiés nés de la Révolution Libyenne. Et de continuer : «  nous avons préféré interroger l’ailleurs qui était en nous. Le monde qui était en gestation à l’intérieur même de ces bouleversements qui intéressaient la planète entière et que la planète entière regardait se faire. Nous sommes donc allés passer trois semaines dans ce monde et avons filmé Babylon ».

Il est aussi intéressant de signaler l’approche décalée qui a été adopté par nos trois réalisateurs qui parlent en fait d’une « proposition aux antipodes de l’imagerie médiatique » et qui s’interrogent sur le sens du cinéma « s’il n’invente pas l’inconnu ».

Les réalisateurs évoquent aussi un exil filmique. Un exil qui leur a permis de s’imprégner de ce monde évanescent : « nous avons laissé ce monde nous pénétrer, couler lentement dans nos images, car le sentiment était prégnant que ce qui était en cours de s’y vivre était le concentré d’émotions, de mécanismes et d’histoires, de ce qui se passait à échelle plus globale. L’effervescence que le monde était en train de vivre était là : le chaos, le mouvement, les senteurs, les variations. Ce n’était plus un événement plutôt homogène sur-filmé, c’était une explosion de vie tout à fait singulière et tragique, que nous étions en train de filmer ».

Le cinéaste Hichem Ben Ammar, quant à lui, nous propose une lecture différente. En effet, il a vu dans Babylon un « témoignage qui relate l’une des tragédies de notre temps et qui suscite l’intérêt car il explore des territoires purement cinématographiques avec une écriture tournée vers l’expérimentation qui se base sur le doute, assume la fragilité, l’ignorance, l’incomplétude ». Et de poursuivre : « sa force vient de la confiance qu’il place en la capacité de l’humain à résister et à survivre dans le chaos. Là encore, une référence au mythe de Babel impose ce film non comme un simple document à valeur archivistique mais comme une œuvre au sens fort du terme porteuse d’une vision sur le cinéma et sur un monde sans cesse menacé ».

En attendant la projection de Babylon en Tunisie ; Alaeddine Slim, Ismail Louati et Youssef Chebbi auront crée avec leur couronnement un espoir. L’espoir d’un cinéma novateur, qui interpelle l’humain et qui incite à porter un regard différent sur nous et sur l'autre. Il est à rappeler que Babylon récipiendaire du grand prix du FID Marseille 2012 n’a bénéficié d’aucune aide et a été totalement financé par Exit production.

Chiraz Ben M’rad

الأربعاء، 18 يوليو 2012

"ماتيلد ب" لنضال قيقة: رسالة أخيرة من زوجة بورقيبة الأولى

من منا يتذكر ماتيلد أو مفيدة بورقيبة, الزوجة الأولى للزعيم الحبيب بورقيبة؟ قد لا نعرف عن حياة هذه الفرنسية التي تجنست واعتنقت دين الاسلام الكثير, لكننا يمكن أن نستشف تعلقها بتونس ووقوفها الى جانب الرئيس بورقيبة في معركة تحرير البلاد وبناء الدولة الحديثة...

عن هذه المرأة التي غادرتنا في صمت سنة 76, رسمت الكاتبة نضال قيقة لوحة مائية حاكت فيها شيئا من مواقف وأحاسيس إمرأة عرفت بحبها لتونس لتقدمها في شكل نص نثري صدر مؤخرا عن دار الجنوب للنشر في كتاب باللغة الفرنسية يحمل عنوان "ماتيلد ب"... وإذ كنا لا نعرف أين تتوقف الحقيقة وأين يبدأ الخيال فقد شدنا في هذا المؤلف تعلق الشخصية الرئيسية بمجرى الأحداث التي عرفتها تونس كما شدنا شوقها الى الأنوار والروائح والأشخاص الذين رافقوها طيلة حياتها...

وقد جاء الكتاب على لسان ماتيلد بورقيبة التي استرجعت ورقات من حياتها الآفلة قائلة إنها ترفض النسيان "فعندما ننسى, نسمح للتاريخ بأن يكرر نفسه"...
« Pourquoi vous oubliez ?
Quand on oublie, on permet à l’histoire de récidiver »

تتكلم ماتيلد من بيتها الذي عاشت فيه الحب والنضال و المرض والوحدة فتستحضر ذكرياتها مع بورقيبة وتضحيته من أجل استقلال وطنه وتحرر شعبه ملقية في نفس الوقت نظرة نقدية الى ما آل اليه النظام البورقيبي من استبداد واضطهاد لمعارضيه...

ثم تتساءل الروح الغائبة... تتساءل عن الحداثة التي أراد بورقيبة ارساءها في تونس, فماذا تبقى منها وما هو مستقبلها بعد الثورة؟ وهل ستتناقل نساء تونس شيئا من الإرث البورقيبي؟ معربة عن اصابتها بحالة اختناق من جراء ما يحدث من محاولات لاستهداف الحريات.

كما تسترجع ماتيلد بورقيبة تفاصيل بسيطة من الحياة كولادة طفل أو رائحة القوارص المميزة أو استضافتها لبعض المقاومين أو بالعكس أحداث مؤلمة كإصابة النقابي وأستاذ الفلسفة "بوزو" بالجنون أو طرد الشاب طارق من المعهد بسبب معارضته لبورقيبة أو فرار صديقتها "روزا" من فرنسا بعد فوز الألمان لتقول أن التاريخ يصنعه أيضا الناس البسطاء بنضالهم اليومي ولو تناستهم كتب ومجلدات التاريخ ليتلاشوا شيئا فشيئا من الذاكرة..

والى جانب الرسائل التي مررتها الكاتبة على لسان ماتيلد بورقيبة, تدفعنا الكاتبة للتساؤل اذا ما كانت هناك حياة بعد الموت؟ وهل يبقى الموتى على صلة بعالم الأحياء؟ هل يصلهم عبق الياسمين وصوت تدفق الأمواج وما تضج به قلوب الأحبة والأصدقاء؟ أسئلة خافتة وصارخة في آن واحد تمس صميم الروح لما فيها من استحالة تواصل ظاهرية ومن توق لهدم الحواجز الخفية بين عالم من "مازالوا هنا" و عالم من "غادرونا الى مرقدهم الأخير"..

في "ماتيلد ب", نفضت نضال قيقة الغبار عن شخصية هامة في حياة الحبيب بورقيبة لترسم بريشتها أوجها وملامح من رفيقة درب الرئيس الراحل في محاولة لاستجلاب رحيق حياة إمرأة أحبت زوجها المناضل كما أحبت تونس, الأرض التي احتضنتها بطيبة ناسها وبنبل قضيتها.  فهل نفذت أشعة نور نضال قيقة الى حيث تنام ماتيلد مفيدة بورقيبة نومتها الأبدية؟

شيراز بن مراد
صورة هند تقية

الخميس، 12 يوليو 2012

لماذا انزعجت الحكومة من تصريحات الهيئة الوطنية لإصلاح الإعلام؟

كردّ فعل على إعلان الهيئة الوطنية لإصلاح الإعلام التي يرأسها السيد كمال العبيدي وضع حد لعملها بعد ملاحظتها «غياب خطوات عملية تعكس إرادة سياسية حقيقية لإعلام حرّ ومستقل وملتزم بالمعايير الدولية»، دعا المستشار الإعلامي لرئاسة الحكومة لطفي زيتون الهيئة إلى النأي بنفسها عن التوظيف السياسي.. وهو موقف لا يمكن إلا أن يعكس انزعاج الحكومة من البيان الذي أصدرته هيئة إصلاح الإعلام والذي عبرت فيه عن امتعاضها من عديد المسائل ورفضها أن تكون «مجرد ديكور في الوقت الذي يتواصل فيه تراجع القطاع»..
 

وقد دعت هيئة إصلاح الإعلام في بيانها «كافة المعنيين في المجتمع المدني للدفاع عن حق المواطن في إعلام حر ومستقل وإلى التحرك من أجل حماية هذا الحق الذي أصبح مهددا أكثر من أي و قت مضى منذ إزاحة الرئيس السابق».. كما عبرت الهيئة عن أسفها من استمرار رفض الحكومة اعتماد المرسوم 116 الذي ينظم حرية الاتصال السمعي والبصري معتبرة أن هذا الرفض «أفرز فراغا قانونيا فسح المجال لاستباحة المشهد السمعي البصري».. وشبهت الهيئة الوطنية لإصلاح الإعلام في البيان نفسه تسمية الرؤساء المديرين العامين للمؤسسات الإعلامية العمومية بما كان يحدث في العقود الماضية.
 

وهو ما لم تستسغه رئاسة الحكومة التي أعربت في بيان صادر عنها أنها «اُتهمت باطلا بالرقابة و التضليل» مضيفة أن «ما زاد الطين بلّة أن تلعب الهيئات التي تناط بعهدتها مهمة الدفاع عن حرية الإعلام وتنوع المشهد الإعلامي، دور المدافع المستميت عن أحادية المشهد الإعلامي، متجاوزة في ذلك، الحدود الوطنية الى محاولة تكميم المؤسسات الإعلامية التي دفعتها سياسات الهيئة المنحازة الى البث من خارج البلاد بعد حرمانها بغير وجه حق من الترخيص»..
 

يبدو إذن ـ من خلال المصطلحات والعبارات المستعملة من كلا الطرفين ـ أنّ لغة الحوار انقطعت نهائيا بما لا يفسح المجال لأي تعامل مستقبلي بعد أن خلنا أننا قطعنا مع عقلية التنافر وإلقاء التهم والنرجسية المرضية التي يعاني منها عدد من مسؤولينا.. نأسف حقا لانقطاع جسور التواصل بين الحكومة والهياكل المعنية بالشأن الإعلامي بما يزيد في تعميق الأزمة التي يعاني منها القطاع على عدة مستويات (الاستقلالية ـ غياب القوانين ـ التسميات ـ معضلة الإعلانات الحكومية..)
 

وحتى لا ندخل في التبريرات الواهية والحسابات السياسية الضيقة، نرى أنه من الضروري أن تستمع الحكومة ـ لا أن تنزعج ـ لكل الملاحظات الواردة عليها وأن تثق بخبرات هذه البلاد وكفاءاتها مهما كانت انتماءاتها حتى لا تدخل في غيبوبة الهتافات المباركة ومعسول الكلام الذي لن يجديها ويجدينا نفعا.. إنّ الأصوات الناقدة المتأتية من مختلف هيئات المجتمع المدني هي بمثابة قوارب نجاة لو تخلينا عنها سنجد أنفسنا أمام مآزق كبرى لا قدر الله...
 

فلنكف عن هذا الإقصاء ولنعمل على إشراك كل كفاءات القطاع الإعلامي حتى نتمكن من إيجاد أنسب الهياكل وأفضل القوانين وأنجع الوسائل لضمان إعلام تونسي حرّ ومستقل ومهني يخدم مصلحة تونس وحدها، لا مصلحة الأحزاب والحسابات الضيقة.

شيراز بن مراد

الثلاثاء، 10 يوليو 2012

في افتتاح مهرجان الحمامات: رجاء بن عمار تحذر من العودة إلى المربع المعادي للحريّات

  • «كايني في نفس البقعة
    كاينهم لاماتوا
    لا تقتلوا... لا تجرحوا
    البطال مازال بطال
    شبيها الحكاية تعاودت من الأول؟!»

     
    على امتداد طريق طويلة مفعمة بالأمل وبالشك وبالعراقيل، سارت رجاء بن عمار ومعها سار منصف الصايم وعدد من الممثلين ليقصّوا علينا ـ على طريقتهم ـ الثورة التونسية منذ اندلاعها في الرديف سنة 2008.
    قراءة خاصة سهرت على تقديمها رجاء بن عمار في افتتاح الدورة 48 لمهرجان الحمامات الدولي ولسان حالها يقول: «حذار حذار» فقد عدنا إلى المربع الأول، مربع معاداة الحرية وقذارة اللعبة السياسية والعنف الأعمى وقمع المحتجين...


    تدور رجاء بن عمار حول نفسها كما نورس طليق فتدعو إلى التآزر واليقظة واسترجاع الذاكرة حتى لا يعود إلى أسماعنا وقع أقدام الديكتاتورية وصخب احتفالات السابع من نوفمبر وما إلى ذلك من قمع للحريّات العامة والشخصية..

    وفي مشهدية مسرحية مدروسة، نام على يسار الركح كهل على مكتبه وتراكمت فوقه خيوط العنكبوت ليستفيق من غفوته سنة 2008 عندما التهبت منطقة الحوض المنجمي بأصوات أبنائها الذين نادوا بالعيش الكريم.. أمّا على أقصى اليمين، فإجتمعت ثلة من الشبان في لوحة سريالية حول «مركبة فضائية» قد تأخذهم بعيدا عن العالم السفلي بما فيه من عقليات ضيقة وإقصائية..
     

    وبين هذا الطرف وذاك، عبرت رجاء بن عمار والفرقة المصاحبة لها ـ فوق طريق معبدة ـ عما يختلج في صدورهم من مخاوف وانتظارات «فأعداء الحرية هنا»، ودعوا الناس إلى أن يتكلموا حتى يحافظوا على إنسانيتهم وأن يفضلوا الموت على الخنوع والركوع..

    وكما استنجدت مخرجة العمل بريبرتوار موسيقي متنوع وجميل، استضافت شعر زياد الرحباني الثائر والمثير الذي وصف ملوك العرب ب«تماسيح الرمل الأصفر» و«المؤجلين من البشرية» و«الموظفين بالهزيمة» لتستنكر بدورها مشاعر وقيم «أمم متخصصة بالذل» مثلما جاء في كلمات المقطع الشعري...


    وبالطبع كان للكوريغرافيا نصيب لا بأس به من المتن المسرحي إذ عبّرت الأجساد عما عجزت عنه الألسنة من توق للحرية وللتضامن ورفض للمكبلات وللتدجين
    ، كل ذلك بجمالية فائقة تفاعل معها الجمهور بكثير من الحماس..

    في «فايسبوك» حلّقت رجاء بن عمار وفرقتها عاليا على المستوى الاستيتيكي لتدعو المشاهدين، عبر الكلمة والصورة والموسيقى والشعر والجسد، الى ضرورة انتباه العقول حتى لا نعود الى نقطة الصفر..

    شيراز بن مراد

الخميس، 5 يوليو 2012

هل تسقط الثورة الطلاّبية نـظـام عمـر البشـيـر؟

أسئلة عديدة باتت تطرح نفسها بعد الاحتجاجات الطلابية الأخيرة التي شهدتها عدة مدن سودانية ومنها الخرطوم وأم درمان وبحري.. فهل هي بوادر ثورة سودانية تأتي في إطار الحراك الثوري العربي أم هي تعبير عن رغبة حقيقية في إسقاط نظام عمر البشير الذي جثم على قلوب السودانيين طيلة 23 سنة؟
 

فقد خرج آلاف المحتجين في مسيرات سلميّة تندّد بارتفاع الأسعار بعد أن أعلنت الحكومة السودانية خطة تقشف ألغت بمقتضاها الدعم الذي كانت تخصصه للمواد الأولية وللمحروقات مما أدى إلى ارتفاع أسعار الوقود بنسبة50 ٪.  وبإستنفار أمني مبالغ فيه، واجهت قوات الأمن المحتجين مما أدى الى إصابة المئات منهم وفي اعتقال قرابة الألف شخص بعدما استعملت الشرطة السودانية ـ حسب شهود عيان ـ الهراوات والغاز المسيل للدموع والرصاص المطاطي لقمع المتظاهرين..

وذهب نافع علي نافع مساعد رئيس الجمهورية إلى اتهام دوائر صهيونية بإثارة مظاهرات مناهضة للحكومة واستغلال القرارات الاقتصادية الأخيرة لتخريب السودان أمنيا وسياسيا... غير أن الحركات المنادية بالاحتجاج على غرار حركة «قرفنا» و«شباب من أجل التغيير» و«كفاية» أكدت عكس ذلك حيث أفادت حركة «قرفنا» أنّ جامعة الخرطوم هي «القلب النابض للثورة السودانية» وأن التحركات طلابية بالأساس وجاءت على خلفية الاجراءات التقشفية الأخيرة التي تسببت في التهاب الأسعار، وفي هذا السياق صرّح هشام بلال المسؤول عن الدروس في جامعة الخرطوم أن «الجوع يستجلب الغضب الذي يمكن أن يفضي إلى احتجاج اجتماعي شامل».. كما عبّر ميرغني بن عوف في موقع «سودانيل»، في مقال يحمل عنوان «الربيع العربي لن يستثني السودان» عن عجز السودانيين عن الاستمتاع ببلدهم متسائلا: «هل كتب لهم أن يعيشوا أحياء في مقابر العدم والفاقة»؟
 

والى جانب المطالب الاجتماعية، عبّر المحتجون عن غضبهم من تصريحات المسؤولين السودانيين حيث انتظمت يوم الجمعة الفارط (29 جوان) مسيرة تحت عنوان: «جمعة لحس الكوع» وذلك كردّ فعل على تصريح نافع علي نافع الذي قال فيه: «المنادون بإسقاط نظام البشير عليهم أولا لحس كوعهم»، واستعرض أمل فايز الكردفاني في مقال نشر على موقع «سودانيز أونلاين» الأخطاء التي ارتكبها عمر البشير لينهي مقاله بالجملة الآتية: «سيد الرئيس.. لو أن مياه نهر النيل مداد لكلماتي لما نفدت، ولكني أقولها باختصار: لن نقول إنّك فشلت ولكننا نقول إنّك لم توفّق في إدارة الدولة... فترجل كفارس شجاع... وارحل بكرامة النبلاء». ومن المنتظر أن تخرج غدا الجمعة 6 جويلية مسيرة احتجاجية  تحت اسم  "جمعة شذاذ الآفاق" ردا على تصريحات الرئيس السوداني عمر البشير الذي  وصف فيها المتظاهرين بأنهم "شذاذ آفاق" أي غرباء لا وطن لهم.

فهل تجهض حكومة البشير أحلام ومطالب شباب السودان التائق إلى الحرية والكرامة والعيش الكريم، أم تنتصر الثورة السودانية لتسقط حكم البشير وتنجح في «إخراج سموم الباطن التي تراكمت على مدى 23 سنة كبيسة من الآلام والأوجاع والتعذيب والآهات» مثلما كتب عباس خضر في موقع «سودانيز أونلاين»..
شيراز بن مراد