في إطار تظاهرة «ربيع الكتاب»، استضاف صالون ناس الديكاميرون للآداب والفنون المتوّجين الثلاثة بجائزة الكومار لسنة 2015. ومثلّ اللقاء الذي انتظم بشرفة المسرح البلدي ونشطه الباحث في الفلسفة والجماليات عدنان الجدي فرصة كشف خلالها الضيوف الثلاثة شكري المبخوت وجمال الجلاصي ونبيل قديش عن رؤيتهم لعالم الرواية.
شكري المبخوت: الوظيفة الأساسيّة للأدب هي إمتاع القارئ
اعتبر الكاتب شكري المبخوت الحائز على جائزة الكومار الذهبي وكذلك على جائزة البوكر عن رواية «الطلياني» أنّ في مؤلفه جانبا تأمليا حاول فيه ايجاد رابط ومعنى لأحداث مفكّكة. وقال انّه بعد مضي حيز زمني لا بأس به وتوفر مسافة ضرورية عاد الى فترة شبيهة بما نعيشه اليوم من تغيّرات.. وذكر المبخوت انّ أحداث روايته دارت في المناخ السياسي الذي عرفته تونس في صائفة 86 ـ 87، فترة بلبلة شابتها المخاوف والآمال بين التفجيرات والمظاهرات وحالة الرعب التي عاش على وقعها التونسيون مع خريف الزّعيم الحبيب بورقيبة. وأشار المبخوت الى أنّ خطاب 7 نوفمبر كان آنذاك بمثابة المتنفّس وان كانت هناك وقتها مخاوف لدى عدد من المثقّفين.
وأضاف الكاتب انّ روايته ليست سياسية، بل ربما كان الجانب السياسي هو البارز فيها، لكنّها لبست لبوسا تخييلية وانسانيّة وهو ما لا يستطيع المؤرّخ فعله، فبناء الشخصيات كان بناء نفسيا أكثر منه سياسيا ولعل الشغل الشاغل في الرواية ـ دائما وفق المبخوت ـ هو التقاطعات ما بين ماهو اجتماعي وسياسي..
وبيّن المبخوت انّه لا يزعجه أن يقال عن روايته انّها كلاسيكيّة او اشتراكيّة او سياسيّة، فالمهمّ بالنسبة إليه هو «المتعة» وهي وظيفة أساسية للفن الى جانب ما تحمله الرواية من جديد في التصوّر العام والمقاربة.
جمال الجلاصي: روايتي سلطت الضوء على علي بن غذاهم "المصلح المضاد"
ثم تولى الباحث عدنان الجدي تقديم رواية «باي العربان» التي فازت بجائزة لجنة التحكيم في مسابقة الكومار قائلا انّها رواية تطرقت لمسيرة ثائر من ثوار القرن التاسع عشر ألا وهو علي بن غذاهم، معتبرا انها رواية مخاتلة في خاماتها السردية وفي اعادة كتابة المواد التاريخية متخلصا الى صورة أخرى عن علي بن غذاهم حيث ينافس الجانب التخييلي الجانب التاريخي..
ومن جهته قال جمال الجلاصي أن أحمد بن ابي الضياف المؤرخ الرسمي و"كاتب سرّ" الباي شوّه صورة المناضل علي بن غذاهم الذي كان يمثل المصلح المضادّ للموجة الاصلاحيّة الرسمية والتي كانت بمثابة الحركة الفوقية التي لم تمس عمق تونس.
وفي السياق نفسه، اشار جمال الجلاصي الى انّ المجلس الأكبر للباي كان يعدُّ تونسيين إثنين فقط (أحمد بن ابي الضياف وسوسو بيشي) واما الآخرون فهم من الأتراك. وقال جمال الجلاصي انه أراد ان يعود الى ما هو جميل في القرن التاسع عشر رغم تعثراته، فهذا القرن فيه الكثير من الإضاءات وكانت فيه الأجواء الاجتماعية ايجابية على غرار التعايش بين الأديان الثلاثة والطابع السلمي لثورة علي بن غذاهم ضد المجبى.
نبيل قديش: «زهرة عبّاد الشمس» بعيدة كلّ البعد عن الواقعيّة الفجّة
ومن «الطلياني» و«باي العربان» الى رواية «زهرة عبّاد الشمس» للكاتب نبيل قديش والتي حازت جائزة الاكتشاف في مسابقة الكومار.. وقال الباحث عدنان الجدي انّ الرواية تعتمد على الجانب العجائبي الذي وقع استنطاقه انطلاقا من الخامات التونسيّة والخيال الشعبي التونسي..
ومن جهته قال الكاتب نبيل قديش انّه استلهم الفكرة الأساسيّة لروايته من الميثولوجيا الاغريقيّة.. وذكر صاحب رواية «زهرة عبّاد الشمس» انّ مؤلفه بعيد كل البعد عن الرواياتالواقعيّة الفجة ويعكس من خلال شخصيّة البطل «عزازير» زخاف فلسفية وتأملية في علاقة المخلوق بالخالق..
وذكر نبيل قديش انه لم يسقط في روايته في مستنقع الثورة مثل عديد الكتاب وأنّ الروائي بحاجة الى وقت والى مسافة من الأحداث الآنية وإن كان أشار اشارات طفيفة الى الارهاب والى جنودنا البواسل.
شيراز بن مراد
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق