الخميس، 14 يونيو 2012

هل يعقل ان تحاكم وزارة الثقافة الفنانين؟

أما وقد ألقت وزارة الثقافة مسؤولية تنظيم تظاهرة ربيع الفنون بالمرسى على كاهل وكالة إحياء التراث والتنمية الثقافية، أصدرت هذه الأخيرة بيانا تقول فيه إنّها نظرا للتجاوزات الخطيرة التي حدثت في قصر العبدلية والتي مست من عقائد التونسيين ومقدساتهم، قررت غلق هذا الفضاء ورفع قضية عدلية ضد الجمعية المنظمة للتظاهرة.. فهل من معنى لغلق قصر العبدلية، وهو بطبعه مغلق الأبواب ولا يفتحها الا في حالة استضافة بعض التظاهرات الفنية على غرار مهرجان المدينة؟ لماذا التجني على هذا المعلم «البريء» الذي لم يرتكب أي جرم جدير بالإدانة.. وهل يعقل أن نغلق كلّ فضاء بتعلة أنه احتضن شيئا غير مرغوب فيه؟
 

ثمّ ما حكاية تقديم دعوى قضائية ضد جمعية «ربيع فنون المرسى» التي عملت  طيلة عشر سنوات على تقديم أعمال فنية كرست حرية التعبير ودعمت أسماء كبيرة وشابة من الساحة الإبداعية التونسية؟ أفيعقل أن تنقلب وكالة إحياء التراث على موقفها الأصلي الذي رخصّت بموجبه للجمعية اقامة المعرض، فتقرّر تتبعها عدليا.. أفليس هذا تنصلا من المسؤولية وتجسيدا لعقلية «أخطى راسي وأضرب»؟ إنّه لمن المخجل ـ فعلا ـ أن تعمد وزارة الثقافة تحت إشراف المهدي مبروك إلى رفع قضايا عدلية ضدّ الفن والإبداع وقد كان أحرى بها أن تبحث عما يزيدهما إشعاعا وازدهارا. لقد سقطت الوزارة في جُب ممارسات الأنظمة الديكتاتورية التي تتخلى عن الدفاع عن منظوريها ولا تعترف بالفكر الحروبالفنانين المنعتقين من القيود وهم الذين يعطون معنى لوجودها ولوجودنا كذلك.
 

لقد زرت معرض «ربيع الفنون» في يوم افتتاحه وانبهرت بما تضمن من تعبيرات فنية جميلة كنحو لوحات لمين ساسي وإيمان بالرحومة وأحمد الحجري وصور باتريسيا التريكي ومنى كراي وغيرهم كثير وأعتقد أنّه من غير المعقول أن تحاسب الجمعية على أساس المضامين الفنية التي جاءت في الأعمال المعروضة، ففي هذا تجن على النسيج الجمعياتي الجدي وعلى الفن وعلى حرية الإبداع.
فكفانا تملصا من المسؤولية ولا لمحاكمة الفن والفنانين، ففي هذا خراب للبيت الجميل الذي نريد بناءه، بيت التسامح والتعايش والاحترام.

شيراز بن مراد

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق