السبت، 2 فبراير 2013

“يلعن بو الفسفاط” لسامي التليلي: حتى لا ننسى أحداث الرديف 2008



ما أشهم أهل الرديف وما أطيب ناسها، وما أغبى حكوماتنا وما أشد قمعها.. هذه المفارقة المريرة تترسخ في ذهنك بمجرد إنتهائك من مشاهدة الصور الأخيرة من فيلم «يلعن بو الفسفاط» الذي أخرجه مؤخرا الشاب سامي التليلي ويعرض حاليا بقاعة سينما حنبعل بالمنار..
ويسترجع هذا الفيلم الوثائقي الذي نال الجائزة الذهبية في مهرجان أبو ظبي السينمائي، أحداث الرديف سنة 2008 والحركة الإحتجاجية التي قادها أبناء الحوض المنجمي كردة فعل علي الإنتدابات غير النزيهة التي قامت بها شركة فسفاط قفصة، مطالبين بالتوزيع العادل للثروات وبالحق في التشغيل وبالتنمية في الجهة..
ومن خلال شهادات عدد من الوجوه التي شاركت في إنتفاضة الحوض المنجمي على غرار عدنان الحاجي وبشير العبيدي وجمعة الحاجي وليلي العبيدي ومظهر العبيدي وعادل جيار وهارون وغيرهم من رجال الرديف ونسائها، ينقل المخرج أطوار من هذه الثورة التي لم تكتمل، بلغة سينمائية وموسيقية أكثر من مؤثرة.
إلي روح حفناوي المغزاوي وعبد الخالق عمايدي وهشام علايمي
أهدي المخرج شريطه إلي أرواح شهداء إنتفاضة الحوض المنجمي وهم الحفناوي المغزاوي وعبد الخالق عمايدي وهشام علايمي، ولعل من أكثر الشهادات تأثيرا تلك التي قدمها والد الشهيد الحفناوي المغزاوي الذي توفي إثر طلقة بالرصاص الحي يوم 6 جوان 2008، وقد ذكر أن المعتمد أمره بإزالة الشاهدة الرخامية التي وضعها علي قبر إبنه لأنه كتب عليها كلمة الشهيد وقال الأب إنه اضطر إلى إزالتها وتفتيتها من فرط القهر الذي أحس به بعدما قال له المعتمد بأن ابنه ليس بشهيد… كما كانت شهادة والدة وأخ عبد الخالق عمايدي تنبض ألما وقد ذكر الأخ أن الرديف قدمت الكثير وان الأهالي يطالبون بأن ينصفهم التاريخ، فكيف لمدينة “تخرج” المليارات أن لا تنعم بالعدالة الإجتماعية وبالمؤسسات الصحية وبالتشغيل.
سلطة ديكتاتور وعصابات لا سلطة حوار
وذكر النقابي عدنان الحاجي الذي كان من أبرز الوجوه القيادية لإنتفاضة الحوض المنجمي أن نقابيي الجهة مارسوا قناعاتهم للدفاع عن التنمية والعدالة الإجتماعية والتشغيل لكن السلطة لم تكترث للمطالب وواجهتها بالحلول الأمنية قائلا: «لقد كانت سلطة ديكتاتور وعصابات لا سلطة حوار»..
وعرّج الحاجي على الدور الذي لعبته بعض قيادات الإتحاد إذ رفضت مساندة الحراك بالجهة ووقع تجميد النشاط النقابي لعدنان..
جمعة الحاجي: لم نسترجع حقوقنا
اعتبرت زوجة النقابي عدنان الحاجي، تلك المراة الصامدة والجميلة أن أهالي الرديف وسكان الحوض المنجمي لم يرد إليهم الإعتبار ومازالت مخلفات تلك الفترة الأليمة جاثمة علي صدورهم..
30 ألف عون أمن في الرديف
وذكر عدد من المستجوبين كيف حلّ بمنطقة الحوض المنجمي قرابة 30 ألف عون أمن لقمع احتجاجات المواطنين، وقد كانت الآلة الأمنية مروّعة وشرسة وتفننت في إهانة الناس وفي مطاردتهم ومداهمة بيوتهم..
في دمارستان 
لن أكشف المزيد عن هذا الشريط الوثائقي الممتاز بل أدعوكم دون تردد الى مشاهدته والإستماع لشهادات كل من عادل جيار وبشير العبيدي ومظفر العبيدي (وشهادة هذا الأخير تحمل في طياتها أكثر من المرارة وأكثر من الألم وقد تحدث بالخصوص عن ذلك اليوم الذي إعتقل فيه وتمّ تعذيبه لإرغامه علي توريط والده البشير العبيدي) وهارون الحليمي الذين تكلموا بصدق وألم كبيرين عما عاشوه وعن اللوعة التي يحسون بها اليوم لأنه لا شيء تغّير في تلك الربوع التي وصفتها إحدى الأغاني ب«بلد دمارستان»…
وأنهي المقال بجملة جاءت على لسان هارون أحد شبان إنتفاضة الرديف الذي قال بحرقة: « حلمنا برديف أخري، حبينا نعيشو بكرامة في الرديف وتتحسن أوضاع المواطنين.. يلزم الفسفاط يحسن أوضاع ناس الرديف..»
«يلعن بو الفسفاط» وثيقة تاريخية هامة تسترجع أحداث الرديف 2008 محملة بشهادات رجال ونساء الحوض المنجمي الذين إستبسلوا في الدفاع عن الكرامة والعدالة الإجتماعية و الحق في التشغيل..
شيراز بن مراد

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق