الخميس، 22 نوفمبر 2012

"ديقاج" لمحمد الزرن: حتى لا ننسى لحمة أبناء سيدي بوزيد ضد قمع نظام بن علي


أهدى المخرج محمد الزرن فيلم «ديقاج» الذي افتتح الدورة 24 لايام قرطاج السينمائية لروحي الشهيدين محمد البوعزيزي وحسين ناجي وهذا الأخير شاب اصيل مدينة سيدي بوزيد توفي يوم 22 ديسمبر2010 بعد ان انسدت الآفاق في وجهه فقرر ان يرمي بنفسه من أعلى عمود كهربائي..
ومن خلال هاتين الشخصيتين والمحيط الذي كانا يعيشان فيه حاول الزرن ان يرسم مختلف «عقد» النول الذي أهدانا سجاد الثورة التونسية.. وتعرّض الفيلم الوثائقي الذي صور أطوارا من القصبة 1 والقصبة 2  إلى  قضايا الفساد والظلم الذي يعاني منها مواطنو سيدي بوزيد والى «اللحمة» التي تجسدت بين المواطنين ومحامي الجهة واتحاد الشغل وكذلك بعض النشطاء السياسيين والتي لولاها لما توسعت رقعة الاحتجاجات..
هل نعرف البوعزيزي؟

سلّط محمد الزرن الاضواء على الايام الاخيرة من حياة محمد البوعزيزي وذلك من خلال شهادات لمجموعة من أصدقائه المقربين الذين تحدثوا عنه كشخص يحب الحياة وموسيقى الرقراقي والجلسات الخمرية رغم صعوبة الظروف وضيق الآفاق، وروى أحد أصدقائه كيف أصبح البوعزيزي مواظبا على الصلاة بينما نقل آخر تفاصيل ما حدث له مع عونة التراتيب فادية ومن ثمة توجهه نحو الولاية للتشكي غير أن الابواب أوصدت في وجهه، فقرر ان يحرق نفسه تعبيرا عن حالة اليأس القصوى التي بلغها..
المحامي خالد عواينيّة: «كانت هناك مؤشرات لزلزال قادم»

أظهر فيلم«ديقاج» الدور الذي لعبه محامو سيدي بوزيد في ثورة 17 ديسمبر ـ لا 14 جانفي مثلما أكد على ذلك أحد أصدقاء محمد البوعزيزي ـ فاحتجاجهم يوم 25 ثم يوم 31 ديسمبر ساهم في إشعال فتيل الثورة.. واستمع محمد الزرن بالخصوص الى شهادة المحامي خالد عواينيّة الذي ذكر انه كانت ثمة مؤشرات لزلزال قادم..  وكان عواينيّة رافق مواطني سيدي بوزيد في الوقفة الاحتجاجية التي نظموها يوم 18 ديسمبر 2010 أمام مقر الولاية وحثّهم على التظاهر.. فضلا عن المحامين أدلى  الناشط السياسي وعضو الحزب الديمقراطي التقدمي سابقا عطية العثموني بشهادته فأبرز الدّور الذي لعبه بعض سياسيي الجهة في حشد المواطنين وتحريضهم على مواصلة التحرك والاحتجاج بمعاضدة الاتحاد الجهوي للشغل وعلى رأسه علي الزارعي..  من ناحية أخرى سلط الزرن الاضواء على مجموعة من الشبان كانت تصوّر المواجهات التي دارت بين المواطنين والشرطة ومن ثمّ بثّتها على الانترنات وهو ما ساهم في كشف ضراوة القمع البوليسي وتمسك الاهالي بالتعبير عن مطالبهم..
«80 دينارا للمعتمد باش تقضي قضيتك»

وبطريقة غير مباشرة، طرح الفيلم  قضية أساسية وهي تفشي ظاهرة الفساد وبالتحديد الرشوة حيث ذكر أحد المستجوبين أنه كان على المواطن دفع 80 دينارا للمعتمد لقضاء شؤونه من وثائق إدارية وغيرها، هذا الى جانب الظلم الذي كان يشعر به الباعة المتجولون بسبب اقدام اعوان التراتيب البلدية على حجز «ميزان الخدمة» بطريقة متعسفة.. كما صوّر الزرن مشهدا مؤثرا لامرأة كانت بصدد مغادرة بيتها على الساعة الخامسة صباحا متوجّهة إلى عملها قائلة: «سأشتغل إلى غاية الساعة الخامسة مقابل 4 دنانير» وللمشاهد أن يفهم حجم معاناة فئات عديدة منا..
 شهادات من القصبة 1و2
كما نقل الزرن شهادات عن معتصمي القصبة 1 و2 والذين نادوا بإسقاط حكومتي محمد الغنوشي المتعاقبتين بعد أن حافظتا على بعض رموز من النظام السابق وكيف أدى الاعتصامان الى إبعاد الغنوشي وعدد من وزراء بن علي.. وبينما كانت بعض الشهادات مؤلمة وخاصة تلك التي عبر عنها بصمت صارخ من اختاروا «تخييط» أفواههم، جاءت شهادات أخرى في قالب طريف، ومنها ذلك المواطن الذي  أخرج رأسه من تحت «البطانية» ليقول إنّنا توانسة ولا يجب ان نزايد على بعضنا البعض..
«ديقاج» لم ينقل فقط شهادات مواطنين حول ما عاشه البوعزيزي وما تلا ذلك من أحداث ثورية بل وضع اصبعه على مكمن الداء أي معاناة العديد من التونسيين من التوزيع غير العادل للثروات وانسداد الافق أمامهم فضلا عن تفشي الفساد وظلم المسؤولين المحليين الذي لم يكن همهم خدمة المواطن بقدر ما سعوا إلى المحافظة على مناصبهم..

شيراز بن مراد

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق