الخميس، 12 أبريل 2012

مواطن يمشي على الرصيف

"أنا مواطن يمشي على الرصيف" عبارة استقيتها من مقال كتبه أستاذي الجامعي شيحة قحة وعبر فيه عن خيبته مما آلت اليه تصرفات التونسيين حيث كتب "منذ الثورة أصاب البلاد توتر شديد أضناها وأفقدها رشدها... الكل في تهافت لا ينتهي... الكل يصرخ واقفا ولا يفعل الا العويل... في تونس, الكل شاد برقبة الآخر, الكل يلعن ويتوعد ويزمجر". وأتذكر أن الاستاذ شيحة قحة كان يحثنا باستمرار على طلب العلم والسعي الى تحصيل المعرفة وعلى أهمية احترام القوانين في بلد تغيب فيه علويته.

و لئن كانت عبارة "مواطن يمشي على الرصيف" بسيطة في ظاهرها فإنها حبلى بالمعاني و الدلالات التي يستوجب التوقف عندها ... فمبدأ المواطنة يجب أن يترسخ في أذهان العديد منا لما يتضمن من مفاهيم تتعلق بتساوي الجميع أمام القانون وذلك مهما كانت انتماءاتهم الاجتماعية أو ميولاتهم السياسية, وكذلك بالحقوق والواجبات فلا سبيل مثلا لأن يحرم متساكنو المناطق الداخلية من جودة المرافق الإدارية أو الصحية أو الرياضية أو الثقافية مثلما هو متوفر في العاصمة وكبرى المدن, و لا مجال أيضا لأن يستغل البعض انتماءاتهم السياسية للظفر بامتيازات قد لا يستحقونها, ولا مكانة لمن يستهين بثوابت العقد الاجتماعي الذي يربط بيننا.
المواطنة تعني أيضا الخضوع لسلطة القانون فلا يعقل مثلا أن يُفلت من المساءلة ومن العقاب من سولت له نفسه بتشويه أعراض الآخرين أو الاعتداء على أملاكهم أو من ينادي بإستعمال العنف ضد أي كان من آبناء هذا الوطن.


أما الكلمة الثانية التي استوقفتني فهي« يمشي» و لهذا الفعل معنى عكسي لحالة التعثر و التخبط التي أضحت تهدد تونس والتي تتطلب اليوم وقفة حازمة حتى نمشي كلنا مواطنين و مجتمعا مدنيا و أحزابا و حكومة في اتجاه المطالب التي نادت بها الثورة التونسية و منها التشغيل و الحرية و العدالة الاجتماعية ... فالهدف هو أن تدور عجلات هذا البلد على طريق تلبية حاجيات المهمشين و تضميد جروح المضطهدين و فتح أبواب الأمل أمام كل التونسيين.
ثم تأت لفظة «الرصيف» الذي يرمز للدولة ولقدراتها في تأمين البنية التحتية و في وضع استراتيجيات التنمية المناسبة للنهوض بهذا البلد... إذ كيف لنا أن نتقدم و أن نصبو لغد أفضل إذا انكفأت الدولة على نفسها و لم تشمر عن سواعدها بالإعتماد على كل الكفاءات التونسية لرسم ملامح الجمهورية القادمة...
فلنمش مواطنين على الرصيف حتى لا تنطبق علينا كلمات الشاعر محمود درويش الحزينة:
لا الأمس يمضي و لا الغد يأتي
و لا حاضري يتقدم و لا شيء يحدث لي
ليتني حجر.

شيراز بن مراد

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق