ينفخ الرسام عبد الحميد عمار في ألوانه روحا خاصّة، فيرسم من خلالها سنفونية تبشّر بالفرح القادم وتخفق بنبض السّعادة التي تتحدى أكبر الأحزان. يستوقفك المعرض الذي ينظّمه الفنان عبد الحميد عمار بدار الثقافة ابن خلدون بالعاصمة بفنطازيا الأحمر والأزرق والأخضر والأصفر والبرتقالي، فنطازيا لونية سعيدة تعانق أقاصي الفرح والحبور، فتودّ لو تجلس حذو احدى مزهرياته ـالمعرض يحمل عنوان "مزهريات الروح"ـ لتنعم برؤية الحدائق الغنّاء بظلالها الوارفة وبسحرها الخلاب بعيدا عن «أسلاك المدينة الشائكة التي تصنعها أياد بشرية خارج دائرة العقلانية والضمائرية» كما جاء في النص التقديمي للمعرض.
ولعلّ الطريف في معرض الفنان عبد الحميد عمّار وهو أصيل مدينة طبلبة الساحلية، ذاك الشكل الذي أعطاه لمزهرياته إذ جاءت كلّها في صورة جنين يتولّد منه الأمل والعلم والفرح، ما عدا مزهرية وحيدة أخذت صورة جمجمتين وكأنّ بالموت يمكن ان يطوي الصفحة هو أيضا ليزهر بهجة وألوانا.
بعيدا عن سكاكين الغدر ونيران القهر، يرسم عبد الحميد عمار عالما مزدهرا على طرف نقيض من العالم الذي نعيش فيه، يرسم السعادة وهشاشة أحاسيس الفرح الأول، يصوّر بألوانه حبورا وراحة المروج المترامية.
يرسم في لوحاته مرادفات الزمن الجميل، ذاك الذي ينتفي منه الحقد، ذاك الذي لا يعترف الاّ برقة البتلات وبرهافتها، ذاك الذي لا يشعر الا برهافة أحاسيس أجمل ما يمكن ان تهديه الطبيعة من ورد ونرجس وشقائق نعمان وأزهار الأوركيد والمانيوليا.
يقول عبد الحميد عمار، من خلال مزهرياته الوارفة أو بالأحرى من خلال أجنّته الولاّدة أنّ الحياة لا يمكن ان تكون الا هكذا، بهجة وبهاء وانشراحا ونشوة بهذا العطاء الإلاهي اللامحدود.
قد تأخذ أزهار عبد الحميد عمّار في بعض اللوحات أشكالا هندسية متنوّعة ولكنها تظلّ توحي في كل الحالات بإنفجار زهري قوي ومنعش، انفجار يسحب البساط من تحت أقدام انفجارات الكراهية والإقصاء، انفجار لذيذ بنكهة سعادة صادقة، تلك التي تطلّ من حين إلى آخر على حياتنا ولو كانت في شكل معرض فنّي.
شيراز بن مراد
- يتواصل معرض «مزهريات الرّوح» للرسّام عبد الحميد عمار بدار الثقافة ابن خلدون الى غاية يوم 7 نوفمبر 2014.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق