الخميس، 12 يوليو 2012

لماذا انزعجت الحكومة من تصريحات الهيئة الوطنية لإصلاح الإعلام؟

كردّ فعل على إعلان الهيئة الوطنية لإصلاح الإعلام التي يرأسها السيد كمال العبيدي وضع حد لعملها بعد ملاحظتها «غياب خطوات عملية تعكس إرادة سياسية حقيقية لإعلام حرّ ومستقل وملتزم بالمعايير الدولية»، دعا المستشار الإعلامي لرئاسة الحكومة لطفي زيتون الهيئة إلى النأي بنفسها عن التوظيف السياسي.. وهو موقف لا يمكن إلا أن يعكس انزعاج الحكومة من البيان الذي أصدرته هيئة إصلاح الإعلام والذي عبرت فيه عن امتعاضها من عديد المسائل ورفضها أن تكون «مجرد ديكور في الوقت الذي يتواصل فيه تراجع القطاع»..
 

وقد دعت هيئة إصلاح الإعلام في بيانها «كافة المعنيين في المجتمع المدني للدفاع عن حق المواطن في إعلام حر ومستقل وإلى التحرك من أجل حماية هذا الحق الذي أصبح مهددا أكثر من أي و قت مضى منذ إزاحة الرئيس السابق».. كما عبرت الهيئة عن أسفها من استمرار رفض الحكومة اعتماد المرسوم 116 الذي ينظم حرية الاتصال السمعي والبصري معتبرة أن هذا الرفض «أفرز فراغا قانونيا فسح المجال لاستباحة المشهد السمعي البصري».. وشبهت الهيئة الوطنية لإصلاح الإعلام في البيان نفسه تسمية الرؤساء المديرين العامين للمؤسسات الإعلامية العمومية بما كان يحدث في العقود الماضية.
 

وهو ما لم تستسغه رئاسة الحكومة التي أعربت في بيان صادر عنها أنها «اُتهمت باطلا بالرقابة و التضليل» مضيفة أن «ما زاد الطين بلّة أن تلعب الهيئات التي تناط بعهدتها مهمة الدفاع عن حرية الإعلام وتنوع المشهد الإعلامي، دور المدافع المستميت عن أحادية المشهد الإعلامي، متجاوزة في ذلك، الحدود الوطنية الى محاولة تكميم المؤسسات الإعلامية التي دفعتها سياسات الهيئة المنحازة الى البث من خارج البلاد بعد حرمانها بغير وجه حق من الترخيص»..
 

يبدو إذن ـ من خلال المصطلحات والعبارات المستعملة من كلا الطرفين ـ أنّ لغة الحوار انقطعت نهائيا بما لا يفسح المجال لأي تعامل مستقبلي بعد أن خلنا أننا قطعنا مع عقلية التنافر وإلقاء التهم والنرجسية المرضية التي يعاني منها عدد من مسؤولينا.. نأسف حقا لانقطاع جسور التواصل بين الحكومة والهياكل المعنية بالشأن الإعلامي بما يزيد في تعميق الأزمة التي يعاني منها القطاع على عدة مستويات (الاستقلالية ـ غياب القوانين ـ التسميات ـ معضلة الإعلانات الحكومية..)
 

وحتى لا ندخل في التبريرات الواهية والحسابات السياسية الضيقة، نرى أنه من الضروري أن تستمع الحكومة ـ لا أن تنزعج ـ لكل الملاحظات الواردة عليها وأن تثق بخبرات هذه البلاد وكفاءاتها مهما كانت انتماءاتها حتى لا تدخل في غيبوبة الهتافات المباركة ومعسول الكلام الذي لن يجديها ويجدينا نفعا.. إنّ الأصوات الناقدة المتأتية من مختلف هيئات المجتمع المدني هي بمثابة قوارب نجاة لو تخلينا عنها سنجد أنفسنا أمام مآزق كبرى لا قدر الله...
 

فلنكف عن هذا الإقصاء ولنعمل على إشراك كل كفاءات القطاع الإعلامي حتى نتمكن من إيجاد أنسب الهياكل وأفضل القوانين وأنجع الوسائل لضمان إعلام تونسي حرّ ومستقل ومهني يخدم مصلحة تونس وحدها، لا مصلحة الأحزاب والحسابات الضيقة.

شيراز بن مراد

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق