من ربوع ولاية سليانة وتحديدا من سفح جبل برقو، انطلقت الرحلة الموسيقية «برقو 08»، رحلة جمعت كلاّ من الفنانين نضال اليحياوي وسفيان بن يوسف مرفوقين بثلة من العازفين..
وقد أفادنا سفيان بن يوسف المدير الفني لعرض «برقو 08» إثر الحفل الذي قدّم بدار الفنون بجهة المنزه الخامس يوم الأحد 22 جوان أنّ «برقو 08» حصيلة بحث في المخزون التراثي الموسيقي لجهة سليانة قام به الفنان نضال اليحياوي وهو أصيل الجهة، مضيفا أنّ هذا العمل يأتي في سياق تلبية رغبة فنية أساسية تتمثل في نفض الغبار عن نمط موسيقي تونسي يعكس ميزات جهة بأكملها، ووضعه على ذمة جمهور شبابي توّاق لاكتشاف أو لإعادة اكتشاف أغان من الصميم التونسي.
وأشار محدثنا إلى أنّه سعى، من موقعه كمدير فني، الى ترتيب الأولويات الموسيقية، فبعض الأغاني تتطلب إبراز قوة الخامات الصوتية، بينما تستدعي أخرى إيلاء الأهمية للكورال وغيرها من «الريتوشات الفنية» التي يتجلى من خلالها ثراء التراث الموسيقي التونسي بجهة الشمال الغربي وجماله. وهنا وجب علينا التنويه بآداء الفنان نضال اليحياوي الذي إختزل صوته النمط الموسيقي الجبلي بكل ما فيه من قوّة وشجن وأمل في نفس الوقت. وقدّم اليحياوي مجموعة من الأغاني نذكر منها "لسمر خويا" و"يا مين يجينا" أثارت بما تتضمنه من أنغام مميزة تفاعل الجمهور الحاضر.
وفي السياق نفسه، اعترف سفيان بن يوسف بأنّ الخيار الموسيقي الذي اشتغل عليه في برقو 08 ليس سهلا ناهيك أنّه بعيد كل البعد على المنطق التجاري، وقال إنّه "اختيار يستوجب قدرا من الشجاعة ومن التعمق الإبداعي الذي يتطلب حدا أدنى من النزاهة، وهو تمشي مخالف تماما للوصفات التي يتبعها عدد من الفنانين الذين تجد في جرابهم 3 أنواع من الأغان الأولى وطنية في إطار الثورية والثانية خليجية في إطار "تدوير الزيرو" والثالثة شرقية لأنّ "الجمهور عاوز كده".
كما ذكر سفيان بن يوسف أنّه خلافا لأوروبا التي تشهد حالة ركود والمشهد الفني فيها منحصر بين قوالب إستيتيكية معينة، فإنّ تونس تعيش حراكا لا مثيل له وبالإمكان فتح أبواب لتجارب موسيقية جديدة سواء على مستوى الفضاءات أو الأنماط أو الخطاب لافتا الانتباه الى أنّ هذا التمشي يتطلب كثيرا من الجديّة ومن الصدق ومن الجهد، فالمجتمع بصدد التغيّر وما أعسر أن نبني عندما تكون الأرضية متحركة.
وفي المقابل عرّج محدثنا على نقطة سلبية تتمثل في صعوبة النفاذ الى الأرشيف الموسيقي التونسي قائلا إنّ أرشيف التراث مهمل وحان الوقت لأن يوضع على الحوامل الالكترونية حتى يتسنى للجميع الإطلاع عليه والتمتع بما يزخر به من روائع. وقال بن يوسف، وهو خريج المعهد العالي للموسيقى ومقيم منذ سنوات ببلجيكا، إنّ المخزون التراثي التونسي يعجّ بالأنماط الموسيقية الجميلة، وهي بحاجة فقط لإماطة اللثام عنها من غير إضافات معلّقا: «هل تحتاج المرأة الجميلة الى مزيد من المساحيق؟»
وختم محدثنا كلامه قائلا: «إنّ مصفاة الزمن جديرة بفرز الغث من السمين وبإبراز قيمة الأعمال الفنية الصادقة». وبخصوص عروضه القادمة، ذكر أنّه سيقدم عرض «برقو 08» في 3 تواريخ مختلفة في بلجيكا خلال شهري جويلية وأوت.
شيراز بن مراد