قدّمت الأستاذة آمنة بن ميلاد يوم الجمعة 13 نوفمبر فيلم «السيدة منوبية والاسلام الصوفي» الذي أنجزته بمعيّة المخرج صامد الحاجي وبمشاركة الممثلين لبنى مليكة ورشدي بلقاسمي بدعم من مؤسسة روزا لوكسنبورغ..
واكتظت قاعة عرض دارالنجمة الزهراء بسيدي بوسعيد بجمهور طغى عليه الحضور النسائي والذي واكب باهتمام المواضيع التي طرحها الفيلم علي غرار المعطى الديني وعلاقته بالدولة، والحجاب، ومكانة المرأة في القرن الثالث عشر وهو القرن الذي عاشت فيه السيدة المنوبيّة.. وقد بدا واضحا تعطّش الحضور لمفاهيم الاسلام الصوفي ورغبتهم في مزيد التعرّف على السيدة عائشة المنوبية هذه الشخصية الفريدة (1190 ـ 1266) التي تمثل واحدة من أبرز الوجوه النسائيّة في تاريخ تونس.
وقد تضمن الفيلم الذي تم تصويره بمتحف باردو ـ في اشارة واضحة لما يعج به تاريخ تونس من محطات فارقة ومن ثراء انساني جلّي ـ عدّة معطيات حول هذه المرأة الفريدة التي تتلمذت على يدي الولي الصالح ابو الحسن الشاذلي، وكان قدم آنذاك الى تونس من المغرب.. فقد وُلدت السيدة المنوبية بجهة منوبة سنة 1190 واتخذت من الاسلام الصوفي الذي يعتبر القرآن المنبع والأصل ـ لا الشريعة ـ مذهبا لها.. ختمت القرآن اكثر من 1500 مرة وأضحت مرجعا يعود اليه الزائرون لتفسير ما قد يستعصي على فهمهم.
وقفت السيدة المنوبية ضد العبودية، واعتبرت انه لا يوجد فرق بين المرأة والرجل ونادت بالمساواة بينهما كما دافعت عن المحتاج، وهي من بين الصفات التي أوردها الفيلم حول شخصية السيدة المنوبية.. وعندما غادر بلحسن الشاذلي تونس متوجها نحو مصر، ألبس السيدة منوبية خاتمه لتصبح قطبا و«نورا» يتوجه نحوه المريدون.. ويوم توفيت السيدة المنوبية، حضر علماء الزيتونة جنازتها وصلّوا عليها مودّعين امرأة استثنائيّة على مدى العصور..
كما جاءت في الفيلم ايضا ومضات حول مفهوم الاسلام الصوفي الذي كان جلال الدين الرومي وابن العربي والحلاج ورابعة العدوية من أبرز أعلامه، ويقول الفيلم -الذي لبس لبوس التزهد في مقاربته السينمائية أسوة بموضوعه: بساطة الديكور وطابع "الترك" الذي تميزت به الشخصيات-: «المدرسة الصوفية هي الحفاء والذكاء والحب والسلام بين الناس والأديان»..
وفي هذا السياق، دعّمت الاستاذة آمنة بن ميلاد فيلمها بتساجيل مع الأستاذين يوسف الصدّيق ونائلة السليني. ومما جاء على لسان الصديق أنّ القرآن انتصر للمرأة «أصل وموقع الحياة»، وقالت السليني انّ الشريعة هي ارادة الناس وليست بكلام الله، وهي تكرّس دُونية المرأة.
ويمكن القول إنّ فيلم «السيدة منوبية والاسلام الصوفي» والذي أهدته آمنة بن ميلاد الى أرواح الشهداء الذين سقطوا في أحداث متحف باردو الارهابيّة في مارس 2015، يُمثل دعوة للتعرف على السيدة عائشة المنوبية واحدة من أبرز أقطاب الاسلام الصوفي الذي ينادي بالتسامح والتحابب والسماواة بعيدا عن كلّ اشكال الغلو والتطرّف الذي نعيشه اليوم.. السيدة عائشة المنوبية وهبت حياتها للدّفاع عن المحتاج وعن قيم الزهد في الحياة، فلماذا لا ننهل من مدرستها ولا نطلع على تجربتها؟
شيراز بن مراد
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق