الأربعاء، 12 سبتمبر 2012

عائلات شهداء الثورة: كرهنا الحياة، نطالب بالـمحاسبــة والتنميـة لــــيــســـت مـن نصـيـبــنـا

حضور مكثف لعائلات الشهداء وللناشطين في المجتمع المدني وللصحافيين في الندوة التي نظمتها جمعية النساء الديمقراطيات حول "أي عدالة انتقالية للنساء؟"
في غياب سمير ديلو وزير حقوق الإنسان والعدالة الانتقالية وبحضور عدد عام من عائلات ضحايا الثورة التونسية ومن الناشطين الحقوقيين والصحفيين، قدمت جمعية النساء الديمقراطيات خلال ندوة انتظمت يوم 8 سبتمبر بأحد نزل العاصمة تقريرا سلطت فيه الضوء على موجة العنف والاعتداءات التي هزت البلاد أثناء الثورة وذلك من خلال شهادات نساء تعرضن للتعنيف أو كن قريبات للضحايا.
ودعت أحلام بلحاج رئيسة الجمعية إلى ضرورة اعتماد عدالة انتقالية تُدمج فيها النساء على قدم المساواة مع الرجل بعدما عبرت عن قلقها من غياب هيئة مستقلة للعدالة الانتقالية ومن الحديث عن تعويضات قبل كشف الحقيقية.. نفس الموقف عبرت عنه استاذة القانون سناء بن عاشور التي شددت على أهمية إدماج مقاربة المساواة بين المرأة والرجل في العدالة الانتقالية مشيرة إلى أن الجمعية غير راضية على النصوص الرسمية التي وقع تقديمها لأنّها لم تأخذ بعين الاعتبار مقترحات المجتمع المدني.


تحية إلى نساء تونس
ووجه أعضاء الجمعية تحية لنساء الرديف والرقاب وتالة والقصرين وإلى كل امرأة شاركت في الثورة وقدمت التضحيات الجسام وذلك بهدف التأكيد مرة أخرى على الدور الذي لعبته المرأة في الثورة وعلى أهمية مساندة عديد النسوة اللاتي مازلن يعانين التهميش والحيف والإقصاء.


حتى لا ننسى
ويذكر أنّ جمعية النساء الديمقراطيات أوفدت منذ يوم 27 جانفي 2011 لجنة لتقصي الحقائق الى تالة والرقاب وسيدي بوزيد والقصرين (حي الزهور وحي النور) والحمامات وبنزرت بهدف تدوين شهادات الجرحى وأهالي الضحايا حول العنف الذي مورس عليهم، ويعتبر التقرير الذي تمّ تقديمه ـ يحمل عنوان: «تقصي الحقائق من خلال شهادات النساء حول أحداث الثورة التونسية: أي عدالة انتقالية؟» مرجعا هاما يوّثق الانتهاكات التي استهدفت متساكني المناطق التي بادرت بالانتفاض والاحتجاج ويطالب في نفس الوقت بتلافي التمييز الذي يسلّط على المرأة..


المجهودات غير كافية
واعتبرت الاستاذة حياة الجزار أنّ الحكومة لم تقم بالمجهودات الكافية في تعاطيها مع ملف شهداء الثورة التونسية من ذلك أنّها لم تبعث مثلا خلية انصات أو استقبال تعنى بالمشاكل الخصوصية التي تعاني منها عائلات الجرحى والشهداء ولم يولي القضاء أهمية لشهادة الشهود وغيرها من النقائص المتعلقة بمحدودية الاختبارات وبعدم الجدية في جمع الأدلة.


ظروف اقتصادية مزرية
ومن جهتها عرجت الدكتورة رجاء مراد على الظروف الاقتصادية والاجتماعية التي تعرفها منطقة تالة بالخصوص ومنها حالة المستشفى الجهوي بتالة الذي يشكو من عدة نقائص وتفشي مرض التهاب الكبد Hépathite B et C وغياب حملات التلقيح وكثرة الاضطرابات النفسية وطالبت بضرورة النهوض بالجهة في مجال الصحة بالخصوص وحق المواطنين في الوصول الى العلاج.


«أحنا ماناش عايشين كي مخاليق ربي، أحنا موتة بالحياة»

وكشفت الدراسة الميدانية التي أجرتها الجمعية الظروف الصعبة التي يعاني منها سكان مدن الشريط الغربي، فقد أطنبت شهادات النساء في وصف حالة الفقر والحرمان والنتائج الاجتماعية لهذا الواقع وتلتقي أغلبها في التعبير عنواقع مأساوي أهم ما يميزه سياسة التجاهل والإقصاء التي مورست على تلك المناطق: «أحنا ماناش عايشين كي مخاليق ربي، أحنا موتة بالحياة»، «تولد تلقى روحك بطال وتعيش طول عمرك بطال ما ثمة حل، حتى وين باش تمشي تخدم ما ثماش»، «رخام تالة معروف يوصل حتى لأمريكا يهزوه ويتخدم خارج جهتنا وما يخلولنا كان العجاج».


استهداف الجنازات وواقعة الحمام: أحداث لن تمحى من البال
كما استعرض التقرير كيف طالت يد القمع المحتجين في محاولة لوئد الانتفاضة ومن الأحداث التي لن تمحى من البال لبشاعتها استهداف جنازة الشاب مروان الجملي أول شهيد يسقط بجهة تالة برصاصة استقرت في قلبه حيث منع البوليس الأهالي من تشييعه وعندما اصروا، أطلق البوليس الرصاص الحي بطريقة عشوائية ليسقط عدد جديد من الشهداء ومن الجرحى.. وكذلك استهداف جنازة محمد أمين مباركي بحي النور من ولاية القصرين مما دفع بمجموعة من المحتجات للاحتماء بالحمام، الذي حوصر بالقنابل المسيلة للدموع، فاندفعت النساء الى الشوارع عاريات من شدة الرعب وكانت مكبرات الصوت تقول «يا فراشيش أحنا ولاد ليلى جينا باش نقتلوا رجالكم ونغتصبوا نساكم».. كما طال دخان القنابل المسيلة للدموع المساكن المجاورة مما أدى إلى اختناق الرضيعة يقين القرمازي واستشهادها.


شهادات عائلات الضحايا
مبروكة مباركي (أم الشهيد أمين مباركي): كرهت الحياة
بنبرات مجروحة ذكرت السيدة مبروكة أنّ ابنها استشهد يوم 8 جانفي بالقصرين ومنذ ذلك الحين كرهت الحياة وقالت إنّها بانتظار محاكمة القتلة لكي يبرد دمها.
منية الرتيبي (أم الشهيد ياسين الرتيبي): الشهداء ليسوا ورقة انتخابية
عبرت السيدة منية عن غضبها من الطريقة التي تتعامل بها الحكومة مع ملف الشهداء طالبة من الرئيس المنصف المرزوقي أن يزيل الشعار الذي يحمله.. وقالت إنّ ملف الشهداء تمّ استعماله كورقة انتخابية وطالبت بمحاسبة القتلة قائلة: «دمنا ولا شيء غيردمنا». كما تساءلت أين القائمة النهائية للشهداء ولما تشويه الجرحى؟».  

صدام العكرمي: «نُنسى كأنّنا لم نكن»
تحدث صدام العكرمي ابن مدينة الرقاب بغضب شديد حيث قال إنّ من قتل منال وغيرها يعرفه الجميع غير أنّ المحاسبة ليست في الطريق الصحيح.. وذكر: «الانتخابات ما تعنيناش والحرية الي تحكيو عليها ما تعنيناش والسياسة ما تعنيناش» وختم كلامه قائلا: «نُنسى وكأننا لم نكن».  

سعاد الخشناوي (أم الشهيد غسان الشنيتي): «أهانوا كرامتنا ونطالب بمحاسبة القتلة»
بارتعاشة في الصوت تحدثت السيدة سعاد الخشناوي لتقول: «ماذا عساني أن اقول بعد مرور سنة و7 أشهر على قيام الثورة؟ أبناؤنا خرجوا من أجل الكرامة لكن كرامتنا أهينت وفي كل جلسة محاكمة «الدم والسكر يطلع ويهبط» من غير أن نحصّل شيئا.. فلنبقى أوفياء لدماء الشهداء لا للكراسي».

 عفاف عيدودي: القصرين مهمشة وبطاقة الإعاقة غير كافية
تحدثت جريحة الثورة عفاف العيدودي عن معاناتها قائلة إنّها قضت 4 أشهر في السرير من جراء الإصابة التي لحقتها وإنّ بطاقة الإعاقة والستة ملايين التي تلقتها كتعويض غير كافية بالمرة فكلها صرفت في التداوي. وأضافت أنّ القصرين بقيت مهمشة وتمّ الاكتفاء بتوفير العمل في الحضائر في حين أن المنطقة تستحق التنمية..


التوصيات
وفي خاتمة التقرير، قدمت جمعية النساء الديمقراطيات مجموعة من التوصيات والاقتراحات ومنها ضرورة:
ـ التنسيق مع مختلف مكونات المجتمع المدني بهدف بعث خلايا إنصات مستقلة تعنى بمساندة ضحايا الثورة.
ـ رد الاعتبار للجرحى والجريحات والشهداء والشهيدات والتعجيل بالمداواة وصرف التعويضات الضرورية دون تمييز جنسي.
ـ تمكين عائلات الشهداء والجرحى من كافة حقوقهم من أجل حياة لائقة وكريمة.
ـ الكشف عن الحقيقة كاملة عن مختلف الجرائم من قتل وتجاوزات.
ـ وضع قانون لإحداث هيئة مستقلة للعدالة الانتقالية ممثلة للجمعيات الحقوقية والنسوية ولعائلات الشهداء والجرحى وللخبراء مع تبني مقاربة النوع الاجتماعي.


شيراز بن مراد

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق