الثلاثاء، 26 فبراير 2013

ماكبث للطفي عاشور: هنا.. في عرش الظلم والطغيان



على ركح المسرح البلدي تمشى بن علي (جوهر الباسطي) وتمشت معه زوجته ليلى (أنيسة داود)، تقف وراءهما 40 سنة من التسلط والانفراد بالحكم، بل قل 1400 سنة من تاريخ لم يعرف الا لغة السيف وسفك الدماء وتصفية الخصوم والمعارضين.. يرتفع صوت أنيسة داود فيقول: «عمركشي ريت عربي سيب الحكم من غير دم السكينة؟» ليضعنا في صلب تيمة مسرحية “ماكبث- ليلى وبن علي- الدم يجبد” التي رسم فيها المخرج لطفي عاشور «وجه» السلطة في العالم العربي، وجها مُلطخا بالدم والعنف والظلم ولسان حاله يقول ان الإطار الذي نعيش فيه اليوم ليس الا سليل ارث قرون من التعسف ومن الطغيان السياسي.. ألم يقل الشاعر السوري أدونيس «يكاد يكون للطغيان والعنف والظلم في حياتنا وفكرنا مذاق روحاني»؟
وتجسيدا لتيمته هذه، ركز لطفي عاشور على ركحه 3 أقفاص سجنيّة رمزت للجبروت الذي بنى عليه بن علي عرشه، عرشا لم يعترف بالحرية وبالثقافة بقدر ما ارتكز على قمع الاخر والحد من حريته.. وهي الصورة التي يلتقي فيها بن علي مع القائد “ماكبث” الذي إستعرض الكاتب البريطاني شكسبير جنونه وطاقته القمعية في روايته الشهيرة.
ولأن بن علي لم يكن وحده مسؤولا عن المنظومة التي أرساها في تونس طيلة 23 سنة، فقد استعان لطفي عاشور بدمى مشابهة للنسخة الاصلية ليشكف حجم التواطؤ والدور السلبي الذي لعبته بطانة الحكم وعدد من حملة المباخر الذين فسحوا له المجال ليبسط قبضته الحديدية، وجاءت اللوحة التي ظهر فيها وزراء بن علي وهم يجلسون على الاقفاص السجنية، كل واحد رفقة الدمية-النسخة لبن علي على قدر فائق من الجمالية القاتمة، لوحة تمايلت فيها الاجساد على وقع موسيقى حزينة لتعبر عن الخلطة السوداء التي عوّم فيها النظام البلاد دون ترك أي مجال للحلم وللفن وللحرية..
وإلى جانب هؤلاء، إستعان البطل في كهف حكمه، بنصفه الاخر «سيدة تونس الاولى» التي جسدت دورها الممثلة أنيسة داود، وعبرت عديد اللوحات كأحسن ما يكون التعبير عن هذا الجنون الثنائي الذي عبث بتونس وبأبنائها وبحريتهم سواء كانت فنية أو سياسية أو اجتماعية أو اعلامية.. ومن بين المشاهد الناجحة، ذاك الذي ظهر فيه بن علي وليلى تحت أضواء الشهرة وهما يحاولان لعب دور الاثرياء في قطيعة تامة مع ما يعيشه الشعب من شواغل وهموم، وكذلك اللوحة الاخيرة من المسرحية عندما انهمرت عليهما من الثريا، لا أضواء الحياة بل سيول الدم لتثبتهم في مكانيهما كتمثالين للشؤم والنحس..
وعلى ركح المسرح البلدي الذي لبس وشاحا رماديا داكنا، وهو اللون الأكثر تناغما مع ميزات الحقبة السابقة، استحضر المخرج عددا من الاحداث التاريخية التي ترجمت جنون السلطة أو بالاحرى علاقة حكامنا المرضية مع السلطة، ومنها اغتيال بورقيبة للزعيم صالح بن يوسف الذي عبرت صورته وبالخصوص نظرته عن عديد المعاني، وكذلك أحداث 26 جانفي 1978 يوم الاضراب العام الذي واجهت فيه السلطة اتحاد الشغل بكل ما أوتيت من قوة وعنف واستشهد يومها 8 تونسيين، فضلا عن احداث الحوض المنجمي 2008 ومنها تلك الواقعة الموغلة في التنكيل عندما قام أعوان الامن بتعذيب المناضل البشير العبيدي في غرفة وبمحاولة انتزاع اعترافات من قبل ابنه وهو يسمع صراخ والده في غرفة مجاورة، وصولا الى بن علي الذي لُخص فكره في جملة واحدة جاءت على لسان بطل المسرحية جوهر الباسطي الذي تساءل مستنكرا: « خايفين من الموت؟ ما فيبالهمش تولدو موتا؟» أي أن بن علي أعدم حتى قبل الولادة كل أمل للحراك والتعبير…
ولم يكتف لطفي عاشور في طرحه المسرحي بالجانب التمثيلي، بل حرص على تقديم جانب وثائقي استجوب فيه عددا من المثقفين والناشطين على غرار يوسف الصديق الذي قال: «إن كلمة مواطن غير موجودة في الثقافة العربية” وأبو يعرب المرزوقي الذي اعتبر ان «بن علي هو أفسد ثمرة من النظام الورقيبي» لتكتمل الصورة بين الخيال والتاريخ الذي يضفي على الرسالة الفنية قيمة حجيّة قاطعة تؤكد انصهار عالمنا العربي في منظومة الطغيان والاستبداد..
ويدفعنا كاتب النص بهذه الطريقة للتساؤل ان كان قدرنا الازلي ان نعيش في ظلام حكام لا يعبؤون بحرية شعوبهم بقدر ما عبؤوا بقمع حرياتهم.. تساؤل يحث على المقاومة والتمرد مهما كانت مساحات التحرك ضيقة ومهما كانت درجة الطغيان قوية.. ولعل مشهد الصدور العارية الذي يظهر فيه الممثل نعمان حمدة وهو بصدد قيادة مجموعة من الشبان تغنت بالقدر، يبرز كل الطاقة الكامنة لدى أفراد هذا الشعب الذي لا سلاح له سوى صدره الذي يعرضه لبنادق السلطة ولجور الحكام.
وقد أعطت الموسيقى المرافقة للمسرحية والتي أعدها الفنان جوهر الباسطي خصيصا لهذا العمل شحنة درامية مميزة حيث جاء بعضها مناجيا (على غرار أغنية «قوم») وبعضها مجروحا (أغنية “طيور النور”)، وبعضها ينبض حياة (أغنية “الجنرال”) بما ساهم في انجاح الخلطة المسرحية- الوثائقية- الموسيقية التي أهداها لطفي عاشور و الفريق العامل معه للجمهور..
«ماكبث- ليلى- بن علي الدم يجبد» عزفت أنشودة الطغيان العربي بمآسيه الدامية وفكره القمعي، دون أن ننسى تلك الصدور العارية التي صمدت وستواصل الصمود في براري الليل والظلم.
شيراز بن مراد

«الدرس» لغازي الزغباني: في قلب التعصب وفي عزّ الجمالية



في أرجاء فضاء «الأرتيستو» الصغير، سرت حرارة المسرح الجميل والصادق وذلك بمناسبة عرض مسرحية «الدرس» اخراج غازي الزغباني وبطولة نعمان حمدة وسيرين بلهادي ونجيب خلف الله..
ففي مكتب أنيق غصّت رفوف جدرانه بالمؤلفات والموسوعات، يلتقي الاستاذ (نعمان حمدة) تلميذته (سيرين بلهادي) ليلقّنها العلوم والمعرفة غير أنّ الرياح تجري بما لا تشتهي السفن ويخرج الدرس عن حدوده بعد أن تتبين القطيعة بين عالمي الاستاذ وتلميذته.. ومن خلال هذه القصة التي كتب نصّها الاصلي الكاتب المسرحي الشهير أوجان ايونسكو يتطرق المخرج غازي الزغباني لعدد من القضايا ومنها الصراع بين الاجيال وصعوبة التواصل بينها خاصة عندما يعتقد أحد الاطراف أنه يمتلك الحقيقة المطلقة والمعرفة الخالصة ويحاول فرضها على الاخر بطريقة فيها الكثير من التعالي والكبرياء.. وإلى جانب التيمات التي طرحتها المسرحية، تجدر الاشارة الى «الروح» التي طبعت هذا العمل وجعلته يحمل شخصية أو بصمة مميزة، فقد مثل الديكور والاضواء والملابس نقطة قوّة أضفت على النص «جوّا» خياليا يشدّك كما تشدك تلك اللوحات الزيتية التي تهدي المتفرج فسحة بصرية رائقة..
ويرتفع النسق العصبي للمسرحية تدريجيّا ليحيلنا إلى ما نشهده اليوم على الساحة السياسية التونسية من صراعات ديكة وتجاذبات صبيانية، فلا شيئ غير الصراخ ولا شيء غير التناحر ولا شيء غير النرجسيّة ولا شيء غير ضيق الافاق.. وقد شدّنا بالخصوص أداء الفنان نعمان حمدة الذي تماهى مع دور الاستاذ بشكل لافت للانتباه إذ أدخلنا في عالمه المغلق والمثير حيث زمجر وابتسم ورقص وغضب واشتاق واعتدى وقتل مطوّعا روحه وجسده لهذا العمل المسرحي الذي توفّق في تبليغ درس مسرحي توفرت فيه جمالية بصرية مميزة.. هذا دون أن ننسى أداء الممثلة سيرين بلهادي في دور الطالبة التي تحاول أن تستوعب «الدرس» رغم تعصب الاستاذ وسلطويته، وكذلك الأداء العفوي للممثل نجيب خلف الله الذي ذكرنا بمليشيات حماية الثورة وهو يعاضد أستاذه في طمس معالم الجريمة.
مسرحية «الدرس» جاءت بمثابة الدرس المسرحي الذي تماهت فيه العناصر والاضواء وأداء الممثلين لتشكل وقتا فنيا ممتعا سواء على المستوى البصرى أوعلى مستوى المضمون..
شيراز بن مراد – تصوير: كريم عمري

السبت، 2 فبراير 2013

غيلان.. لعز الدين قنون وليلى طوبال: على نخب أقنعة النفاق الجديد



«البلاد 23 سنة عاقرة، ونهارت اللي ولدت جابت غول»… بلغة مسرحية لاذعة، توجه الثنائي ليلى طوبال وعزالدين قنون، من خلال مسرحية «غيلان»، إلى الجمهور ليعبّرا عن رؤيتهما وموقفهما من الواقع الإجتماعي والسياسي الذي بتنا نعيشه بعد الثورة.. فقد «هرب الصباح عن تونس» على حد تعبير كاتبة النص ليلى طوبال، ليحل محله ليل جديد بوحوشه الآدمية التي لا تقيم في الكهوف ولا تظهر في الليل ولا تأكل الأطفال ولا تهدم البيوت، بل هي وحوش نزعت أقنعتها القديمة لتعوضها بأخرى جديدة ولتعيد دوران عجلة الإنبطاح والإنتهازية والتزلف.
ومن خلال نقدهما للواقع الذي نحيا، يدعونا صاحبا العمل الى التفكير في طبيعة البشر الرافض للتحرر من أغلاله وإن جاءته فرصة الإنعتاق مخيّرا المواصلة في لعب دور «المتشعبط» و»المستأذب» الرافض لقيم الحرية والخلق وتقرير المصير.
في رمزية الكراسي والأقنعة
في رمزية حبلى بالمعاني، اختار الثنائي ليلى طوبال وعز الدين قنون أن يكون كل أبطالهم جالسين على كراسي متحركة، لا يتنقلون إلا بواسطتها، وكأنّهم عاجزون عن التحرر منها وعلى المشي مرفوعي الهامات بعد عقود من الديكتاتورية ومن التقزيم ومن «الأبوئة السياسية» التي أفرزت مواطنين مبتوري الحرية والحقوق.. وتدفعنا «غيلان« بكراسيها المتحركة إلى التفكير في علاقتنا المرضية بالسلطة وبالآخرين، فكلنا لا يبحث عن حريته وعن سعادته بقدر ما يبحث عن سلطة أو مقام يتبجح به في المجتمع… تدخلنا ليلى طوبال في لعبة الكراسي البيضاء والحمراء والسوداء العديد منا، فنخرج منها ممحونين وناقمين  على هذه الكراسي التي مازالت عالقة في اذهاننا كتلك الطحالب البحرية القديمة التي يستعصى إزالتها.
وعكس محمود درويش الذي كشف سقوط الأقنعة من على الأقنعة، عوّض أبطال مسرحية «غيلان» أقنعتهم القديمة بأقنعة جديدة، أقنعة الموالاة والإنبطاح والذل الجديدة، وكأنه قدر أزلي أن نظل حاملين لأقنعة النفاق الإجتماعي في رفض قاطع للتخلي عما دأبنا عليه من تزلف وانتهازية..
تانغو الجمال والحياة
الجانب الجمالي لم يغب عن مسرحية «غيلان» التي تضمنت عدة لوحات فائقة الجمال ومنها بالخصوص لوحة التانغو الإسباني والتي جمعت الممثلة سيرين قنون بأسامة كشكار في رقصة حمراء وسوداء ـ دائما فوق الكراسي ـ حرة وجميلة.. وكذلك لوحة بحري رحالي التي روّض فيها كرسيه كما تروّض الخيول، وأيضا لوحة ريم الحمروني التي غنت فيها يأسها ووجيعتها فهزتنا معها الى ما وراء النغم والى ماوراء المعنى، وهل ننسى لوحة بهرام العلوي التي اعترف فيها بنشاطاته التي جملت صورة النظام السابق وغيرها من اللوحات الجميلة سواء بمشهديتها او بمعانيها..
على نخب النفاق الجديد
وفي نهاية المسرحية يرفع أبطال «غيلان» كؤوسهم على نخب النفاق الجديد الذي لم ينتظر طويلا لكي يطل علينا بامراض الماضي غير البعيد.. نفاق من رفضوا الفرصة التي أتيحت لهم لممارسة إنسانيتهم ولينساقوا مجددا، كالوحوش الآدمية، في لعبة الذل والإنبطاح والإنتهازية وكأنه ليس للتاريخ أي معنى أو أية دروس..
صحيح أنّ البلاد عاشت ثورة، لكنّ هذه الثورة لم تفلح في الإطاحة بالعقليات الصدئة والمريضة وهي الرسالة التي عبّرت عنها مسرحية «غيلان» بإحساس الفنان الثائر على واقعه والتائق إلى نشر قيم التحرر والصدق في مجتمعه.
شيراز بن مراد

“يلعن بو الفسفاط” لسامي التليلي: حتى لا ننسى أحداث الرديف 2008



ما أشهم أهل الرديف وما أطيب ناسها، وما أغبى حكوماتنا وما أشد قمعها.. هذه المفارقة المريرة تترسخ في ذهنك بمجرد إنتهائك من مشاهدة الصور الأخيرة من فيلم «يلعن بو الفسفاط» الذي أخرجه مؤخرا الشاب سامي التليلي ويعرض حاليا بقاعة سينما حنبعل بالمنار..
ويسترجع هذا الفيلم الوثائقي الذي نال الجائزة الذهبية في مهرجان أبو ظبي السينمائي، أحداث الرديف سنة 2008 والحركة الإحتجاجية التي قادها أبناء الحوض المنجمي كردة فعل علي الإنتدابات غير النزيهة التي قامت بها شركة فسفاط قفصة، مطالبين بالتوزيع العادل للثروات وبالحق في التشغيل وبالتنمية في الجهة..
ومن خلال شهادات عدد من الوجوه التي شاركت في إنتفاضة الحوض المنجمي على غرار عدنان الحاجي وبشير العبيدي وجمعة الحاجي وليلي العبيدي ومظهر العبيدي وعادل جيار وهارون وغيرهم من رجال الرديف ونسائها، ينقل المخرج أطوار من هذه الثورة التي لم تكتمل، بلغة سينمائية وموسيقية أكثر من مؤثرة.
إلي روح حفناوي المغزاوي وعبد الخالق عمايدي وهشام علايمي
أهدي المخرج شريطه إلي أرواح شهداء إنتفاضة الحوض المنجمي وهم الحفناوي المغزاوي وعبد الخالق عمايدي وهشام علايمي، ولعل من أكثر الشهادات تأثيرا تلك التي قدمها والد الشهيد الحفناوي المغزاوي الذي توفي إثر طلقة بالرصاص الحي يوم 6 جوان 2008، وقد ذكر أن المعتمد أمره بإزالة الشاهدة الرخامية التي وضعها علي قبر إبنه لأنه كتب عليها كلمة الشهيد وقال الأب إنه اضطر إلى إزالتها وتفتيتها من فرط القهر الذي أحس به بعدما قال له المعتمد بأن ابنه ليس بشهيد… كما كانت شهادة والدة وأخ عبد الخالق عمايدي تنبض ألما وقد ذكر الأخ أن الرديف قدمت الكثير وان الأهالي يطالبون بأن ينصفهم التاريخ، فكيف لمدينة “تخرج” المليارات أن لا تنعم بالعدالة الإجتماعية وبالمؤسسات الصحية وبالتشغيل.
سلطة ديكتاتور وعصابات لا سلطة حوار
وذكر النقابي عدنان الحاجي الذي كان من أبرز الوجوه القيادية لإنتفاضة الحوض المنجمي أن نقابيي الجهة مارسوا قناعاتهم للدفاع عن التنمية والعدالة الإجتماعية والتشغيل لكن السلطة لم تكترث للمطالب وواجهتها بالحلول الأمنية قائلا: «لقد كانت سلطة ديكتاتور وعصابات لا سلطة حوار»..
وعرّج الحاجي على الدور الذي لعبته بعض قيادات الإتحاد إذ رفضت مساندة الحراك بالجهة ووقع تجميد النشاط النقابي لعدنان..
جمعة الحاجي: لم نسترجع حقوقنا
اعتبرت زوجة النقابي عدنان الحاجي، تلك المراة الصامدة والجميلة أن أهالي الرديف وسكان الحوض المنجمي لم يرد إليهم الإعتبار ومازالت مخلفات تلك الفترة الأليمة جاثمة علي صدورهم..
30 ألف عون أمن في الرديف
وذكر عدد من المستجوبين كيف حلّ بمنطقة الحوض المنجمي قرابة 30 ألف عون أمن لقمع احتجاجات المواطنين، وقد كانت الآلة الأمنية مروّعة وشرسة وتفننت في إهانة الناس وفي مطاردتهم ومداهمة بيوتهم..
في دمارستان 
لن أكشف المزيد عن هذا الشريط الوثائقي الممتاز بل أدعوكم دون تردد الى مشاهدته والإستماع لشهادات كل من عادل جيار وبشير العبيدي ومظفر العبيدي (وشهادة هذا الأخير تحمل في طياتها أكثر من المرارة وأكثر من الألم وقد تحدث بالخصوص عن ذلك اليوم الذي إعتقل فيه وتمّ تعذيبه لإرغامه علي توريط والده البشير العبيدي) وهارون الحليمي الذين تكلموا بصدق وألم كبيرين عما عاشوه وعن اللوعة التي يحسون بها اليوم لأنه لا شيء تغّير في تلك الربوع التي وصفتها إحدى الأغاني ب«بلد دمارستان»…
وأنهي المقال بجملة جاءت على لسان هارون أحد شبان إنتفاضة الرديف الذي قال بحرقة: « حلمنا برديف أخري، حبينا نعيشو بكرامة في الرديف وتتحسن أوضاع المواطنين.. يلزم الفسفاط يحسن أوضاع ناس الرديف..»
«يلعن بو الفسفاط» وثيقة تاريخية هامة تسترجع أحداث الرديف 2008 محملة بشهادات رجال ونساء الحوض المنجمي الذين إستبسلوا في الدفاع عن الكرامة والعدالة الإجتماعية و الحق في التشغيل..
شيراز بن مراد