الخميس، 18 سبتمبر 2014

مسرحية «السقيفة» لحافظ خليفة: عمل مسرحي ضخم يسلط الضوء على تجاذبات أوّل مؤتمر إسلامي عقب وفاة الرّسول

 أبو بكر الصديق وعمر بن الخطاب يواجهان رموز الحكم السابق في «سقيفة» حافظ خليفة
من الأعمال الفنية اللافتة التي ستعرض في مستهل العودة الثقافية، مسرحية «السقيفة» للمخرج حافظ خليفة الذي أفادنا أتّه سيرفع السّتار عن عمله الجديد منتصف شهر نوفمبر بعرضه في مهرجان أربيل للمسرح الدولي بالعراق. وصرّح المخرج أنّه اشتغل على هذا العمل الضخم بمعيّة مجموعة من المسرحيين والمؤلفين على غرار الكاتب بوكثير دومة والمخرج حمادي المزي والمسرحي كمال اليعلاوي.
وبيّن أنّه تمّت الاستعانة بعدد من المراجع لبناء العمل المسرحي ومنها «الفتنة» للدكتور هشام جعيط و«العصبية والدولة» للدكتور محمد عابد الجابري و«السقيفة والخلافة» للدكتور عبد الفتاح مقصود وغيرها..
وتحاول «السقيفة»  تسليط الضوء على أوّل مؤتمر إسلامي تلا وفاة الرسول محمد حيث اجتمع في سقيفة بني ساعدة عدد من الصحابة من المهاجرين والأنصار ودارت بينهم مفاوضات خلصت في النهاية الى إختبار أبو بكر الصديق كأوّل خليفة للمسلمين وقد تعدّدت الروايات حول ما حدث تحديدا في السقيفة التي تمثل أهم جذور الخلاف السني ـ الشيعي ونقطة خلاف دينية وتاريخية..
وذكر حافظ خليفة أن مؤتمر السقيفة يعتبر حقلا خصبا للبحث والاستعارة الفنية من خلال الدلالات وخاصة ما حصل من تجاذبات لتحديد وجهة الخلافة بعد الفراغ السياسي الذي أحدثه موت الرسول صلى الله عليه وسلم...
وتحلينا وقائع «السقيفة» الى وضعنا الحالي وما فيه من تقلبات سياسية وحكم مؤقت بني على فراغ سياسي صنعته ثورات الربيع العربي إذ أنّ ما حصل بالسقيفة منذ قرون هو شبيه بما حدث وما قد يحدث لمستقبل اللعبة السياسية بالوطن العربي فأبو سفيان أحد   العناصر الأساسية من مكونات الدولة العميقة قبل الإسلام (بإعتباره كان سيد قريش) وكرمز لفئة كانت تحكم يسعى للعودة للسلطة كبديل وحيد متمرس باللعبة السياسية.. 
ويحذّر النص المسرحي من خلال استعارات سياسية من عودة جلادي الماضي في القريب ليكونوا حاضرين بيننا ويعدّون العدّة للاستحواذ على السلطة تماما كما فعل أبو سفيان عندما مهّد لبناء الأساس الأوّل للدولة الأموية من خلال ذريته معاوية ويزيد..
وبخصوص شخصيات المسرحية وهم الصحابة الاجلاء عمر بن الخطاب وعلي ابن أبي طالب وأبو بكر الصديق، فحاولت المسرحية تجريدها من جانبها القدسي لتحكيها شخصيات درامية فاعلة لتأسيس اللبنة الأولى لدولة جديدة.. وأفادنا خليفة أنّ العمل يحاول نحت شخصيات حسب المنظومة المعاصرة للعبة السياسة بالاعتماد على الإستعارة بين أحداث السقيفة وخيارات المشهد السياسي المعاصر بعد ثورات الربيع العربي. وتجدر الإشارة إلى أنّ النصّ المسرحي وهو من تأليف الأستاذ بوكثير دومة، جمع بين العاميّة والفصحى بهدف التخلص من النمط التاريخي والاقتراب أكثر ما يمكن من انتظارات ومسامع المتفرج التونسي والعربي..
هذا وستعتمد «السقيفة» على سينوغرافيا منفتحة ومتحولة معتمدة بالأساس على الإنارة، وهو تمشي سبق لحافظ خليفة أن تميّز به في مسرحياته السابقة على غرار مراحيل أو طواسين.
شيراز بن مراد

المخرج المسرحي وليد دغسني: كلّما غاب الفنّ، اتسعت رقعة التوحّش

 يعكف المخرج وليد دغسني هذه الأيّام على وضع اللمسات الأخيرة للمسرحية الجديدة التي سيقدمها بداية شهر نوفمبر تحت عنوان «الماكينة».. وأفادنا وليد دغسني أنّ عمله حظي بدعم وزارة الثقافة الذي لم يصل بعد، وبتعاطف فضاء التياترو لتوفيق الجبالي وزينب فرحات اللذين وفّرا قاعة للفريق المسرحي حتى يتسنى له القيام بتدريباته في أحسن الظروف. 
وذكر المخرج الشاب أنّ نص المسرحية مستوحى من «العودة الى الصحراء» لبرنار ماري كولتيس، وهو نص يتطرق لعلاقة الشرق بالغرب، فكيف تتشكل هذه العلاقة ولماذا يذهب في اعتقاد المواطن العربي أنّه ضحية مؤامرة ومخططات خارجية، حتى باتت الثورة مؤامرة وهروب بن علي كذلك وداعش صناعة أمريكية ـ صهيونية؟ 
وفي هذا السياق، يتساءل دغسني: «لماذا نحاول تفسير واقعنا بما هو متخف وراء الستار؟ لماذا نعيش على الوهم، في حين أنّه لو نذرنا البعض من وقتنا للتفكير في حالنا بمعزل عن الآخر، لاستطعنا أن نخلق واقعا جديدا بعيدا عن رمي التهم وإلقاء المسؤولية على عاتق الآخرين». 
على شاكلة الواقع المتردي الذي تعيش فيه، تعاني الشخصيات الخمس في «ماكينة» الدغسني من حالة مرضية غير ظاهرة للعيان. فالأبطال متعلقون بالوهم وبحلم «الماكينة» التي يمكن أن تغير واقعهم نحو الأفضل..

 المسرح مهدّد بالاندثار إذا لم تدعمه الدولة
 وليد دغسني الحاصل على عدة تتويجات عربية يدعو إلى دعم المسرحيين الشبان الذين أثبتوا وجودهم حتى لا يندثروا أمام الأعمال التجارية ذات الجدل العقيم بعيدا عن ترسيخ قيم الحرية واحترام الآخر... فالمسرح ـ وفق رأيه ـ مهدد بالزوال في غضون 5 سنوات ناهيك أنّ الشركات المسرحية صغيرة ورأس مالها ضعيف. وما عدا الأعمال الكبيرة التي شاهدناها لتوفيق الجبالي وللفاضل الجعايبي ولعزالدين قنون وجعفر القاسمي أو صالح الفالح من الجيل الشاب، لايوجد فعل مسرحي مؤسس وأغلبية الفاعلين لهم رغبة في الكسب مما يفقد الثقافة بعدها الإبداعي.

 إذا لم تحترم الدولة الفن، فعلينا أن ننتظر أتعس من داعش 
برهافة حس الفنان وتوثب الشباب، يقول دغسني : «إذا لم تحترم الدولة الفن، فعلى الدنيا السلام..علينا حينها أن ننتظر داعش وأتعس من داعش.» بل دعا مخرج مسرحية «التفاف» إلى مراجعة الفعل الثقافي، لانه في ظل غياب للمراجعات، تبقى الثنايا مغلقة وجامدة ويظل المشهد الثقافي مجرّد «تزيين» مثلما كان عليه الحال قبل الثورة.. وعاب محدثنا على المسؤولين والسياسيين عدم اهتمامهم بالشأن الثقافي معلقا : «ما الذي بنى الحضارة منذ الإغريق إلى الآن؟ أليس هو المسرح؟ هل يعقل أن تبقى المدينة دون مسرح؟ انظروا إلى أمريكا وفرنسا وألمانيا، هذه الدّول كبرى أيضا بمسرحها وسينمائها».
وأضاف محدّثنا أنّه من مسؤولية المثقف مصارحة وزارة الثقافة بقصور نظرتها للمهرجانات التخصصية، وبضرورة ارساء تبادل حقيقي للأفكار والتصورات بين الوزارة والفنانين حتى لا تبقى الثقافة موسمية ومجرد ذرّ رماد على العيون... فكلمة الفنان وفق دغسني أصدق في بعض الأحيان من كلمة السياسي الراغب في السلطة عكس الفنان الذي عادة ما يكون متشبعا بالإنسانية وبقيمها.

 لولا المسرح، لكان عدد قاصدي سوريا مضاعفا
وشدّد دغسني على أهمية تدريس المسرح في المعاهد التونسية مؤكدا أنّ فوائده كثيرة بالنسبة للتلاميذ وقال: «لو لم يكن المسرح، لكان عدد قاصدي سوريا مضاعفا. فتلاميذ السابعة والثامنة والتاسعة لهم قابلية كبيرة للانسياق وراء الخطابات المتطرفة، والمسرح احدى نوافذ فتح الآفاق لسد المنافذ أمام الكارثة.» وفي هذا الإطار استحضر وليد دغسني حالة مدينة قبلاط من ولاية باجة التي يدرّس فيها قائلا: «إنّ قبلاط تفتقر لدار ثقافة، فقد تم حرقها منذ الثورة... وتساءل دغسني لماذا يتواصل هذا الوضع ناهيك أنّ المدينة مهدّدة ومهمشة رغم أنّها منطقة فلاحية بامتياز.

ثقّف المجتمع تكن الشعوب ديمقراطية
 واستأنف دغسني كلامه قائلا: «كلما غاب الفن توسعت رقعة التوحش»، مضيفا أنّ العالم العربي آيل للانقراض إذا غابت الإبداعية عن المجتمع.. كما دعا محدثنا إلى الالتفات إلي ليبيا وسوريا والعراق التي وجدت فيها داعش والحركات المتطرفة تربة حاضنة سهلت توسعها بالنظر الى التضييق على الثقافة ومساحات الإبداع... «فلنُثَقِّف المجتمع ونشحنه بالثقافة التحررية، حينها ستكون الشعوب ديمقراطية» يختم وليد دغسني.
قريبا على خشبة المسرح «ماكينة» لوليد الدغسني

ـ انتاج: شركة كلندستينو بدعم من وزارة الثقافة
ـ دراماتورجيا واخراج: وليد دغسني.
ـ اداء: اماني باللعج ـ اروى بن اسماعيل ـمنير العماري ـ مكرم سنهوري ـ كريم الغربي
ـ الملخص: في جزيرة نائية .. سفينة ركاب تتعرض الى عطب مفاجىء ... تطول مدة التوقف ويتحول الانتظار الى خوف .. مع اكتشاف جريمة قتل غامضة .. صحفية تتقفى أثر القبطان وتكتشف اسرار الدسائس والمؤامرات داخل القيادة.. وتجد نفسها فجاة متورطة في كل مايحدث دون علمها، ودون ان تفهم سر الماكينة.. 
شيراز بن مراد