الخميس، 19 أبريل 2012

تهجموا على الإعلام وليتهم تهجموا على البطالة

ارتفعت هذه الأيّام وتيرة التهجّم على الإعلام التونسي من قبل نوّاب ينتمون الى حركة النّهضة وحتى من قبل الوزير النهضوي طارق ذياب..
فقد انتقد النّائب عامر العريض الإعلام ذاكرا أنّه لم يلتحق بعد بالثورة وأنه يحنّ الى نظام الاستبداد وقال: «مشكلتنا ومعركتنا مع الأقلّيات الفاسدة التي كانت تتمعّش من أموال اليتامى والفقراء».. ثم يتضارب العريض مع نفسه ليكيل نقده للإعلام العمومي بأكمله اذ يقول:«ان جزءا كبيرا من الرأي العام يريد خوصصة الإعلام العمومي» ولسنا ندري من أين أتى العريض بهذا الحكم القطعي والمسألة لم تخضع حتى لعملية سبر آراء.
أما النائب أبو يعرب المرزوقي فقد وصف الإعلام بـ«السّفيه المسيّب» Le connard déchaîné وذلك للحطّ من قيمته مقارنة بما يكتب في الصّحيفة الفرنسية Le canard enchaîné التي عرفت بنقدها اللاذع لرجال السّياسة.
أمّا وزير الرّياضة طارق ذياب، فقد أخذ -هو أيضا ـ نصيبه من استهداف الإعلاميين إذ أكّد انّ الصحافة لم تتغيّر ولم تصلها الثّورة (أما لاحظتم أنّ هذه النقطة قاسم مشترك بين المتهجمين؟) متسائلا كيف للصّحافة ان تكون وطنية وهي التي كانت تتلقّى أموالا من بن علي، إلى غير ذلك من السهام والخناجر الموجهة إلى الإعلام التونسي الذي أضحى ـ وإحقاقا للحق ـ يتمتّع بهامش هام من الحرّية وهو بقيد التعافي واكتساب المهنية المطلوبة.. 

كم وددنا لو سخرت هذه الشخصيات طاقاتها في مقاومة الآفة الأولى التي تعاني منها تونس وهي البطالة لتقدّم لنا حلولا عمليّة من أجل الحدّ من تفاقم هذه الظّاهرة، فنحن لم نلاحظ الى حدّ الآن ارادة حقيقيّة ومبادرات ملموسة لمقاومتها، فأين هي مشاريع وزارة الرّياضة والشّباب لتشغيل الشباب العاطل عن العمل وأين هي الأفكار المتفردة والمبتكرة التي يمكنها ان تشكل البديل ولتكون القاطرة التي تدفع بنمو تونس الى الأمام.. لم نر شيئا من كلّ هذا بل رأينا كيف تعاملت وزارة الداخلية يوم السبت 7 أفريل مع الوقفة الاحتجاجية التي نظّمها اتحاد أصحاب الشهائد المعطلين عن العمل ليعبروا من خلالها عن ظروفهم الصعبة، وكيف قوبلت يوم 9 أفريل مجموعة الشبان الذين أتوا في مسيرة على أقدامهم من سيدي بوزيد للتعبير عن مشاغلهم, فكان أن أشبعهم أعوان الأمن ضربا واعتداءات وإهانة.
بصراحة نتساءل اليوم عن سرّ هذه الهجمة على وسائل الإعلام وكأنّ بمن يشنّها يريد من الإعلام أن يستعمل لغة البندير والطبل وهزان القفة للحكام الجدد, والاّ فهو من المغضوب عليهم!!
لسنا ندري متى تتغيّر العقليات ويكفّ من أصبحوا يتكلّمون بعقلية «خمسة وافي» عن التهجّم على من يخالفونهم الرأي؟ فالديمقراطية لا يمكن ان تُبنى على مثل «واحد يتحّي وواحد يزكّي» بل من أسسها الاختلاف في الرأي والنقد والرقابة والمعارضة.. فارحمونا يرحمكم الله، سنهتمّ بترميم بيتنا واهتمّوا أنتم بمعالجة القضايا السّاخنة التي لم تعد تتحمّل الانتظار.

شيراز بن مراد




ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق