مرٌّ مرارة نبتة الحنظل.. هو الطعم الذي إقتفى المخرج محمود الجمني أثره
في شريطه الوثائقي «حنظل» والذي سعى فيه الى فضح الانتهاكات وصنوف التعذيب التي تعرّض لها عدد
من الناشطين السياسيين والحقوقيين الذين اعتقلوا وعذّبوا خلال حقبتي
بورقيبة وبن علي..
وبحضور عدد من هؤلاء المناضلين، تم يوم الإربعاء 13جوان عرض الفيلم بقاعة المونديال لنستمع لشهادات حية تسترجع وحشة السجن وتحطيم المعنويات وفظاعة الاعتداءات الجنسية ووحشية التعنيف التي مازالت آثارها الى حدّ الآن راسخة في ذاكرة وأجساد كل الذين استجوبهم محمود الجمني ومنهم الناشطة زينب الشارني والمناضل الصادق بن مهني ودادي بن دادة ومحمد عمارة العين وزكية الضيفاوي ومحمد معالي وجلبار نقاش وعمار العبيدي والمرحوم حسن مرزوق وغيرهم..
وقد روى كل منهم تجربته السجنية بما فيها من انتهاك لأبسط حقوق السجين أو بالأحرى الإنسان، بما يكشف بشاعة الممارسات التي كانت ترتكب في حقّ سجناء الرأي وبما يدفعنا الى المطالبة بكشف أرشيف التعذيب حتى لا يظل جزء من ماضينا مدفونا في الرفوف وحتى لا يعيد التاريخ نفسه..
وتعرّض المستجوبون الى تفاصيل مقيتة من ايقافهم والى وحشية معاملات بعض جلاديهم الذين كانوا يطبقون بصفة عمياء تعليمات أعرافهم.. فتحدّث عدد منهم عن التقنيات المهينة للتعذيب كالصعق بالكهرباء والحرق بالسّجائر ووضعية الدّجاجة المصلية والاغتصاب والتحرّش الجنسي وقطرة الماء، ممّا حدا بأحد السجناء السابقين في عهد بورقيبة إلى أن يقول:«يوم من السجن في غار الملح بعد الاستقلال يساوي عاما من الأشغال الشاقّة وقت الفرانسيس»..
ويمكن الجزم بأنّه كتبت حياة ثانية لهؤلاء الأشخاص بعد مغادرتهم السجن ولو أنّها حياة مختلفة عن بقيّة الناس، اذ انّ ذاكرتهم واجسادهم مثقلة بأوراق وفصول من الإهانات والتنكيل التي لا يمكن نسيانها، فتراهم يستحضرون بمرارة قصوى ـ تنافس مرارة الحنظل ـ ما قاسوه على أيدي جلادين منزوعين من انسانيتهم..
وعن قصد، فضّل المخرج الجمني تجاهل الانتماءات السياسيّة للمستجوبين، فلا نعرف اذا كانوا ينتمون الى حركة النهضة أو الى حركة آفاق اليسارية أو الى اليوسفيين أو الى مناضلي انتفاضة الحوض المنجمي، وذلك بهدف تعرية فظائع جهاز التعذيب الذي كان قائما والذي لم يكن يفرّق بين ضحاياه بقدر ما كان يتفنّن في التنكيل بكل من اختار أن يسير ضدّ التيار وأعرب علنا عن معارضته للسلطة..
في «حنظل» توغّل محمود الجمني في ذاكرة الجسد وفي ذاكرة روح بعض من عانوا ويلات زنزانات بورقيبة وبن علي وممارسات جلاديهم حتى لا ننسى هذه الصفحات السوداء من تاريخنا الحديث حيث مارست الأنظمة الحاكمة ابشع أنواع التعذيب ضد تونسيين "ذنبهم" الوحيد أنّهم عبروا عن آراء سياسية مخالفة..
ويذكر انّ الفترة الأخيرة شهدت صدورعدة اعمال أدبيّة تناولت شيئا مما عاناه سجناء الرأي في حقبتي بورقيبة وبن علي ومنها كتاب «الحبس كذاب والحي يروح» لفتحي بلحاج يحيى وكتاب «برج الرومي» لسمير ساسي و«أحباب الله» لكمال الشارني.
وبحضور عدد من هؤلاء المناضلين، تم يوم الإربعاء 13جوان عرض الفيلم بقاعة المونديال لنستمع لشهادات حية تسترجع وحشة السجن وتحطيم المعنويات وفظاعة الاعتداءات الجنسية ووحشية التعنيف التي مازالت آثارها الى حدّ الآن راسخة في ذاكرة وأجساد كل الذين استجوبهم محمود الجمني ومنهم الناشطة زينب الشارني والمناضل الصادق بن مهني ودادي بن دادة ومحمد عمارة العين وزكية الضيفاوي ومحمد معالي وجلبار نقاش وعمار العبيدي والمرحوم حسن مرزوق وغيرهم..
وقد روى كل منهم تجربته السجنية بما فيها من انتهاك لأبسط حقوق السجين أو بالأحرى الإنسان، بما يكشف بشاعة الممارسات التي كانت ترتكب في حقّ سجناء الرأي وبما يدفعنا الى المطالبة بكشف أرشيف التعذيب حتى لا يظل جزء من ماضينا مدفونا في الرفوف وحتى لا يعيد التاريخ نفسه..
وتعرّض المستجوبون الى تفاصيل مقيتة من ايقافهم والى وحشية معاملات بعض جلاديهم الذين كانوا يطبقون بصفة عمياء تعليمات أعرافهم.. فتحدّث عدد منهم عن التقنيات المهينة للتعذيب كالصعق بالكهرباء والحرق بالسّجائر ووضعية الدّجاجة المصلية والاغتصاب والتحرّش الجنسي وقطرة الماء، ممّا حدا بأحد السجناء السابقين في عهد بورقيبة إلى أن يقول:«يوم من السجن في غار الملح بعد الاستقلال يساوي عاما من الأشغال الشاقّة وقت الفرانسيس»..
ويمكن الجزم بأنّه كتبت حياة ثانية لهؤلاء الأشخاص بعد مغادرتهم السجن ولو أنّها حياة مختلفة عن بقيّة الناس، اذ انّ ذاكرتهم واجسادهم مثقلة بأوراق وفصول من الإهانات والتنكيل التي لا يمكن نسيانها، فتراهم يستحضرون بمرارة قصوى ـ تنافس مرارة الحنظل ـ ما قاسوه على أيدي جلادين منزوعين من انسانيتهم..
وعن قصد، فضّل المخرج الجمني تجاهل الانتماءات السياسيّة للمستجوبين، فلا نعرف اذا كانوا ينتمون الى حركة النهضة أو الى حركة آفاق اليسارية أو الى اليوسفيين أو الى مناضلي انتفاضة الحوض المنجمي، وذلك بهدف تعرية فظائع جهاز التعذيب الذي كان قائما والذي لم يكن يفرّق بين ضحاياه بقدر ما كان يتفنّن في التنكيل بكل من اختار أن يسير ضدّ التيار وأعرب علنا عن معارضته للسلطة..
في «حنظل» توغّل محمود الجمني في ذاكرة الجسد وفي ذاكرة روح بعض من عانوا ويلات زنزانات بورقيبة وبن علي وممارسات جلاديهم حتى لا ننسى هذه الصفحات السوداء من تاريخنا الحديث حيث مارست الأنظمة الحاكمة ابشع أنواع التعذيب ضد تونسيين "ذنبهم" الوحيد أنّهم عبروا عن آراء سياسية مخالفة..
ويذكر انّ الفترة الأخيرة شهدت صدورعدة اعمال أدبيّة تناولت شيئا مما عاناه سجناء الرأي في حقبتي بورقيبة وبن علي ومنها كتاب «الحبس كذاب والحي يروح» لفتحي بلحاج يحيى وكتاب «برج الرومي» لسمير ساسي و«أحباب الله» لكمال الشارني.
شيراز بن مراد
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق