الأربعاء، 12 سبتمبر 2012

محمد علي النهدي: إذا كان لطفي زيتون يدّعي أنّ تونس ديمقـراطيـة، فعليـه تقبّل النّقــد

من وراء نظارته السوداء السّميكة، تحدّث إلينا محمد علي النهدي عمّا يخالجه من أحاسيس وأفكار في هذه الفترة الساخنة من تاريخ تونس، فالمسؤولية الفنية تقتضي في نظره عدم الوقوع في فخّ الاستفزاز الذي يمكن أن يعود على البلاد بالوبال..
محمد علي النهدي تحدث في هذا الحوار أيضا عن موقفه من إيقاف سامي الفهري صاحب قناة «التونسية» وعمّا سمّاه بـ «الطاقة التدميريّة» لبعض الإعلاميين وغيرها من المواضيع التي تطالعونها تباعا...
ما هي قراءتك ـ كفنان ـ للوضع الحالي؟
ـ أول ما يمكن أن نلاحظه هو توسّع مساحة الحرّيات مقارنة بما كان عليه الحال قبل الثورة، لكنّه يتوّجب علينا في نفس الوقت أن نناضل من أجل المحافظة على هذه الحرّية.. في الواقع لديّ تخوّفات من أصحاب مهنتي ومن أعدائها أيضا، فباسم الحرية لا يمكن ان يقول الفنان كل شيء كما لا يحقّ لأعداء الحرية ان يحاولوا التقليص من مساحتها..
من تقصد بالضبط؟
ـ أقصد لطفي العبدلي مثلا، مع العلم أنه حرّ في تقديم ما يراه صالحا، اذ يزعجني ان نستفزّ الآخرين بطريقة مجانية، وعلى طرف نقيض أخشى المتشدّدين من رجال الدّين الذين يسعون الى قمع الحرّيات.. علينا في المرحلة الدّقيقة التي تمرّ بها البلاد ان نكون مسؤولين وأذكياء، فلا داعي لإشعال فتيل حرائق قد تعود بالوبال على البلاد.
تتواصل هذه الأيّام محاكمة بعض الفنّانين على خلفيّة أعمالهم الفنية، فما هو تعليقك؟
ـ طبعا أنا ضد محاكمة الفنّانين ومع حرية التعبير المسؤولة ـ لا المقيّدة ـ وضدّ الرّقابة مهما كان نوعها.. فغير مقبول ان نعيش في تونس اليوم هذا النوع من المحاكمات، المبدع لا يمكنه ان يبدع اذا ما شعر أنّه مقيّد واذا ما كان جناح الابداع ـ أي الحرية ـ مستهدفا..
نصحت المستشار لطفي زيتون بمشاهدة القلابس الفرنسية، لماذا؟
ـ نعم نصحته بمشاهدتها لأنّها عمل فنّي متميّز، فيه الكثير من العمل والبحث، وكان ذلك على خلفية تصريحه بأنّ هناك مواضيع أو أشخاصا «مقدّسين» لا يمكن ان يتعرّضوا الى النقد.. فإذا كان زيتون يدّعي انّ تونس دولة ديمقراطية ومتقدّمة فيجب أن يتقبل النّقد..وألاحظ هنا انّه يجب ان نتخاطب ونتحاور بطريقة محترمة وأرفض الاستفزاز الفج الذي يبحث صاحبه من ورائه عن البطولة.
حدث إيداع سامي الفهري بالسجن، كيف قرأته؟
ـ هناك موضوع شركة «كاكتوس» الذي سيقول فيه القضاء كلمته، وليس لديّ معطيات بخصوصه، فإذا نهب سامي أموالا فسيحاسب واذا كان بريئا فسيطلق سراحه.. لكن أودّ ان أسوق ملاحظة تتعلّق بتوقيت ايداعه السجن، فما معنى ان يتمّ ايقافه بعد نجاح قناة التونسية وتصدّرها قائمة أعلى نسب مشاهدة خلال شهر رمضان، وما معنى ان يتمّ ذلك بعد حادثة «القلابس»؟ لو تمّ ايقافه قبل كل هذا لكانت الصورة أوضح، لكن ان يتزامن ايداعه السجن مع هذين الحدثين فذلك ما يضفي غموضا على القضيّة ويثير الشّكوك.. وبغضّ النظر عن كل هذا، «ربي معاه» فما يمرّ به صعب جدا على المستوى الانساني والعائلي وما أتمنّاه هو أن تكون محاكمته عادلة ولا تقوم على النقمة.
تقييمك للأعمال الرمضانية لهذه السّنة؟
ـ هناك أعمال تميّزت على غرار «مكتوب» و«من أجل عيون كاترين» لكن الثورة في الانتاج الدرامي التلفزي لم تتحقّق بعد.. لقد آن الأوان لتقديم أعمال جديدة على مستوى الفنّي وكذلك التقني.. وأودّ في هذا الصّدد ان أعيب على بعض الإعلاميين طاقتهم «التدميريّة» ولكي أكون واضحا سأضرب مثالا الفنان المرحوم سفيان الشعري الذي عمل الإذاعي الهادي زعيّم على تقزيمه بعد الفصل الثاني من سلسلة «نسيبتي العزيزة»، فالزلات والنقائص دائما موجودة، لكن لا يجب ان نتوقف عندها وحدها..
اختلفت ردود الفعل حول سلسلة «بنت ولد» بين معجب وناقد، فكيف تقيّم ـ شخصيا ـ هذ العمل؟
ـ هي تجربة خاصّة من نوعها ولا تشبه تجاربي السّابقة سواء في التلفزة او في السينما.. فـ«بنت ولد» اعتمدت على نصّ كوميدي خفيف وتوفقت في نيل اعجاب المشاهدين ولعلّ أحسن دليل على ذلك هو نتائج استطلاعات الرأي التي وضعت «بنت ولد» في المرتبة الأولى في ما يتعلّق بالأعمال الفكاهيّة، كما تعدّ صفحة أحباء السلسلة على الفايسبوك أكثر من 100 ألف معجب.. المهمّ اننا قدمنا ـ أنا وسماح الدشراوي في التمثيل ونوفل الورتاني في الكتابة ـ منتوجا مختلفا عمّا دأبت مختلف القنوات على تقديمه على غرار «شوفلي حل» و«نسيبتي العزيزة»، مع العلم انّ إدارة قناة «التونسية» جدّدت فينا الثقة وسيتواصل بث «بنت ولد» طوال السّداسي الأول من سنة 2013 بمعدل حلقتين كلّ نهاية أسبوع..
ومسرحية «الزمقري»، متى سيتمّ عرضها؟
ـ ستنطلق العروض يومي 27 و28 سبتمبر في المسرح البلدي.
في الثقافة، هل نحن بحاجة الى حملة «اكبس» أو «ارخف»؟
ـ لا نحتاج لا «للكبس» ولا «للرخف»، فالوقت والعمل وحدهما حرّيان بأن يفرزا ما هو جيّد وما هو سيّء، الثورة لا يمكن ان تعطي ثمارها بين يوم وليلة خاصّة مع استفحال العقليات المريضة التي تحقد على الناجحين وتصل حدّ التآمر عليهم.
هل تمكنت وزارة الثقافة بعد الثورة من خلق الديناميكية الثقافية المنتظرة؟
ـ الفترة التي تمرّ بها البلاد صعبة ولا يمكن ان نطلب المستحيل، وما أعيبه على وزير الثقافة هو محاولته فرض ـ بطريقة مباشرة أو غير مباشرة ـ ذوقه الخاصّ ، بينما يتطلّب المنطق ان نبقى منفتحين على كل الأنواع والأنماط الفنّية فهناك من الجمهور من يحبّ مثلا هيفاء وهبي ولا يمكن باسم الذائقة الفنية الرائقة ان نحرم ايّا كان ممّا يبدو له جميلا.
وعلى المستوى المادّي، هل لاحظتم تغيّرا؟
ـ على وزارة الثقافة ان تعمل على اشراك الخواصّ في الفعل الثقافي وذلك بـ«اغرائهم» لكي ينخرطوا في تمويل الانتاج الثقافي اذ لا يمكنها بمفردها ان تنفق على متطلبات هذا القطاع
كيف تنظر لأيام قرطاج السينمائية التي ستنتظم خلال شهر نوفمبر القادم؟
ـ سمعت مدير الدورة يقول إن ميزانية ايام قرطاج السينمائية لن تتجاوز 650 مليونا، ولهذا أنصحه بأن يعدل عن تنظيم هذه الدورة، لأنه لا يمكن لمهرجان عريق في عراقة ايام قرطاج السينمائيّة ان يكتفي بهذا المبلغ الهزيل الذي لا يتجاوز مداخيل حفلتين ساهرتين لراغب علامة أو نانسي عجرم..


حاورته: شيراز بن مراد

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق