الخميس، 12 يناير 2012

هل أخطأت النهضة والمؤتمر والتكتّل في حق الشعب التونسي؟



لئن لم يحن بعد الوقت للحكم على أداء الحكومة التي اختارها التحالف الفائز في انتخابات 23 أكتوبر، فانّ سؤالا أصبح يطرح نفسه بإلحاح هذه الأيّام وهو هل أخطأت النهضة والمؤتمر والتكتّل في حقّ الشعب التونسي؟ هل أخطأ الثالوث الحاكم عندما بادر بتعيين وزراء نهضويين ومؤتمريين وتكتليين في الوقت الذي طالب فيه العديد من المتابعين للشأن السياسي بتعيين حكومة تكنوقراط أي أخصّائيين تكون درايتهم أشمل وأعمق بالمشاكل التي تعصف بالبلاد..
كان طبيعيّا أن تتولى النهضة تسمية الحكومة التي تراها الأنسب لتصريف شؤون البلاد بما أنّها تصدرت الأحزاب الفائزة في الانتخابات، لكن ما نعيشه اليوم من اهتزازات وارتباك وانفلاتات يؤكّد لنا انّه كان من الأجدى والأسلم التفكير بمنطق مصلحة البلاد ولا بعقلية المكافأة السياسيّة..
أتذكّر في هذا السياق أنّ أحد نوّاب النهضة تحدّث عمّا أسماه «تخميرة المنهزمين في الانتخابات» والصّواب في أن نتحدّث عن «تخميرة الفائزين» التي سكنت عقول قادة حركة النهضة فإذا بهم يعرضون عن الكفاءات والخبرات التي تعجّ بها البلاد ليهدوا الحقائب الوزاريّة لأعضاء لا أعتقد أنّهم الأكثر أهلية لحلّ مشاكل تونس اليوم..
إنّنا مازلنا الى حدّ هذه الدقيقة ننتظر الشّرارة القادحة لدفع قاطرة البلاد ولكن لا التصريحات ولا المواقف تدلّ على انّ العهد الجديد الذي طالما انتظره التونسيون انطلق... فوزير حقوق الانسان والعدالة الانتقالية سمير ديلو ما انفكّ يحتجّ على عبارتي «رئيس مؤقّت» و«حكومة مؤقتة» وفي هذا مضيعة للوقت وانصراف إلى ما لا ينفع ولا يفيد، فكلّنا مؤقّتون وزائلون عن هذه الدنيا.. وأمّا وزير الصناعة والتجارة الأمين الشخاري فقد صرّح بأنّ الملفّات عديدة وعديدة جدّا في قفصة وهذه حقيقة تجاوزها الزمن وما كنّا ننتظر قدوم الشخاري ليكتشفها لنا..
لنقلها بصراحة، يبدو لنا وكأنّه تمّ تجاهل كفاءات البلاد (خبراء في الاقتصاد، في الماليّة، في التخطيط، في التنمية) لصالح موالين وأنصار تقتضي الموضوعيّة أن نعترف بأنّ أغلبهم ليسوا رجال المرحلة وليس لهم من الصنعة ما يسمح لهم بانتشال تونس من الأوضاع التي تردّت فيها...
نحن بحاجة اليوم الى New Deal أو عقد جديد كالذي وضعه الرئيس الأمريكي روزفالت سنة 1929 عندما زعزعت أمريكا أزمة اقتصاديّة خانقة فقد أقرّ مخطّط انقاذ قاوم به التدهور المصرفي والاجتماعي وذلك من خلال تشغيل قرابة 3 ملايين شاب ينتمون الى الأسر الضعيفة الحال في ترصيف الطرق وغرس الأشجار والعمل في مشاريع الصيانة كما أنشأ إدارة الأشغال العامة التي دعّمت بعث المشاريع والاستثمارات إلى غير ذلك من القرارات الثوريّة.. ومقابل هذا فإنّ ما يزعجنا اليوم هو انعدام الرؤية وغياب التخطيط القادرين على تغيير أحوال البلاد..
وإذا كان لابدّ من رسالة لأولي الأمر فهي التالية: لن ينفع الشعب التونسي في هذه الأوقات العصيبة، لا الوعود الفضفاضة ولا الابتسامات العريضة، بل المطلوب من حكومتنا أن تنكبّ في أولى جلساتها على الاستنجاد بالطاقات المشهود لها بالكفاءة كلّ في ميدانه لعلّ تونس تتخلّص من الاختناق الذي يكبّلها...

شيراز بن مراد

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق