الأحد، 29 سبتمبر 2013

سهــير بن عــمارة: مسلسل «يوميات امرأة» تحدى من يريدون إحياء عقلية ختان الإناث وتعدد الزوجات


شدّت الممثلة سهير بن عمارة متابعي مسلسل «يوميات امرأة» الذي بثته القناة الوطنية خلال النصف الأول من شهر رمضان بأدائها الذي عبّر عن المأساة التي عاشتها «دنيا» تلك الفتاة التي تحدت عائلتها لتختار الزواج من شاب له سوابق عدلية فضلا عن انتمائه الى طبقة اجتماعية فقيرة لتعرف اثر تطور الأحداث نهاية مأسوية تمثلت في إصابتها بالسيدا وفي انتحارها من شدّة وقع الصدمة. حول دورها المؤثر وعن الرسالة التي تضمنها مسلسل «يوميات امرأة» وحول تقييمها للمشهد السياسي، كان لنا هذا الحوار مع الممثلة سهير بن عمارة…
تضمن المسلسل مشاهد أثرت جدا في المتلقي (عند سماعك خبر إصابتك بالسيدا، أو عند قرارك الانتحار أو وأنت مسجاة في  بيت الموتى)، فهل يعود الفضل في ذلك للسيناريو أم للمخرج أم للممثل؟
بصراحة اشتغلنا في ظروف ممتازة جعلتني أحرص ما أكون على تقديم الأفضل وأعتقد أن للممثل دورا كبيرا في تبليغ الأحاسيس وقد وضعت نفسي في الظروف التي تمر بها دنيا واستبطنت آلامها الى درجة أنني تأثرت جدا وتملكني البكاء في لقطة بيت الموتى مثلا عندما كانت جثتي مسجاة وتعرّف علي أحمد الأندلسي.. كانت رائحة الموتى تتسرّب من الثلاجة وكنت في حالة نفسية سيئة.. عموما أتوجه بالشكر للمخرج مراد بالشيخ الذي ترك لنا هامشا من الحرية وكذلك للمنتج نجيب عياد الذي سهر على كل كبيرة وصغيرة لانجاح المسلسل.
في المسلسل تحديت العائلة من أجل قصة حب مجنونة، فإلى أي مدى يشبه هذا الموقف واقع شباب اليوم؟
نعم شباب اليوم عادة ما يكون ثائرا ورافضا لنواميس المجتمع ومع الأسف فإنّ نهاية دنيا في المسلسل كانت مأسوية لكن هذا لا يعني أنّه يجب الخضوع للسلطة مهما كان نوعها سياسية أو اجتماعية. شخصيا أنا إنسانة متمردة جدا وأساند كل شخص يتمرّد لأنّه في نهاية الأمر يتطلع إلى غد أفضل وإلى أوضاع احسن والى  عيش أرقى، كل ذلك شريطة عدم الإضرار بالآخرين أو المس من حريتهم…
لاحظنا بعض الاختزال في رواية الأحداث، فهل كان المسلسل يتطلب 30 حلقة في رأيك؟
صحيح، لكن رمضان هو الفرصة الوحيدة التي تفتح الأبواب أمام الفنانين للعمل، ومن هذا المنطلق يبدو لي أنّه من العدل السماح لفريقين مختلفين بتقديم عملين اثنين.. وإذا أردنا أن نكون صريحين فالمسلسلات التونسية ضحية سوق الإشهار الذي يتحكم فيها.. إنّ المنطق يرفض أن نشاهد  أعمالا درامية تلفزية طول العام، لكن المستشهرين يكتفون بشهر رمضان الذي يعرف ارتفاعا في الاستهلاك مقارنة ببقية السنة. كتابة السيناريو هامة جدا أيضا ويجب إيلاؤها ما تستحقه من قيمة ولو كنا جديين لانطلقنا منذ من الآن في الإعداد لمسلسلات رمضان 2015 أي سنتين قبل بثها.
كيف كانت ردود فعل الناس على أدائك؟
وصلتني رسائل على الفايسبوك من تونس ودبي وفرنسا كلها تشجعني وتثني على أدائي وعموما أنا راضية علي دوري في المسلسل وكذلك عن المخرج مراد بن الشيخ الذي قلت له إنّي مستعدة للعمل معه مجددا. كما أعتبر أن أداء الممثلين على غرار وجيهة الجندوبي وسوسن معالج وفتحي الهداوي وهشام رستم وأحمد الأندلسي وغيرهم من الممثلين  الشبان كان جيدا وهو ما ساهم في تقديم إضافة مؤكدة للمسلسل.
أعطى سيناريو مسلسل «يوميات امرأة» أدوار البطولة بالاساس لوجوه نسائية عبرن تقريبا كلهنّ عن قوّة شخصية ورباطة جأش، فهل لهذا التمشي علاقة بما يحاول البعض تكريسه من تقزيم لدور المرأة؟
أعتقد أنّ للفنّ دورا هاما في تقديم صورة  المرأة التونسية القوية والمثقفة والطموحة والتي «عندها كلمتها» وهي صورة ليست غريبة عن مجتمعنا الذي تلعب فيه المرأة دورا طلائعيا وذلك منذ مئات السنين انطلاقا من الكاهنة وعزيزة عثمانة وصولا الى نساء اليوم اللائي نفخر بانجازاتهن في مجالات مختلفة.
وعلينا ألاّ ننسى أيضا أنّ هناك نساء يعانين من العنف والتهميش وهن غير واعيات بحقوقهن، ومن وظائف الفن أن يقدّم نماذج إيجابية تفتح الآفاق أمام الجميع.. كلمة أخيرة: نساء بلادي نساء ونصف.
شاركت في فيلم «ما نموتش« للنوري بوزيد الذي تطرّق ايضا لموضوع المرأة، فهل إنّ مكانة المرأة مهدّدة الى هذه الدرجة؟
نوري بوزيد تطرّق للموضوع من زاوية مختلفة، فقد ركّز على التغييرات التي طرأت في المجتمع بعد الثورة، فعلى امتداد 50 سنة، كانت تركيبة المجتمع قائمة على فكرة «الأب» أو «البو» وعندما رحل «الاباء» أو السلطة التي كانت تفرض سطوتها، وجد التونسيون أنفسهم أمام حالة فراغ، فانغمس بعضهم في الدين والآخر في السياسة، وآخرون في التطرف.. وفي خضم هذا الحراك على المرأة ان تثور لكي تدافع عن حقوقها خاصة أنّ بعض الأطراف تعتبرها عورة وتسعى لطرح مواضيع من قبيل ختان الاناث وتعدد الزوجات وغيرها من المسائل التي تعود الى القرون الوسطى… وفي هذا السياق أعتبر أن مسلسل «يوميات امرأة» تحدى من يريدون احياء عقلية ختان الاناث وتعدد الزوجات..
صرحت في أحد الحوارات بأنّ السياسيين سرقوا حلم التونسيين، كيف ذلك؟
نعم أؤكد أنّ السياسيين سرقوا حلم التونسيين.. فمنذ أن احتلوا الواجهة وأصبحوا يقدمون أنفسهم على أنهم الناطقون الرسميون باسم الشعب، ونحن نعاني من تفاقم المشاكل… بصراحة أشعر بخيبة من سياسيي اليوم، فكلهم يتخاصمون من أجل الكراسي بعيدا عن مطالب الثورة من توزيع عادل للثروات ومساواةوكرامة وأصبحت المسألة السياسية لا تعدو أن تكون هرتقة وكذبا وتطاحنا  على الكراسي.
هل تابعت الأعمال الرمضانية الأخرى وما الذي شدك فيها؟
مع الأسف لم أتابع نجوم الليل، لكنّي أعجبت بمسلسل «ليام» وسلسلة«هابي ناس»…ولعل اكثر ما شدني من الأعمال الدرامية هو المسلسل المصري «نيران صديقة» الذي وجدت فيه بعدا تاريخيا لافتا للانتباه.
والكاميرا كاشي ماهو موقفك منها؟
بالشكل الذي قدمت به، أرفضها تماما فهل يعقل أن نرعب الناس بتلك الطريقة لتحقيق نسبة مشاهدة عالية؟.. انظروا ماحدث مع الفنان زياد غرسة… هل ذلك مقبول؟ ومن جهة أخرى أرفض أن نعرض على طبق الأحاسيس الشخصية للفنان التي تبقى ملكه له وحده… وقد تمّ الإيقاع بي في كاميرا «التاكسي» التي لم تعرض وكنت رفضت بثها للعموم.
بماذا تحلم الممثلة سهير بن عمارة؟
أحلم بتجارب مختلفة تثري رصيدي الفني،  لكن الأهم من كل هذا هو أن تونس بحاجة الي ثورة ثقافية، فإلى غاية اليوم، لم نر نفسا ثقافيا جديدا وحتى الأحزاب السياسية لم تعط الثقافة المشروع الذي تستحقه… وأعتقد جازمة أنّ الشعب لا يمكن أن يتطوّر اذا ما غابت الثقافة وحرية الخلق والإبداع.
حاورتها: شيراز بن مراد

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق