السبت، 19 أبريل 2014

عرض «وجوه وألوان برية» لحسين مصدق: وراء الألوان.. شمس بازغة وأحزان


هل يمكن تجميع هموم العالم في وجه إنسان؟ هل يمكن أن تختزل تقاسيم وجه امرأة مآسي السياسة أو أحلام الطفولة ؟ هذه بعض الأسئلة التي يمكن أن تجتاح ذهنك وأنت تجوب معرض «وجوه وألوان برية» للرسام التشكيلي حسين مصدق والذي تحتضنه دار الثقافة ابن رشيق إلى غاية يوم 18 أفريل الجاري.

فقد اختار مصدق أن تكون الوجوه محورا أساسيا لمعرضه، وجوها صامتة موصدة كأبواب مدينة عتيقة تخلى عنها أهلها فصرخت وحدتها ويأسها ووجوها فتحت مصراعيها على حقول بيضاء وبرتقالية وخضراء فعبرت عما يمكن أن يرتع بداخل الإنسان من أحاسيس... ففاضت إحدى اللوحات بحزن عروس أخفت من هول حزنها حمرة الشمس البازغة... وثارت في لوحة أخرى، امرأة أرجوانية على العالم، فتفجرت كالبركان الذي لا يعترف بالحدود..

وفي لوحة «الجدار» تلاصقت وجوه برتقالية لتذكرنا بالجدار العازل الذي أقامته إسرائيل على أرض فلسطين، فيما جسمت لوحة «بورتريه2» قوّة ورقة آلهة يونانية قديمة أغمض الكرى أجفانها، إلى غير ذلك من اللوحات التي تنشد التواصل مع ماهو بالداخل، مع ما هو مخفي وراء الأقنعة... وقد صرح لنا حسين مصدق أنّه بقدر ما تشده تفاصيل وجوه الشخوص التي يرسمها يهمه ان يلامس شذرات مما هو موجود خلف هذه الأقنعة قائلا: «الناس نشوفهم بطريقتي الخاصة، ألغي جماليتهم الظاهرة لكل أغوص في ما يمكن أن يعتمل داخلهم من أحاسيس ومن أحلام»...

وإلى جانب المقترح الفني الذي قدمه حسين مصدّق في معرض «وجوه وألوان برية» تتصاعد من لوحاته نغمات شعرية تدعو المشاهد التي التوقف عند رصيف ذاكرة مفقودة، الى إلقاء نظرة على شارع خلفي ينبض إيقاعا متروكا، الى الانصات الى عطش امرأة لحب صيفي محته الأيام... وهي مشاهد توحيها لوحات مصدق كما يوحي بها شعر محمود درويش عندما يتحدث عن المدن الضائعة وعن الألوان القرمزية وزرقة البحر البعيد بحثا عن قوس قزح يعقب العاصفة.

 شيراز بن مراد

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق