الجمعة، 31 أكتوبر 2014

في مسرح الحمراء: فتوحات ثقافية في قلب العاصمة

إحتضن مسرح الحمراء يوم الجمعة 24 أكتوبر حفل إختتام فعاليات الدورة 61 للمركز العربي الإفريقي للتكوين والبحوث المسرحية. وكانت فرصة ليؤكد فيها الثنائي عزالدين قانون وليلى طوبال سيرهما على درب "الإبداع" بكل ما تتضمنه هذه الكلمة من توق للتحرر ومن مقاومة ومن طرح لقضايا حارقة كجنون السلطة والحرية وآلام الحروب وغيرها من الاوجاع الإنسانية. وهي التيمات التي طُرحت في الأعمال الثلاثة التي قٌدمت من قبل طلبة المركز الذي تدعمه ماديا مؤسسة "يون".
وتجدر الإشارة الى أنّ الأعمال المسرحية المُصغرة التي قُدمت في الحفل الإختتامي أبرزت الدور الذي يمكن أن يلعبه المسرح في تحسيس الأفراد بمعاناة الآخرين وفي دفعهم لكي يكونوا عنصر مقاومة في وجه الإضطهاد والتطرف، فضلا عن الجانب الجمالي الذي لمسناه في العروض الثلاثة.  
هذا وشهد الحفل الإختتامي تسليم شهائد للطلبة المتخرجين من الورشات الثلاث التي تم تنظيمها: ورشة الإخراج والتمثيل تحت إشراف المسرحي عز الدين قانون (الدفعة السادسة) وورشة الكتابة تحت إدارة الفنانة ليلى طوبال (الدفعة الخامسة) وورشة الملابس تحت إدارة بسمة الزوالي (الدفعة الثالثة).
وغادر الحاضرون قاعة العروض على وقع الكلمة التي ألقاها المسرحي عز الدين قانون والتي تولى خلالها الترحم على أرواح 3 مسرحيين غادرونا سنة 2014 وهم بشرى لدغم وعبد المجيد بلكحل والسينغالي عمر نداوو.
والى جانب ذلك، بادر أصحاب مسرح الحمراء بتنظيم تظاهرة فنية ''فن في الخربة" (Kherb’Art') بالساحة العمومية مدق الحلفاء-الخربة الكائنة بنهج الجزيرة قبالة المسرح. وهي تظاهرة يمكن أن تُحسب على "الفتوحات الثقافية" بما أنّ الفن يغزو من خلالها فضاءات المدينة المهترأة والتي طغى عليها الطابع التجاري بعيدا عن البعد الإبداعي الذي من المفروض أن ينبض به قلب العاصمة. وصرّح لنا عز الدين قانون أنه تم تجهيز الساحة بمعلقة فنية عملاقة من شأنها أن "ترتقي" بالمكان وتجعل منه إستراحة فنية وقبلة لجماهير مختلفة معبرا في الآن نفسه عن أسفه من البطء الذي تتفاعل به بلدية تونس مع الفعل الثقافي عوض إقتناص الفرصة والعمل على ترميم المكان حتى يكون فضاء ثقافيا يجد فيه المارّة متنفسا فكريا في شارع حيوي في تونس.
ومن جهة أخرى، أسرّ لنا جوهر السوداني الشاب الذي صممّ اللوحة الفنية التي "غُرست" في الخربة أنه إنطلق من تونس وبما تعج به من معمار وأحاسيس ليقدم عملا يتسنى للعابرين من عمال وموظفين وعائلات وعاطلين التمتع بمعانيه ودلالاته مجانا ودون قيد الفضاء المغلق.
حصل كل ذلك على بعد عشرات الامتار عن شارع الحبيب بورقيبة حيث تعالى صخب الأحزاب السياسية في هرولة أخيرة لإبتزاز أصوات الناخبين بعيدا عن الحلم والصدق والإبداع التي إحتضنها مسرح الحمراء. فتحية خالصة لليلى طوبال وعز الدين قانون وكل الفنانين الصادقين الذين يحبون البلاد كما لا يحب البلاد أحد رغم الضباب المخيم ومحن الواقع.

شيراز بن مراد

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق