تعتبر المناضلة والإعلامية السيدة الدّو القايد من الوجوه النسائية القليلة التي تولّت نشر ما عايشته من أحداث في الفترة التي سبقت الاستقلال فضلا عن اهتمامها بتوثيق شهادات عديد المناضلات التونسيّات اللاتي شاركن في معركة التحريرو وهو جهد هامّ ونادر رصد الحراك النسوي الذي كان قائما في البلاد لكنّه دخل طي النسيان لأسباب مختلفة... ولأنّه لا يمكن أن نغض الطرف عن عن الدور الذي لعبته المرأة التونسية ندا للند مع الرجل فقد ارتأينا، ان نسلّط الضوء في هذا المقال على عدد من منشورات الإعلامية السيدة الدو القايد، وهي مراجع يعتد بها في مجال النضال النسائي التونسي.
ويمكن القول دون شك أنّ السيدة الدوّ القايد تمثل كنزا من الذاكرة الحية بالنظر للكمّ الهائل من الروايات والشهادات والصور والوثائق والتساجيل الصوتية الموجودة بحوزتها..
نساء ناضلن ضدّ الاستعمار
أوّل هذه الكتب يحمل عنوان «منارات الفجر ـ تونسيات على درب النضال 1900 ـ 1956» ويتضمن مجموعة شهادات وسير ذاتية لثلة من النساء المناضلات.. ومن بين هؤلاء النسوة نذكر على سيبل الذكر لا الحصر أسماء الرباعي بلخوجة وعائشة باللاّغة وفتحية شاكر وجليلة بوجميل بلحاج وزبيدة بدّة ورفيعة برناز وخديجة بن رابح ومجيدة بوليلة وآمنة حشاد وخديجة الطبال وشريفة فياش وشريفة المسعدي وفاطمة النيفر وغيرهنّ عديدات..
تكمن أهمية العمل التوثيقي الذي قامت به السيدة الدوّ القايد في كونه يؤرخ لحقبة تاريخية لم تحظ بالاهتمام الكافي حيث يتضمن المؤلف أسماء وتواريخ وشهادات نادرة تؤكد الدور الذي لعبته المرأة التونسية خلال النصف الأول من القرن العشرين بهدف تحرير البلاد من المستعمر..
تكمن أهمية العمل التوثيقي الذي قامت به السيدة الدوّ القايد في كونه يؤرخ لحقبة تاريخية لم تحظ بالاهتمام الكافي حيث يتضمن المؤلف أسماء وتواريخ وشهادات نادرة تؤكد الدور الذي لعبته المرأة التونسية خلال النصف الأول من القرن العشرين بهدف تحرير البلاد من المستعمر..
عينة من مؤلفات السيدة الدو القايد
كتاب يرصد مسيرة المناضلة مجيدة بوليلة
أمّا الكتاب الثاني فخصّصته السيدة الدو القايد الى المناضلة مجيدة بوليلة، المرأة الرمز التي لعبت دورا هامّا في حركة التحرير وفي تعليم الفتيات ودافعت عن قضايا المرأة.
انخرطت مجيدة بوليلة وهي من مواليد سنة 1931 بصفاقس في الحزب الحرّ الدستوري وأسّست سنة 1950 شعبة الربض النسائيّة، كما واكبت بعث أفواج الكشافة للفتيات وساهمت في تأسيس فرع الاتحاد الاسلامي النسائي بصفاقس.
قرّرت مجيدة بوليلة القيام بتظاهرة نسائيّة للتضامن مع الزّعيم الهادي شاكر بعدما حاكمته السلط الفرنسيّة بتهمة عقد اجتماع دون رخصة، وعملت مجيدة بوليلة على مراسلة الزّعماء على غرار بورقيبة والهادي شاكر والمنجي سليم والهادي نويرة داعمة بذلك الحراك النسائي بالجهة.. كما شجعت النساء المناضلات على أخذ الكلمة في الاجتماعات وبرزت ـ إثر ذلك ـ على السّاحة السياسيّة عدة وجوه نسائيّة منهن فطومة النملة وحليمة الشعبوني ووسيلة بن سعيد وغيرهنّ.
كان لمجيدة بوليلة دور حاسم في عمليات المقاومة التي عرفتها البلاد مع مطلع سنة 1952 وقد تمّ التنسيق بين (شعبتي المدينة والربض والاتحاد النسائي الاسلامي) لتنظيم مظاهرة نسائيّة يوم 8 مارس 1952 لتحسيس الرأي العام وكانت المسيرة وفق ما نقلته السيدة الدّو في كتابها ضخمة العدد وطغى عليها الحماس ورفعت فيها شعارات ضدّ المستعمر ومن أجل تحرير البلاد.
وبعد المظاهرة التي اعتقل فيها عدد هام من المناضلات (خديجة شعور ومجيدة كريشان ومبروكة شعور ووسيلة الشعبوني وفاطمة النملة وحليمة الشعبوني ونفيسة الخراط وحميدة الميلادي وعائشة القفال)، استمرّ الاضراب العام في المدينة التي أصبحت تعيش حالة من الغضب والقهر ويوم 26 مارس تمت مداهمة بيت مجيدة بوليلة واعتقالها فنقلت الى محتشد تبرسق وكانت حاملا في شهرها الثاني.
وفي الفترة الأخيرة من حملها اطلق المستعمر سراحها لتتوفّى ساعات بعد وضعها لابنتها الثانية يوم 3 سبتمبر 1952..
ويتضمّن الكتاب الذي خصته السيدة الدوّ لمجيدة بوليلة صورا ومراسلات وتفاصيل هامة عن مسيرة هذه المناضلة التي رحلت بعد أن أعطت للبلاد الكثير..
انخرطت مجيدة بوليلة وهي من مواليد سنة 1931 بصفاقس في الحزب الحرّ الدستوري وأسّست سنة 1950 شعبة الربض النسائيّة، كما واكبت بعث أفواج الكشافة للفتيات وساهمت في تأسيس فرع الاتحاد الاسلامي النسائي بصفاقس.
قرّرت مجيدة بوليلة القيام بتظاهرة نسائيّة للتضامن مع الزّعيم الهادي شاكر بعدما حاكمته السلط الفرنسيّة بتهمة عقد اجتماع دون رخصة، وعملت مجيدة بوليلة على مراسلة الزّعماء على غرار بورقيبة والهادي شاكر والمنجي سليم والهادي نويرة داعمة بذلك الحراك النسائي بالجهة.. كما شجعت النساء المناضلات على أخذ الكلمة في الاجتماعات وبرزت ـ إثر ذلك ـ على السّاحة السياسيّة عدة وجوه نسائيّة منهن فطومة النملة وحليمة الشعبوني ووسيلة بن سعيد وغيرهنّ.
كان لمجيدة بوليلة دور حاسم في عمليات المقاومة التي عرفتها البلاد مع مطلع سنة 1952 وقد تمّ التنسيق بين (شعبتي المدينة والربض والاتحاد النسائي الاسلامي) لتنظيم مظاهرة نسائيّة يوم 8 مارس 1952 لتحسيس الرأي العام وكانت المسيرة وفق ما نقلته السيدة الدّو في كتابها ضخمة العدد وطغى عليها الحماس ورفعت فيها شعارات ضدّ المستعمر ومن أجل تحرير البلاد.
وبعد المظاهرة التي اعتقل فيها عدد هام من المناضلات (خديجة شعور ومجيدة كريشان ومبروكة شعور ووسيلة الشعبوني وفاطمة النملة وحليمة الشعبوني ونفيسة الخراط وحميدة الميلادي وعائشة القفال)، استمرّ الاضراب العام في المدينة التي أصبحت تعيش حالة من الغضب والقهر ويوم 26 مارس تمت مداهمة بيت مجيدة بوليلة واعتقالها فنقلت الى محتشد تبرسق وكانت حاملا في شهرها الثاني.
وفي الفترة الأخيرة من حملها اطلق المستعمر سراحها لتتوفّى ساعات بعد وضعها لابنتها الثانية يوم 3 سبتمبر 1952..
ويتضمّن الكتاب الذي خصته السيدة الدوّ لمجيدة بوليلة صورا ومراسلات وتفاصيل هامة عن مسيرة هذه المناضلة التي رحلت بعد أن أعطت للبلاد الكثير..
بشيرة بن مراد ونبيهة بن ميلاد وتوحيدة بن الشيخ وأخريات...
أمّا ثالث هذه الكتب، فهو كتاب "بشيرة بن مراد ونساء رائدات" وهو كتاب سلّطت فيه السيدة الدّو القايد الضوء على مسيرة المناضلة بشيرة بن مراد التي روت فصولا من طفولتها الى غاية تأسيسها سنة 1936 للاتحاد النسائي الاسلامي وعلاقتها بزعماء الحركة الوطنية على غرار الحبيب بورقيبة والمنجي سليم.. ومما قالته بشيرة بن مراد ان أحداث 9 أفريل 1938 شكلت منعرجا بالنسبة للحراك النسائي «بعد حوادث 9 أفريل، المراة ولات مستعدة خير من قبل، وهذا نقيسوه في احتفالاتنا واجتماعاتنا».
وبيّنت بشيرة بن مراد البعد الاجتماعي والخيري والسياسي الذي اكتساه نشاط الاتحاد النسائي الاسلامي معرّجة على المضايقات التي كانت تتعرّض لها من قبل سلطات الاحتلال فقد استجوبت عديد المرات وتم سجنها سنة 1948 لمدة عشرين يوما فضلا عن ما عاشته بعد الاستقلال من اقصاء وابعاد عن الشأن العام.
كما سلّط الكتاب الضوء على شخصيات نسائيّة أخرى لعبت أدوارا حاسمة في حركة التحرير ومنهنّ المناضلة نبيهة بن ميلاد التي نشطت صلب الاتحاد النسائي الاسلامي قبل ان تنتقل الى اتحاد المرأة التونسية الذي تأسّس سنة 1944، وهو منظّمة مرتبطة بالحزب الشيوعي.. هذا الى جانب الدكتورة توحيدة بن الشّيخ وهي أوّل طبيبة تونسيّة تخرجت سنة 1936.. وقالت توحيدة بن الشيخ في شهادتها: «انّي مدينة لوالدتي بهذا النجاح، فهي امرأة ذكيّة وقفت بجانبي وهي أرملة وحرصت على تعليمي بكل حزم ونجحت».. وفي سنة 1945 كونت الدكتورة جمعية خيريّة أطلقت عليها اسم «دار القماطة التونسية» هدفها مساعدة العائلات الفقيرة في ما يخصّ احتياجات الأطفال والرضع».
وبيّنت بشيرة بن مراد البعد الاجتماعي والخيري والسياسي الذي اكتساه نشاط الاتحاد النسائي الاسلامي معرّجة على المضايقات التي كانت تتعرّض لها من قبل سلطات الاحتلال فقد استجوبت عديد المرات وتم سجنها سنة 1948 لمدة عشرين يوما فضلا عن ما عاشته بعد الاستقلال من اقصاء وابعاد عن الشأن العام.
كما سلّط الكتاب الضوء على شخصيات نسائيّة أخرى لعبت أدوارا حاسمة في حركة التحرير ومنهنّ المناضلة نبيهة بن ميلاد التي نشطت صلب الاتحاد النسائي الاسلامي قبل ان تنتقل الى اتحاد المرأة التونسية الذي تأسّس سنة 1944، وهو منظّمة مرتبطة بالحزب الشيوعي.. هذا الى جانب الدكتورة توحيدة بن الشّيخ وهي أوّل طبيبة تونسيّة تخرجت سنة 1936.. وقالت توحيدة بن الشيخ في شهادتها: «انّي مدينة لوالدتي بهذا النجاح، فهي امرأة ذكيّة وقفت بجانبي وهي أرملة وحرصت على تعليمي بكل حزم ونجحت».. وفي سنة 1945 كونت الدكتورة جمعية خيريّة أطلقت عليها اسم «دار القماطة التونسية» هدفها مساعدة العائلات الفقيرة في ما يخصّ احتياجات الأطفال والرضع».
كتاب يوثق مؤتمرات الاتحاد الوطني للمرأة التونسية
الكتاب الرابع والأخير الذي سنتوقّف عنده في هذا المقال يحمل عنوان «الاتحاد الوطني للمرأة التونسية ـ الجزء الأول 1956 ـ 1986» وتعرضت فيه الكاتبة السيدة الدوّ القايد الى مسيرة منظمة الاتحاد الوطني للمرأة التونسية منذ فترة تأسيسه سنتي 1955 و1956 ثم انعقاد مؤتمره الأول سنة 1958 بدار الشغالين والذي انتهى بانتخاب هيئة مركزية ترأستها راضية الحداد وصولا الى المؤتمر الثامن الذي انعقد سنة 1986 بمدينة بنزرت.
وتضمّن الكتاب تغطية للمؤتمرات الثمانية بما فيها الخطابات التي ألقيت بالمناسبة والتقارير المالية والأدبيّة فضلا عن مجموعة من الصور النادرة التي ترصد النشاط النسوي صلب الاتحاد..
وممّا استوقفنا في هذا الكتاب التوثيقي الهام، ما جاء في الخطاب الذي ألقاه الرئيس الحبيب بورقيبة في افتتاح المؤتمر الثالث للاتحاد سنة 1962 حيث تعرّض بورقيبة الى محاولة الانقلاب التي قادها الأزهر الشرايطي ضدّه قائلا:«على أنّكم تعرفون أنّي لا أخاف الموت فقد أشرفت عليه مرات لا حصر لها على أيدي فرنسا وتحت رصاصها وفي السّجون حيث عانيت المصائب وقسوة الاسمنت، ولكنّي أخاف على هذه الدولة ان تتفكّك وتنخرها الفوضى وتتقاتل هذه الجماعة مع تلك».
ومما جاء أيضا في الكتاب، معطيات قد تفسّر واحدا من أسباب انسحاب بشيرة بن مراد من المشهد النسائي سنة 1955، حيث تساءلت المناضلة اسماء الرباعي قائلة: «بعد الاستقلال، توقف نشاط بشيرة بن مراد وما نعرفش عندها علاقات باهية مع سعيدة ساسي (ابنة اخت بورقيبة) وإلا لا؟» في اشارة للدور الذي قد تكون لعبته هذه الأخيرة لابعاد بعض الوجوه المناضلة». ثم قدمت بشيرة بن مراد شهادتها قائلة: «في 3 أيام، بعثلي الزعيم الحبيب بورقيبة وسألني آش ننوي القيام به، مازلت ما جاوبتش والجماعة تلموا وعملوا هيئة الاتحاد النسائي وغيروا اسم الاتحاد النسائي الاسلامي... ومن وقتها ما اتصل بيّ حدّ من الاتحاد النسائي الجديد وقعدت بقدر نشعر وكأن جميع نساء وبنات واولاد تونس بناتي واولادي.. لو كان ما عملتش هكة راني ضعت»..
وتضمّن الكتاب تغطية للمؤتمرات الثمانية بما فيها الخطابات التي ألقيت بالمناسبة والتقارير المالية والأدبيّة فضلا عن مجموعة من الصور النادرة التي ترصد النشاط النسوي صلب الاتحاد..
وممّا استوقفنا في هذا الكتاب التوثيقي الهام، ما جاء في الخطاب الذي ألقاه الرئيس الحبيب بورقيبة في افتتاح المؤتمر الثالث للاتحاد سنة 1962 حيث تعرّض بورقيبة الى محاولة الانقلاب التي قادها الأزهر الشرايطي ضدّه قائلا:«على أنّكم تعرفون أنّي لا أخاف الموت فقد أشرفت عليه مرات لا حصر لها على أيدي فرنسا وتحت رصاصها وفي السّجون حيث عانيت المصائب وقسوة الاسمنت، ولكنّي أخاف على هذه الدولة ان تتفكّك وتنخرها الفوضى وتتقاتل هذه الجماعة مع تلك».
ومما جاء أيضا في الكتاب، معطيات قد تفسّر واحدا من أسباب انسحاب بشيرة بن مراد من المشهد النسائي سنة 1955، حيث تساءلت المناضلة اسماء الرباعي قائلة: «بعد الاستقلال، توقف نشاط بشيرة بن مراد وما نعرفش عندها علاقات باهية مع سعيدة ساسي (ابنة اخت بورقيبة) وإلا لا؟» في اشارة للدور الذي قد تكون لعبته هذه الأخيرة لابعاد بعض الوجوه المناضلة». ثم قدمت بشيرة بن مراد شهادتها قائلة: «في 3 أيام، بعثلي الزعيم الحبيب بورقيبة وسألني آش ننوي القيام به، مازلت ما جاوبتش والجماعة تلموا وعملوا هيئة الاتحاد النسائي وغيروا اسم الاتحاد النسائي الاسلامي... ومن وقتها ما اتصل بيّ حدّ من الاتحاد النسائي الجديد وقعدت بقدر نشعر وكأن جميع نساء وبنات واولاد تونس بناتي واولادي.. لو كان ما عملتش هكة راني ضعت»..
السيدة الدّو القايد في كلمات
مناضلة من مواليد سنة 1936 بصفاقس واعلامية متقاعدة من اذاعة صفاقس وكاتبة ومنتجة برامج اذاعيّة، انخرطت في الحراك النسوي والنشاط السياسي بالجهة.. وهي كذلك كاتبة مسرحية وقصصية، عضو اسرة تحرير مجلة المرأة ومراسلتها بالجنوب، عضو عامل بجمعية حقوق المؤلفين، عضو اتحاد الكتاب التونسييين، ورئيسة جمعية محمد الجموسي للموسيقى والفنون ومتحصلة علي عدة أوسمة وشهائد تقدير على المستوى الجهوي والوطني والدولي.
مناضلة من مواليد سنة 1936 بصفاقس واعلامية متقاعدة من اذاعة صفاقس وكاتبة ومنتجة برامج اذاعيّة، انخرطت في الحراك النسوي والنشاط السياسي بالجهة.. وهي كذلك كاتبة مسرحية وقصصية، عضو اسرة تحرير مجلة المرأة ومراسلتها بالجنوب، عضو عامل بجمعية حقوق المؤلفين، عضو اتحاد الكتاب التونسييين، ورئيسة جمعية محمد الجموسي للموسيقى والفنون ومتحصلة علي عدة أوسمة وشهائد تقدير على المستوى الجهوي والوطني والدولي.
شيراز بن مراد
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق