الاثنين، 22 يوليو 2013

المخرج مهدي هميلي: وزارة الثقافة تدعم اللصوص وفيلمي القادم سيخلد ذكرى شكري بلعيد


ينطلق المخرج الشاب مهدي هميلي قريبا في تصوير فيلمه الجديد «Avanti» والذي تدور أطواره في الاسبوع الذي سبق اغتيال شكري بلعيد.. فما الذي شدّ مهدي هميلي في تلك الفترة، هل هو الخطر المحدق بالوطن أم البحث عن ذات جديدة وعن حلم جديد؟ حول شريطه القادم، وحول وضع الثقافة في تونس بعد الثورة، ودور سلطة الاشراف، كان لنا هذا الحوار مع مهدي هميلي الذي استعمل مفردات من قاموس الحب والعطاء والتسامح لينقل انطباعاته ومواقفه مما يجري على الساحة الثقافية.
انطلقت مؤخرا في الإعداد لإنجاز فيلم «أفانتي» فهل من فكرة حول هذه التجربة السينمائية الجديدة؟
«آفانتي» فيلم طويل مستقل محدود الكلفة لأنني وفي لسمعتي كصانع أفلام مستقلة حرة، وفيه سأروي حكاية أربع فتيات تونسيات في مقتبل العمر، مع العلم أن الإطار الدرامي للفيلم هو الأسبوع الذي يسبق إغتيال الشهيد شكري بلعيد. و الفيلم ينتهي بهذا الحدث وواحدة من بطلات الفيلم ستكون شاهدة عيان وهذا ما سيجعلها تتخذ قرارا سيغير حياتها للأبد..
هل من فكرة عن بطلات الفيلم؟
الممثلات هاويات يمثلن لأول مرة، وقد قمت بكاستينغ كبير وطويل دام عام كاملا لأعثر في النهاية على 4 فتيات رائعات وأعتقد أن مستقبلا زاهرا ينتظر هؤلاء التونسيات اللاّئي ألهمنني هذا الفيلم. الفيلم من انتاج ستريت للانتاج و منتج فرنسي هو بمثابة ابي الروحي يدعى «فيليب غارال».
متى ينطلق تصوير الفيلم؟
الفيلم سيتم تصويره بتونس نهاية الصيف بميزانية محدودة جدا ونحن نبحث عن مستثمرين وأناس يودون مساعدتنا على إنجاز أفلام جديدة فنيا و تهتم بشواغل الشباب في تونس.. انا عمري 27 سنة واريد التعبير عن أفكار الجيل الذي انتمي اليه وأحاسيسه. انظروا حواليكم لشباب تونس في الشارع، اراهم رائعين، احبهم و احب تفاصيل حياتهم الصغيرة و الحافلة بالاحداث. هذا ما اريد ان احكي عنه في «آفانتي»..

السينما بعد الثورة كيف تراها؟
السينما التونسية بصدد الإندثار. قد اكون متشائما جدا لكن واقع المشهد الثقافي التونسي عموما والسينمائي خصوصا بعد الثورة مأسوي المشهد الثقافي كحال السياسة. تعاسة وشقاء وهوان. نفس البيروقراطية الثقافية التي تريد البقاء للأبد. انا حزين حقا. لا ارى بوادر امل في الافق. بعض الشبان يحاربون من اجل فنهم ولا شيء غير ذلك. ماذا اعطت الثورة للشعر؟ للسينما؟ للمسرح؟ للأدب؟ ممكن اسما او اثنين. و البقية ماذا يفعلون ؟ صديقي الأديب الشاب و المتميز كمال الرياحي من القلائل. في المسرح لا ارى الا الذين يتكالبون على الوان مان شو. يا إلهي. عندما اراهم يحاولون ان يضحكو المتفرج اقول لنفسي حقيبتي و المطار! في السينما، نحاول، انا و علاء الدين سليم ،اسماعيل و يوسف الشابي، وليد الطايع، ليلى بوزيد، وليد مطار، طارق الخلادي وسوسن صايا، انيس لسود، نجيب بلقاضي، عبد الله يحيى و عصام السعيدي، مهدي برصاوي وحازم بالرابح، ايمن و رفيق عمراني و البقية… نحاول ان نتحرر من بقايا السينما القديمة، نريد ان نحيا من رمادنا..
أن تحيوا من رمادكم؟…عبارة غريبة!
«اباؤنا دفنونا بالحياة» و نحن نتعذب لكي نقوم بأفلام. ركام ثقافي و واقع مرير. بيروقراطية  أكل عليها الدهر وشرب.
وأي دور لوزارة الثقافة؟
ماذا عساي ان اقول! وزارتنا تدعم اللصوص وحين تدعمنا، فإنها تعطينا باليد اليمنى و تأخذ باليسرى. لا داعي لإثارة الأوجاع. اقول لنفسي، عندي 3 افلام علي القيام بها في تونس في السنوات القادمة و من بعد عندي مشاريع في فرنسا و مصر اريد ان اقوم بها هناك.
وكأنّك تعاني من الفوضى الثقافية القائمة؟
الأزلام في كل مكان، في الفن والسياسة والكرة والدين. في تونس كل شىء بالمعكوس. الذين لا موهبة لهم تجدهم في كل مكان. انا شخصيا لم ابحث كثيرا عن موقع في تونس. كلامي يسمعه الناس على الفايسبوك واليوتوب. لا احس برغبة في ان اتلوث. الأزلام يتلونون، يقلبون الفيسته و الدنيا مع الواقف، و انا لست واقفا، انا حالم، طائر، متجول، متحول، متعدد في داخلي المتجدد… ماريا كالاس تغني في «ماما مورتا» فتقول : «انا الحب، الحب الإلهي، انا الذي سأملأ الدنيا حبا و عاطفة»… افضل الحب على الحقد و«ما يبقى في الواد كان حجرو»، التاريخ هو الحكم.
تتداخل عندك مصطلحات الوطن والسينما والحبّ، فهل تفسر لنا هذه الكيمياء؟
السينما فن عالمي يمس كل البشر. لننفتح على العالم، ممكن ستحبنا تونس عندها. عندي احساس بأنه حب من طرف واحد. و كما قلت لوطني في قصيدتي «يا تونس» : «يا نعيشو الزوز يا يموت منا واحد». اود لو تسمع تونس ابناءها و تحبهم و تعطف لحالهم. هاجرت مرة وقررت ألا اعود، ولكن عدت، وقد اعيدها ثانية. انه وطني لكنه لا يحبني و أنا لا أعيش إلا بالحب ومن اجله..
شيراز بن مراد