الأربعاء، 13 نوفمبر 2013

نعمان جمعة: أين السلط وكبرى الشركات الإقتصادية مــن تمـويـل الـمشـاريـع الثقـافيـة؟


 هل تعلم أنّ أكبر الجوائز التي تحصلت عليها تونس في السنوات الأخيرة في المهرجانات الدولية جاءت بفضل الأفلام الوثائقية، لا الروائية.. في هذا السياق استشهد نعمان جمعة المدير التنفيذي للجمعية التونسية للحركة من أجل السينما (آتاك)، بعدد من الأفلام التي حملت راية تونس عاليا ومنها على سبيل الذكر لا الحصر، فيلم «بابل» للثلاثي اسماعيل وعلاء الدين سليم ويوسف الشابي، وفيلم «يلعن بو الفسفاط» للمخرج سامي التليلي، وفيلم «يامن عاش» لهند بوجمعة، وأخيرا وليس آخرا، تتويج المخرج حمزة عوني في مهرجان أبو ظبي السينمائي عن فيلمه «جمل البروطة» بجائزة أفضل مخرج..

وفي لقاء جمعنا به، أفادنا السينمائي الشاب أنّ “آتاك” نظمت ورشة تدريبية (من 28 أكتوبر الى 2 نوفمبر) شارك فيها عدد من السينمائيين وطلبة السينما، ونشطها تياري اودين وهو واحد من أبرز المخرجين البلجيكيين المختصين في هذه النوعية من الأفلام التسجيلية. وأبلغنا جمعة أن هذه الورشة التي تحمل عنوان “مقاربة تحليلية للفيلم الوثائقي” تهدف إلى تقاسم التجارب ووجهات النظر والتعاطي مع “الصورة الوثائقية” مع مخرج له خبرة في هذا المجال، وأشار الى أنّ هذا النوع من الورشات لا يحظى بدعم سلطة الإشراف بل تدعمه عدد من الجمعيات على غرار «كاراكوز للانتاج» و«كتابة الجنوب» و«صندوق والوني بروكسال» فضلا عن دعم «المورد الثقافي» وهو صندوق تمويل مصري يُعنى بتمويل المشاريع الثقافية في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا..
 وزارة المرأة لم تف بوعدها تجاهنا
وأضاف نعمان جمعة أنّ وزارة الثقافة تدعم الجمعية بقرابة 5 ملايين سنويا، لكن هذه الأموال غير كافية لتنظيم برامج الجمعية التي تهدف لتجذير ثقافة السينما في مجتمعنا، وضرب لنا نعمان مثالا عن تجربة جمعت «أتاك» بوزارة المرأة، قائلا: «إن الوزارة وافقت على دعم عملية «السينما المتجول» بألفي دينار، لكن وإلى الآن، العملية إنتهت منذ عدة أشهر، لم تتسلم الجمعية ولو مليما واحدا… واعتبر نعمان جمعة، أنّه من غير الممكن ان تقدم أية جمعية عملا جادا اذا ما كانت الأطراف الرسمية لا تحترم تعهداتها.. وفي نفس السياق، عاب المدير التنفيذي لجمعية «آتاك» على كبرى الشركات الاقتصادية (بنوك وشركات اتصالا وغيرها) تجاهل دعم المشاريع الثقافية التي تساهم في تنوير الأذهان وفي تكريس قيم احترام الآخر والحرية.
100 تقني يتخرجون سنويا والسوق عاجزة على استيعابهم
 ومن جهة أخرى، أشاد نعمان جمعة بالتكوين الذي يتلقاه طلبة السينما في تونس لكنه لفت النظر في نفس الوقت الى ضيق السوق التونسية التي تفتقد القدرة لاستيعاب 100 تقني يتخرجون سنويا من مدارس التكوين. وقال إنّ المخرجين الأجانب عندما يأتون الى تونس، عادة ما يفاجؤون بجودة التقنيين التونسيين الموجودين على عين المكان، لكن المشكلة تكمن في نظر جمعة في الصعوبات التي تواجه السينمائيين الأجانب في إنجاز أفلامهم في تونس مقارنة بما يوفّره المغرب من تسهيلات مستشهدا بالعائدات بالعملة الصعبة التي يحققها المغرب من السينما والتي تناهز سنويا ما تحققه تونس من مداخيل السياحة.
ماذا نفعل بقاعات السينما، إذا كانت الثقافة السينمائية غائبة؟
وفي سياق آخر، ذكر نعمان جمعة إنّه حقا من المفارقات أن تتحصل على الدعم الأسماء الكبرى للسينما التونسية في حين يقول المنطق إنّ الدعم يوجه للشبان وللمبتدئين الذين هم بحاجة حقيقية لمن يسندهم.. أمّا بخصوص معضلة اندثار قاعات السينما الواحدة تلو الأخرى (تونس تعد اليوم 15 قاعة سينما مقابل 65 قاعة سينما في السبعينات)، فإعتبر نعمان جمعة أنّ المشكلة ليست في عدد القاعات وحدها، إذ بإمكاننا أن نوّفر 100 قاعة في مختلف أنحاء الجمهورية، لكن اذا كانت الثقافة السينمائية غائبة، فمن سيرتاد هذه القاعات؟ وذكر في هذا السياق أنّ عملية «السينما المتجولة» التي نظمتها جمعية «آتاك» كان هدفها الذهاب بالأفلام وبكل ما تحمله من مضامين إيجابية للمناطق المهمشة التي لم يتعود متساكنوها على إرتياد قاعات السينما.
 لنا كنز في تطاوين لكنه لا يلقى الاهتمام
ولفت جمعة نظرنا الى أنّ عديد الأفكار موجودة لتطوير السياحة السينمائية، غير أنّها لا تلق آذانا صاغية ومنها مثلا فكرة تنظيم رحلات لطلاب كليات السينما الأجنبية لتونس بهدف زيارة عدة مواقع ومنها على سبيل الذكر لا الحصر الموقع الذي صوّر فيه السينمائي جورج لوكاس فيلم «حرب النجوم» بتطاوين، إذ مازال الى اليوم الديكور قائما، وهي فكرة من بين الأفكار العديدة التي يمكن تجسيدها لإحياء الاقتصاد والصناعة السينمائية.
 المكان الطبيعي للمخرج علاء الدين يحيى ليس في السجن
وختم محدثنا كلامه بتوجيه تحية الى السينمائي الشاب علاء الدين يحيى الذي يقبع حاليا بالسجن، مع العلم أن فيلمه الوثائقي «على هذه الأرض» توّج منذ أسبوعين بالجائزة الكبرى لمهرجان أفلام حقوق الإنسان الذي انتظم بتونس، وقال جمعة إنّ المكان الطبيعي لعلاء الدين يحيى ليس في السجن بل أن يكون حرّا طليقا مع كاميراه لينجز أفلامه.
شيراز بن مراد

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق