على هامش زيارة أديناها مؤخرا لمصر، اتيحت لنا فرصة محاورة النائب بمجلس
الشعب عمرو الشوبكي وهو كاتب صحفي وباحث في العلوم السياسية وخبير بمركز
الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية.. وكان عمرو الشوبكي، وهو مرشح
مستقل في الدائرة الثالثة من محافظة الجيزة تغلّب على مرشح حزب الحرية
والعدالة ليكون من ضمن الـ30 ٪ من التيارات المدنية الموجودة في البرلمان
المصري.. توجهنا للشوبكي بأسئلة حول قراءته لتركيبة البرلمان ورؤيته
لمستقبل الثورات العربية والانتخابات الرئاسية فكان الحوار التالي:
ما هي قراءتك لتركيبة البرلمان المصري بعد أوّل انتخابات نظمت عقب الثورة؟
هو برلمان يعبر عن اللحظة التاريخية التي تمرّ بها مصر، وتركيبته تقترب من تركيبة المجلس التأسيسي التونسي إلا في نسبة السلفيين.. فالاخوان المسلمين حصلوا على حوالي 43 ٪ بينما أحرز التيار السلفي على 25 ٪ والنسبة المتبقية كانت من نصيب التيارات المدنية من ليبيرالية ويسارية.. ويمكن القول أنّ المجتمع المصري، في هذه الانتخابات وفي هذا التوقيت، صوّت لفائدة المحافظة وفي المجمل في اتجاه اليمين المحافظ، وحتى التيارات المدنية التي صوّت لها فيغلب عليها الطابع المحافظ. وهذا يستحق التأمل.
وبغض النظر عن هذه التركيبة، أعتقد أنّ المهام الأولى لهذا البرلمان تتمثل في وضع أسس لنظام ديمقراطي حقيقي وفي صياغة دستور توافقي وفي إرساء دولة القانون وفي وضع آليات ديمقراطية تسمح، في نهاية الأمر، بأن تكون أي أغلبية قابلة للتغير في أي انتخابات قادمة.
ذكرت في مقال لك أنّ «مصر لا تريد شرطة إسلامية ولا جيشا ليبيراليا ولا قضاء سلفيا ولا خارجية يساريّة ولا إعلاما حكوميّا حزبيّا»، فكيف يمكن النأي بمصر عن هذه التجاذبات؟
أوّد أن أشير إلى أن مسألة تقاليد الدولة أمر هامّ جدا في بلد يصل فيه تعداد السكان الى 80 مليونا.. فالدولة الوطنية الحديثة التي أسسها محمد علي منذ 1805 لابد أن يتم الحفاظ عليها، وقد عرفت هذه الدولة جيشا وطنيا محايدا ـ كما شاهدنا أثناء الثورة ـ وأيّا كان الاختلاف مع المجلس العسكري، فإنّ الجيش لم يكن منحازا لأيّ طرف أو جيشا حزبيا أوإيديولوجيا كما يحدث ذلك في بلدان أخرى.. وبالتالي فإنّ المطلوب اليوم في ظل وجود حكومة لها لون سياسي وايديولوجي ذات طابع إسلامي، أن ننأى بمؤسسات الدولة عن أي توجهات حزبيّة، فنحن لا نرغب في أن يتحوّل الجيش الى جيش حزبي أو أن تتحوّل الشرطة الى جهاز شبيه بشرطة حماس.. نفس الشيء بالنسبة للقضاء الذي يجب أن نحافظ على حياده وللإعلام الذي يجب أن يكون مهنيا ومستقلا من خلال تشريعات جديدة تحمي هذه المؤسسات وتحافظ عليها.
تستعد مصر لإجراء انتخابات رئاسية خلال شهر جوان القادم، فمن هي برأيك الأسماء المؤهلة للترشح لهذا المنصب؟
هناك عدّة أسماء.. فمن أبرز مرشحي المنظومة التقليدية القديمة هو عمرو موسى وزير الخارجية وأمين عام جامعة الدولة العربية سابقا، والجنرال أحمد شفيق وزير الطيران المدني السابق.. وفي المقابل، هناك مرشحون ينتمون الى تيار الثورة أو كانوا جزءا من حركة المعارضة الوطنية في مصر وأبرزهم عبد المنعم أبو الفتوح وهو إخواني سابق وإسلامي مستنير وحمدين صباحي أحد قياديي الحركة القومية بمصر.
من بين هؤلاء المترشحين الأربعة، أعتقد أن عبد المنعم أبو الفتوح وعمرو موسى سيكونان أكثر حظوظا، إذ سيحاول عمرو موسى كسب دعم الاتجاهات المحافظة في المجتمع المصري والقوى القديمة والاتجاهات التي لا تتعاطف مع خطاب ثوري دائم.. أمّا عبد المنعم أبو الفتوح، فيستطيع أن يستقطب أصوات القوى والتيارات الجديدة فضلا عن جانب من التيارات الإسلامية ولا كلّها لأنّ هناك مرشحا آخر هو الشيخ حازم صلاح أبو إسماعيل وهو الأقرب من التيارات السلفية والمعبّر عنها.
ما هو تصوّرك لمستقبل الثورات العربية؟
ليست لديّ أيّ تخوّفات من صعود تيارات الإسلام السياسي لسدّة الحكم كما أنّي لست متخوّفا من إعادة إنتاج جمهوريات الخوف التي انتجها بن علي ومبارك في كل من تونس ومصر.. وأرى أن أهم شيء هو أن تصل هذه التيارات للحكم بفضل آليات ديمقراطية وأن تحترم هذه الآليات.. وهذا لا يعني أنّنا نجحنا بل إنّنا في أوّل طريق النجاح من حيث إرساء واحترام قواعد الديمقراطية والقيام بإصلاحات جذرية في مختلف مؤسسات الدولة ومحاولة خوض تجربة ناجحة في السياق العربي مثلما حدث في تركيا وماليزيا وأندونيسيا وألا نعيد تجارب الفشل التي عرفتها السودان وأفغانستان.
شاركت في لجنة تقصي الحقائق حول الأحداث الدامية التي شهدها ملعب بورسعيد والتي خلفت أكثر من 70 قتيلا، فما هي الاستنتاجات التي انتهيتم إليها؟
لئن كنا متعوّدين على أحداث الشغب في كل الملاعب العربية وحتى الغربية إلاّ أنّه لأوّل مرّة نرى شغبا يسفر عن موت أكثر من 70 شخصا.. وبالتالي فإنّ الموضوع مريب للغاية ومؤلم.. وما لاحظناه هو وجود تخاذل أمني مخل وصادم، إذ لم يقم بالحد الأدنى من واجباته في تأمين الحماية للمباراة.. كما ثمّة بعض المؤشرات غير المؤكدة تقول إنّ عدد من أعضاء الحزب الحاكم المنحل دفعوا بعض الأموال لعدد من البلطجية والخارجين عن القانون للقيام بهذه الجريمة.. في كلّ الأحوال نحن أمام كارثة حقيقية ولا يمكن أن نقلل من حجم المأساة وأرجو أن يحاسب المتخاذلون من رجال الأمن بأقسى عقوبة وأن يتم التيقن من تورط أشخاص من قيادات الحزب الوطني في هذه الجريمة.
ماذا تريد أن يقال عن أول برلمان انتخب ديمقراطيا في مصر بعد الثورة؟
أن يقال إنّه برلمان نجح في وضع أسس لدستور توافقي جديد، بمعنى ألا يكون امتدادا لرؤية حزب سياسي بعينه وألا يكون تعبيرا عن أغلبية موجودة في البرلمان وألا يدار بمنطق الحسابات السياسية الضيقة والحزبية.. فالدستور يجب أن يكون توافقيّا وأن يعبّر عن الأمّة كلّها وأن يحمي حقوق الجميع.
ما هي قراءتك لتركيبة البرلمان المصري بعد أوّل انتخابات نظمت عقب الثورة؟
هو برلمان يعبر عن اللحظة التاريخية التي تمرّ بها مصر، وتركيبته تقترب من تركيبة المجلس التأسيسي التونسي إلا في نسبة السلفيين.. فالاخوان المسلمين حصلوا على حوالي 43 ٪ بينما أحرز التيار السلفي على 25 ٪ والنسبة المتبقية كانت من نصيب التيارات المدنية من ليبيرالية ويسارية.. ويمكن القول أنّ المجتمع المصري، في هذه الانتخابات وفي هذا التوقيت، صوّت لفائدة المحافظة وفي المجمل في اتجاه اليمين المحافظ، وحتى التيارات المدنية التي صوّت لها فيغلب عليها الطابع المحافظ. وهذا يستحق التأمل.
وبغض النظر عن هذه التركيبة، أعتقد أنّ المهام الأولى لهذا البرلمان تتمثل في وضع أسس لنظام ديمقراطي حقيقي وفي صياغة دستور توافقي وفي إرساء دولة القانون وفي وضع آليات ديمقراطية تسمح، في نهاية الأمر، بأن تكون أي أغلبية قابلة للتغير في أي انتخابات قادمة.
ذكرت في مقال لك أنّ «مصر لا تريد شرطة إسلامية ولا جيشا ليبيراليا ولا قضاء سلفيا ولا خارجية يساريّة ولا إعلاما حكوميّا حزبيّا»، فكيف يمكن النأي بمصر عن هذه التجاذبات؟
أوّد أن أشير إلى أن مسألة تقاليد الدولة أمر هامّ جدا في بلد يصل فيه تعداد السكان الى 80 مليونا.. فالدولة الوطنية الحديثة التي أسسها محمد علي منذ 1805 لابد أن يتم الحفاظ عليها، وقد عرفت هذه الدولة جيشا وطنيا محايدا ـ كما شاهدنا أثناء الثورة ـ وأيّا كان الاختلاف مع المجلس العسكري، فإنّ الجيش لم يكن منحازا لأيّ طرف أو جيشا حزبيا أوإيديولوجيا كما يحدث ذلك في بلدان أخرى.. وبالتالي فإنّ المطلوب اليوم في ظل وجود حكومة لها لون سياسي وايديولوجي ذات طابع إسلامي، أن ننأى بمؤسسات الدولة عن أي توجهات حزبيّة، فنحن لا نرغب في أن يتحوّل الجيش الى جيش حزبي أو أن تتحوّل الشرطة الى جهاز شبيه بشرطة حماس.. نفس الشيء بالنسبة للقضاء الذي يجب أن نحافظ على حياده وللإعلام الذي يجب أن يكون مهنيا ومستقلا من خلال تشريعات جديدة تحمي هذه المؤسسات وتحافظ عليها.
تستعد مصر لإجراء انتخابات رئاسية خلال شهر جوان القادم، فمن هي برأيك الأسماء المؤهلة للترشح لهذا المنصب؟
هناك عدّة أسماء.. فمن أبرز مرشحي المنظومة التقليدية القديمة هو عمرو موسى وزير الخارجية وأمين عام جامعة الدولة العربية سابقا، والجنرال أحمد شفيق وزير الطيران المدني السابق.. وفي المقابل، هناك مرشحون ينتمون الى تيار الثورة أو كانوا جزءا من حركة المعارضة الوطنية في مصر وأبرزهم عبد المنعم أبو الفتوح وهو إخواني سابق وإسلامي مستنير وحمدين صباحي أحد قياديي الحركة القومية بمصر.
من بين هؤلاء المترشحين الأربعة، أعتقد أن عبد المنعم أبو الفتوح وعمرو موسى سيكونان أكثر حظوظا، إذ سيحاول عمرو موسى كسب دعم الاتجاهات المحافظة في المجتمع المصري والقوى القديمة والاتجاهات التي لا تتعاطف مع خطاب ثوري دائم.. أمّا عبد المنعم أبو الفتوح، فيستطيع أن يستقطب أصوات القوى والتيارات الجديدة فضلا عن جانب من التيارات الإسلامية ولا كلّها لأنّ هناك مرشحا آخر هو الشيخ حازم صلاح أبو إسماعيل وهو الأقرب من التيارات السلفية والمعبّر عنها.
ما هو تصوّرك لمستقبل الثورات العربية؟
ليست لديّ أيّ تخوّفات من صعود تيارات الإسلام السياسي لسدّة الحكم كما أنّي لست متخوّفا من إعادة إنتاج جمهوريات الخوف التي انتجها بن علي ومبارك في كل من تونس ومصر.. وأرى أن أهم شيء هو أن تصل هذه التيارات للحكم بفضل آليات ديمقراطية وأن تحترم هذه الآليات.. وهذا لا يعني أنّنا نجحنا بل إنّنا في أوّل طريق النجاح من حيث إرساء واحترام قواعد الديمقراطية والقيام بإصلاحات جذرية في مختلف مؤسسات الدولة ومحاولة خوض تجربة ناجحة في السياق العربي مثلما حدث في تركيا وماليزيا وأندونيسيا وألا نعيد تجارب الفشل التي عرفتها السودان وأفغانستان.
شاركت في لجنة تقصي الحقائق حول الأحداث الدامية التي شهدها ملعب بورسعيد والتي خلفت أكثر من 70 قتيلا، فما هي الاستنتاجات التي انتهيتم إليها؟
لئن كنا متعوّدين على أحداث الشغب في كل الملاعب العربية وحتى الغربية إلاّ أنّه لأوّل مرّة نرى شغبا يسفر عن موت أكثر من 70 شخصا.. وبالتالي فإنّ الموضوع مريب للغاية ومؤلم.. وما لاحظناه هو وجود تخاذل أمني مخل وصادم، إذ لم يقم بالحد الأدنى من واجباته في تأمين الحماية للمباراة.. كما ثمّة بعض المؤشرات غير المؤكدة تقول إنّ عدد من أعضاء الحزب الحاكم المنحل دفعوا بعض الأموال لعدد من البلطجية والخارجين عن القانون للقيام بهذه الجريمة.. في كلّ الأحوال نحن أمام كارثة حقيقية ولا يمكن أن نقلل من حجم المأساة وأرجو أن يحاسب المتخاذلون من رجال الأمن بأقسى عقوبة وأن يتم التيقن من تورط أشخاص من قيادات الحزب الوطني في هذه الجريمة.
ماذا تريد أن يقال عن أول برلمان انتخب ديمقراطيا في مصر بعد الثورة؟
أن يقال إنّه برلمان نجح في وضع أسس لدستور توافقي جديد، بمعنى ألا يكون امتدادا لرؤية حزب سياسي بعينه وألا يكون تعبيرا عن أغلبية موجودة في البرلمان وألا يدار بمنطق الحسابات السياسية الضيقة والحزبية.. فالدستور يجب أن يكون توافقيّا وأن يعبّر عن الأمّة كلّها وأن يحمي حقوق الجميع.
- حاورته: شيراز بن مراد
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق