بمناسبة الذكرى 20 لرحيلها، نظمت عائلتا عدّة والزغيدي لقاء تكريميا لروح المناضلة قلاديس عدّة، هذه المرأة التي ولدت سنة 1921 بمدينة قابس وكانت من أبرز مناضلات الحركة النسوية والحزب الشيوعي قبل الاستقلال ثمّ تبوأت قلاديس عدة طيلة ثلاثة عقود منصب مديرة قسم الدراسات الاقتصادية بالشركة التونسية للبنك (STB).
وانطلق اللقاء الذي قدمه حفيد الراحلة مراد الزغيدي بشهادة قدمها حفيدها الآخر كريم عدّة نقلا عن صديقتها بيتشي سلامة التي ذكّرت بنضال قلاديس رفقة زوجها جورج عدّة، فقد انخرطت قلاديس سنة 1945 في الحزب الشيوعي التونسي ثمّ انتخبت في المكتب المركزي للحزب فضلا عن الدور الهام الذي لعبته في الاتحاد النسائي التونسي وكذلك صلب الاتحاد التونسي للشابات... (لمن يهمه التعرف على الدور الذي لعبه الاتحاد النسائي التونسي إبان الاستعمار الإطلاع على كتاب الحركة النسائية في تونس في القرن العشرين لإلهام المرزوقي ترجمة آمال قرامي).
واعتبرت بيتشي سلامة أنّ قلاديس عدّة ساهمت بمعية نبيهة بن ميلاد في فتح ثنايا النضالات النسوية في تونس مضيفة أنّها لم تكن مناضلة فحسب بل صديقة وأما ومحبّة للآخرين.. وقد اهتمت بالسينما والكتب والثقافة بصفة أشمل.
من أبرز رموز نساء تونس
أمّا المناضلة صلب الحزب الشيوعي شريفة السعداوي فاعتبرت أنّ قلاديس عدّة من أبرز رموز نساء تونس بالنظر لما قامت به من عمل نضالي، فقد قاومت الاستعمار وآفتي الفقر والمرض اللتين كانتا متفشيتين في تونس.. وقالت شريفة سعداوي إنّها مازالت تذكر كيف جاءت قلاديس عدّة من قابس إلى تونس سنة 1943 وكانت تتكلم باللهجة القابسية.. ثمّ كانت من أبرز وجوه الاتحاد النسائي التونسي، وقد جمع شريفة السعداوي بقلاديس عدّة النضال الميداني (قرابة 20 سنة من النضال المشترك) بهدف التحسيس بقيم العدالة الاجتماعية وبأهمية التعلم ومكافحة الأمراض.
من خصال قلاديس عدّة المهنية
ومن جهتها ذكرت الإعلامية علياء حمزة أنّها اشتغلت مع قلاديس عدّة في الشركة التونسية للبنك في السبعينات وكانت على رأس قسم الدراسات الذي كانت تعتبر أفراده كجزء من عائلتها.. ثمّ تولى السيد ابراهيم عنان تقديم شهادة قال فيها إنّه تعرف على قلاديس عدة سنة 1966 واشتغل معها في قسم الدراسات قرابة الـ30 سنة.. وبيّن إبراهيم عنان الدور الذي لعبته قلاديس عدّة في مختلف المشاريع التنموية الجهوية التي بعثها البنك آنذاك وإصرارها على توفير أحسن الظروف لموظفي البنك ومنها السهر على تنفيذ مشروع روضة أطفال بجهة سكرة وتشجيع عملة البنك على التعلم للارتقاء في السلم الوظيفي وغيرها من المواقف الانسانية وآخرها إهداء جسدها للطب عند وفاتها..
وفي السياق نفسه، ذكرت السيدة منيرة غانمي عبدو أن قلاديس عدّة كانت المرأة الوحيدة التي تبوأت منصب مديرة في حقبة الستينات.
تقدمية ومدافعة عن القضية الفلسطينية
أما السيد بشير الفاني فأكّد على جانب آخر من مسيرة قلاديس عدّة وهو بعثها سنة 1965 لمكتب ربط للأرشيف ودورية «رصيد» وقال الفاني إنّ قلاديس كانت شديدة الحرص على المهنية وعلى التقدم، وهي الفكرة نفسها التي ذكرتها الأستاذة رابعة بن عاشور في شهادتها حيث أكدت على فكرة «الحداثة» التي تسكن قلاديس عدّة.
ثمّ تولت حفيدة الراحلة، مريم الزغيدي قراءة نص صاغته ليلى مكادة زغيدي والتي بينت فيه الدور الريادي الذي لعبته قلاديس في المجال النضالي فضلا عن مساندتها ودعمها لزوجها جورج عدّة عندما كان مستهدفا وكذلك دفاعها عن القضية الفلسطينية.
أمّا مديرة مركز "كوثر" سكينة بوراوي، فقد ذكرت أنّها تعرفت على قلاديس عدة سنة 1987 وقد جمعتهما نقاشات عديدة تزامنا مع ميلاد «الكريديف» مركز البحوث والدراسات والتوثيق والاعلام حول المرأة والذي خص المناضلة قلاديس عدّة بفصل في كتاب «نساء والذاكرة» والذي كشفت فيه المناضلة تفاصيل عن حياتها الخاصة وانخراطها في المجال السياسي والمهني..
ومن جهتها قالت المناضلة بجمعية النساء الديمقراطيات هادية جراد إنّه لا يمكن نسيان الدور الذي لعبته قلاديس عدّة من أجل استقلال البلاد وكانت الجمعية ترى في المرأة مرجعا نضاليا هاما خاصة أنّ الطرفين كانا يتقاسمان افكار التقدم والمساواة.
هذا وأبرزت المناضلة سعاد التريكي الدور النضالي الذي لعبته قلاديس عدّة في الحزب الشيوعي (بدءا من بيع صحف الطليعة والمستقبل وصولا الى انتخابها في المكتب المركزي للحزب). وأمّا كلمة الختام فكانت من نصيب مديرة فضاء التياترو زينب فرحات التي كشفت جوانب أخرى من شخصية قلاديس ومنها ترددها على فضاء التياترو لمتابعة أعمال توفيق الجبالي وتعلقها بالجمال والرسم والطبخ فضلا عن خبرتها في مجال التوثيق.
شيراز بن مراد
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق