الثلاثاء، 23 أبريل 2013

المسرحي حافظ خليفة يقدم العرض الأول لمراحيل بتطاوين



يقدم المخرج المسرحي حافظ خليفة العرض الاول لمسرحية “مراحيل” بالمركب الثقافي بتطاوين وذلك يوم 27 افريل على الساعة 20.30 عن نص للكاتب القدير علي دب وسينوغرافيا واخراج حافظ خليفة. وتتمثل حكاية المسرحية في تتبع لاسطورة أهل الكهف حيث تلتقي مجموعة من الشخصيات بعد هروبها من خطر داهم وحالة خوف عارمة في كهف مظلم ويبحثون عن الحل للهروب.. يختلفون.. يتألمون.. يتذكرون الماضي ويحلمون بغد أجمل.. يحاولون الهروب مرة أخرى من الحصار لكنهم يرجعون للكهف و يقررون البقاء فيه ثم النوم.

وترتكز النظرة الاخراجية لمراحيل على فكرة أساسية وهي ان ما يعيشه عالمنا الان وخاصة بعد الثورات العربية من تغيرات وتناقضات ومن ظواهر وتصدع فكري وسياسي يجعلنا نتساءل عن مصير الانسان العربي عموما والتونسي خصوصا.. ولهذا اعتمد حافظ خليفة على اسطورة أصحاب الكهف باعتبارها ارثا انسانيا وحضاريا من شأنها أن تزودنا بما نحن في حاجة له لنقول ما نريد على هذه الحال المتردية التي يعيشها الانسان العربي الآن وهنا (اليوم).

ويذكر حافظ خليفة انّ الفريق الذي إشتغل على “مراحيل” انطلق من عديد المواقع سواء من خلال هوية المكان باعتبار ان العمل أنجز في جهة تطاوين بالقرب من قرية شنني الحاضنة لموقع الكهف والرقود السبعة وكذلك من خلال العمل مع الطاقات الهاوية باعتبارها معينا للمخبرية والتجريب. ويطرح هذا الكهف، وفق النظرة الإخراجية لمراحيل، اشكالا سيسيولوجيا وسياسيا ونفسيا ألا وهو، ونحن امام كل هذه التناقضات والاضطرابات والفوضى الامنية ما بعد الثورات: هل اصبحنا نعيش في كهف مظلم لا مخرج منه؟ ام يجب ان نبحث عن كهف كي نلجأ اليه من خطر كل هذه التيارات المتضاربة و خاصة منها التي تريد سلب و مصادرة الفكر الحر؟

وعلى مستوى الشخصيات، سيضرب متابعو المسرحية موعدا مع سبع شخصيات تمثل مختلف شرائح المجتمع التونسي خاصة والعربي عامة وهم:
الشيخ اقليد : العالم و الحكيم و المفكر
كيداد : المعلم و المثقف
كاسوم : العامل البسيط
مايا : الراعية البسيطة
دينا : الراهبة المتدينة
عيرام : السائغ و التاجر
فيراف : العبد الأبكم

وبصفة عامة يحاول هذا العمل، وفق ما جاء في جذاذته التقديمية، تقصي ومكاشفة حالنا بعد الثورات والتركيز عن فترة ما قبل النوم لأصحاب الكهف والبحث عن حلول او الاستشراف للمستقبل المبهم والغامض و لخوف كل الخوف ان تنتهي بسبات عميق لمجتمعاتنا العربية بعد ما قامت به من ربيع الذي امسى شتاء حالكا. مع السعي الى تقديم ثمرات عمل مخبري مع الهواة يرتكز على قواعد علمية واكاديمية وجمالية صرفة.
الجذاذة الفنية لمراحيل 
اسم العمل : مراحيل
الهيكل المنتج : جمعية مهرجان عمر خلفت للمسرح بتطاوين
بدعم من اللجنة الجهوية للثقافة بتطاوين و بالتعاون مع المركب الثقافي بتطاوين
مدة العمل : 60 دقيقة
الجمهور المستهدف : الكهول
نوع العمل : درامي تجريبي
كاتب النص : علي دب
سينوغرافيا و اخراج : حافظ خليفة
مساعد مخرج : منير هلال
تمثيل : علي قياد – أنور بن عمارة – رياض رحومي – كامل حداد – مسعودة الزرقاني – محمد قمعون – اسماء بن حمزة
توضيب عام : منير القاصر
توضيب انارة : مروان كمباص
توضيب موسيقى : شكري قمعون
انتاج : افريل 2013
الاتصال : ناصر المكي
+ تعرض المسرحية يوم 2 ماي في مهرجان فرجاني منجة بقابس، كما ستُقدم في إطار سلسلة عروض بالعاصمة ايام 31ماي و1 و2 جوان بقاعة الفن الرابع.
 شيراز بن مراد

فيلم «عرائس مكسرة».. بحري بن يحمد: إعاقة الدولة أكبر من إعاقة جرحى الثورة



في مبادرة تنم على حسّ انساني عميق، قدم المخرج الشاب بحري بن يحمد يوم السبت الفارط العرض الاول لفيله القصير «عرائس مكسرة» الذي تشاركه فيه الممثلة نجوى زهير.. ومن خلال هذا الفيلم يلفت بحري بن يحمد نظرنا للمعاناة النفسية التي يعيشها  عدد من جرحى الثورة، فإلى جانب جروحهم ومعاناتهم الجسدية، يقاسي بعضهم من نظرة المجتمع ومن العقليات التي لا ترى فيهم أبطالا ساهموا في إنجاح الثورة بقدر ما تنظر إلى إعاقاتهم وعجزهم حتى أصبح البعض منهم مهملين منسيين..

وفي تقديمه لفيلم «عرائس مكسرة» ذكر  الناقد السينمائي ناصر الصردي أن مثل هذه الاعمال السينمائية هامة لأنها تكشف آلام فئة من التونسيين لم يحظوا بالرعاية من قبل السلط ولم يجدوا من يأخذ بيدهم ليساندهم في محنتهم باستثناء جمعية «نسيتني» التي تترأسها الدكتورة سلمى تليلي والتي أخذت على عاتقها مهمة مساندة عدد من جرحى الثورة.. وقد أكّدت الدكتورة التليلي أنها تسعى بكل ما لديها من جهد إلى مؤازرتهم رغم كل النقائص وحاجة الجرحى المؤكدة الى تدخلات جراحية استعجالية.. فهم عرضوا – والكلام لها- حياتهم للخطر من أجل الوطن، فهل يعقل أن تقصر الدولة الآن في حقهم.. وتواصل: «لقد دخلنا في تجاذبات سياسية أنستنا أشياء هامة جدا تتعلق بصحة من ساهموا في الاطاحة بالنظام السابق..

وفي السياق ذاته أكد بحري بن يحمد أنه أهدى الفيلم لجمعية «نسيتني» لكي تعرضه وتحسس بالاشكالية التي  يعاني منها هؤلاء الشبان قائلا:« إن إعاقة الدولة أكبر من إعاقة جرحى الثورة داعيا الى الوقوف الى جانبهم والى اعانتهم حتى يتجاوزوا الصعوبات التي يكابدونها ويثأروا لكرامتهم.. هذا التقصير أكده أيضا كل من الدكتورين المنيف والجبلاوي اللذين ذكرا ان المسؤولين السياسيين لم يؤدّوا الواجب تجاه جرحى الثورة وكان يمكن تجنيد أطباء تونسيين للاعتناء بهم بصفة جدية، وهو ما يدفعنا للتساؤل عن السبب في تهاون سلط الاشراف تجاه هذا الملف الحساس الذي يتطلب تعاملا أكثر من استثنائي.. فطالما أنّ لنا طاقات وكوادر طبية ومجتمعا مدنيّا واعيا بأهمية هذه القضية، لا يمكن إلا أن ندّد بتقصير الاطراف المعنية بهذا الملف والتي لم تسع بما فيه الكفاية لإعانة هذه الطائفة التي تميزت بوطنيتها الفائقة.
فيلم «عرائس مكسرة» الذي يدوم 10 دقائق يعطي فكرة، بلغة سينمائية مرهفة، عن الاوضاع النفسية التي يعاني منها جرحى الثورة، وقد أنجزه المخرج بحري بن يحمد دون أية امكانات مالية وهو ما يؤكد قيمة هذا التحدي السينمائي الانساني.
شيراز بن مراد

خميس عشيّة لمحمد دمق: حين تتلاطم أمواج الانتقام والخيبة والخسران



«حين تتلاطم أمواج الانتقام والخيبة والخسران» هي المقولة التي يمكن أن تنطبق على جل أبطال «خميس عشية» الفيلم الجديد للمخرج محمد دمق والذي يعرض حاليا بعدد من قاعات السينما بالعاصمة.. فالاقدار لم ترحم أحدا في هذا العمل الدرامي الذي نال شرف المشاركة في الدورة الاخيرة من أيام قرطاج السينمائية.. فلا البطل الرئيسي (فتحي الهداوي) ولا الاشخاص الذين يدورون في فلكه تمكنوا من الخروج من دوّامة الفشل والاحباط التي طوقت حياتهم.. كلّ منهم يصطدم في مسيرته بعبثية الحياة: المناضل اليساري والآنسة البورجوازية ومطرب الراب ورجل الاعمال والفتاة المثقفة، وحتى الممرضة البسيطة فإنّها لم تفلت من سطوة الزمن.. وكأن بالمخرج يقول لنا ان الحياة ليست بنهر طويل هادئ بل هي أقرب للبحر الهائج الذي تتلاطم فيه أمواج الانتقام والوحدة والخيبة والخسران..

على وقع موسيقى حزينة، تتلاحق أطوار الفيلم لتروي قصة رجل (فتحي الهداوي) قريب من السلطة - أيام حكم بن علي- تنقلب حياته رأسا على عقب بعد تعرضه لحادث مرور فيتعرف على ممرضة ( عائشة بن يحمد) التي تنتقل للعيش معه ببيته لرعايته، وبينما يبدأ تعلّق البطل بها عاطفيا، تقترب هي منه بدافع الانتقام والتشفي، وكلّ ذلك تحت أنظار أبنائه الرافضين لهذه العلاقة "الغرامية"..
ولئن جاء الفيلم «باردا» نسبيّا على مستوى تطور الاحداث فإنه بلغ ذروته في اللقطة النهائية عندما تكتشف الممرضة أخاها مشنوقا في بيته إثر خيبة عاشها في حياته.. إن هذا التناقض هو أكثر ما نعيبه على هذا الفيلم الدرامي الهادئ حيث أن لقطة الانتحار المدويّة والمعبرة جاءت متأخرة نوعا ما في حين أنها كانت يمكن أن تضفي شحنة درامية على العمل وتُسّهل على المتفرج تعاطفه -سلبا أو إيجابا- مع الممرضة بتفهم دوافعها وما يحركها من ألم ورغبة في الانتقام..
وإحقاقا للحق فقد لاحظنا، عند مشاهدتنا للفيلم، تفاعل المتفرجين إيجابيا مع الفيلم وتحديدا مع المشاهد التي تضمنت مقاطع هزلية، وتجلّى ذلك خاصة مع الممثلين فاطمة بن سعيدان وفرحات هنانة وحتى مع فتحي الهداوي.. وقد تكون هذه ميزة خاصة بالمخرج محمد دمق الذي يتوّفق في رسم «البسمة» وإشاعة «حب الحياة» رغم كل المشاكل، ولعل فيلم «دار الناس» أحسن تجسيد لذلك..

سيناريو فيلم «خميس عشية» يدفعنا للتفكير في مصير عالمنا العربي الحديث الذي ما انفك يتدحرج من سيئ الى أسوأ ومن كارثة الى أخرى، وقد حزّ في أنفسنا بالخصوص أن نشاهد الشباب الحالم والثائر (محمد أمين حمزاوي في دور فنان الراب و ومهذب الرميلي في دور المناضل اليساري ورامي الضاوي في دور الشاب الرافض لنواميس المجتمع) يعيش نهايات حالكة تراوحت بين ادمان الكحول والانتحار، وكأن برياحنا العربية عاقرة وعاجزة عن اهداء الحلم والامل.. لا أحد من أبطال محمد دمق أفلت من هذا المصير المأسوي الذي يعرفه العالم العربي منذ قرون، وهي الرسالة التي قد يكون دمق أراد ايصالها عبر فيلم «خميس عشية» في انتظار غد أفضل، غد يحلو فيه العيش للفنان وللاستاذ وللمرأة وللمواطن البسيط التائق للعيش بكرامة وبحرية..
شيراز بن مراد