من المياه ما يجري في الأودية الرئيسية ومن المياه ما يتفرّع عنها ليجري
في الروافد الجانبية المفعمة بروح تنبض حريّة ومقاومة ورفضا للقوالب
الجاهزة.. في هذه الروافد، نبش المخرج رضا التليلي (شُهر أيّا كان) نبش من
يبحث عن محارة نادرة ليقع اختياره على جمعية «أهل الكهف» التي أنجز حولها
شريطا وثائقيا وهي التي اختصت في فن الشارع (Street art) للتعبير فنيّا
عمّا يشغلها من قضايا مجتمعية.. وقد عرض الفيلم الذي يحمل عنوان «ثورة غير
درج» خلال الأسبوع الفارط في إطار الملتقى السنوي الأوّل لمخرجي الأفلام
التونسية.
وفي هذا السياق، قد تكون اعترضتكم جدران كساها أعضاء «أهل الكهف» بفنهم الذي يدعو إلى تحريك المياه الآسنة، وقد تكونون شاهدتم حائطا رُسم عليه سرب من النّمل يغادر مغارته في إيحاء لعقلية القطيع السائدة، وقد تكونون شاهدتم على بعض المنازل المتداعية صورا لوجوه فلسفية بارزة على غرار ميشال فوكو الذي عرف بنقده لميكانيزمات الضغط التي تمارسها السلطة من خلال مجالات تبدو محايدة على غرار الفن أو الطب أو تكونون لاحظتم رسما لحذاء طاغية يرمز للقمع الذي يمارسه الحكام..
ودون تكلّف أو اصطناع، اقترب المخرج من محمد علي اللطيّف وزياد الحضري (وهما عضوان من جمعية «أهل الكهف») ليلامس بعض ما يعتمل في أعماقهما، فاستمع إلى أحلامهما وإلى مواقفهما والتي خلاصتها أن الثورة لم تستكمل بعد.. وقد توّفق «أيّا كان» في نقلنا من المنظومة السائدة بقواعدها وبنواميسها إلى منظومة أخرى تختلف فيها الرؤى والمنطلقات والخلاصات والتي اختارت جماعة «أهل الكهف» أن تعيش في ظلّها، من ذلك أن محمد علي اللطيّف يرى أن الإعلام العمومي هو الناطق الرسمي باسم الحكومة، بينما يشكل الإعلام الخاص احتياطي السلطة، كما يعتبر محمد علي أن أول شهيد للثورة التونسية ليس محمد البوعزيزي بل حفناوي مغزاوي الذي قتل يوم 6 جوان 2008 برصاص قوات الأمن خلال الاحتجاجات التي عرفها الحوض المنجمي..
ومن بين ما صوّر رضا التليلي جلسة شارك فيها الصحفي الفاهم بوكدوس والسينمائي رفيق عمراني وتطرق فيها الحضور إلى أهمية الصورة التي تؤرخ وتفضح وتكشف السيء من الممارسات.. وفي هذا الصدد، صرّح الفاهم بوكدوس أن «قمع الصورة سيتواصل لأن الأنظمة الاستبدادية، تخشى الابداع وكل ما هو محفز للنضال»..
ويمكن القول أن رضا التليلي اقتفى في «الثورة غير درج» أثر ذرات صدق متناثرة وذرات فن صادق يستفز ذكاء المتلقي ليدفعه على درب السؤال والى مقاومة كل أشكال الاستبلاه.. تلك هي الصورة التي ارتسمت في أذهاننا عن جماعة «أهل الكهف»، كهف لا يعترف بالظلمات بل يتحداها لنشر الحرية والانعتاق من كل الأغلال..
ولعل أجمل ما في الفيلم، تركيز المخرج على تصوير لحظات ضعف كما لحظات ابداع وعطاء «أهل الكهف»، وهو أجمل ما يمكن أن يرويه فنان عن فنان..
وفي هذا السياق، قد تكون اعترضتكم جدران كساها أعضاء «أهل الكهف» بفنهم الذي يدعو إلى تحريك المياه الآسنة، وقد تكونون شاهدتم حائطا رُسم عليه سرب من النّمل يغادر مغارته في إيحاء لعقلية القطيع السائدة، وقد تكونون شاهدتم على بعض المنازل المتداعية صورا لوجوه فلسفية بارزة على غرار ميشال فوكو الذي عرف بنقده لميكانيزمات الضغط التي تمارسها السلطة من خلال مجالات تبدو محايدة على غرار الفن أو الطب أو تكونون لاحظتم رسما لحذاء طاغية يرمز للقمع الذي يمارسه الحكام..
ودون تكلّف أو اصطناع، اقترب المخرج من محمد علي اللطيّف وزياد الحضري (وهما عضوان من جمعية «أهل الكهف») ليلامس بعض ما يعتمل في أعماقهما، فاستمع إلى أحلامهما وإلى مواقفهما والتي خلاصتها أن الثورة لم تستكمل بعد.. وقد توّفق «أيّا كان» في نقلنا من المنظومة السائدة بقواعدها وبنواميسها إلى منظومة أخرى تختلف فيها الرؤى والمنطلقات والخلاصات والتي اختارت جماعة «أهل الكهف» أن تعيش في ظلّها، من ذلك أن محمد علي اللطيّف يرى أن الإعلام العمومي هو الناطق الرسمي باسم الحكومة، بينما يشكل الإعلام الخاص احتياطي السلطة، كما يعتبر محمد علي أن أول شهيد للثورة التونسية ليس محمد البوعزيزي بل حفناوي مغزاوي الذي قتل يوم 6 جوان 2008 برصاص قوات الأمن خلال الاحتجاجات التي عرفها الحوض المنجمي..
ومن بين ما صوّر رضا التليلي جلسة شارك فيها الصحفي الفاهم بوكدوس والسينمائي رفيق عمراني وتطرق فيها الحضور إلى أهمية الصورة التي تؤرخ وتفضح وتكشف السيء من الممارسات.. وفي هذا الصدد، صرّح الفاهم بوكدوس أن «قمع الصورة سيتواصل لأن الأنظمة الاستبدادية، تخشى الابداع وكل ما هو محفز للنضال»..
ويمكن القول أن رضا التليلي اقتفى في «الثورة غير درج» أثر ذرات صدق متناثرة وذرات فن صادق يستفز ذكاء المتلقي ليدفعه على درب السؤال والى مقاومة كل أشكال الاستبلاه.. تلك هي الصورة التي ارتسمت في أذهاننا عن جماعة «أهل الكهف»، كهف لا يعترف بالظلمات بل يتحداها لنشر الحرية والانعتاق من كل الأغلال..
ولعل أجمل ما في الفيلم، تركيز المخرج على تصوير لحظات ضعف كما لحظات ابداع وعطاء «أهل الكهف»، وهو أجمل ما يمكن أن يرويه فنان عن فنان..
شيراز بن مراد
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق