الخميس، 23 أغسطس 2012

هل يكون الدستور الجديد أسوأ من دستور 59؟

أحلام بلحاج, عبد الستار بن موسى وراضية بلحاج زكري خلال لقاء "قراءة في مشروع لجنة الحقوق والحريات"
هل يكون الدستور الجديد أسوأ من دستور 59؟ سؤال بات يطرح نفسه بإلحاح بعد أن نبهت عدة أصوات حقوقية للنقائص والصيغ الملتبسة التي تضمنتها مسودة الدستور الجديد..
في هذا السياق نظمت جمعية النساء الديمقراطيات بمعيّة جمعية النساء التونسيات للبحث حول التنمية، والرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الانسان لقاء تمّ خلاله تقديم قراءة في مشروع لجنة الحقوق والحريات للمجلس التأسيسي، وذكرت الجمعيات الثلاث ان الغرض من هذا اللقاء هو «مواصلة الحوار مع نائبات المجلس التأسيسي ونوّابه والمساهمة في ترسيخ مبادئ المساواة وعدم التمييز والحقوق الكونيّة للنساء»..

من كان يتوقع أن تصبح حقوق المرأة مهددة؟

أولى النقاط التي شدّد عليها عبدالستار بن موسى رئيس الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الانسان هي حقوق المرأة إذ تسائل: « من كان يتوقّع أن تصبح حقوق المرأة مهدّدة؟ لماذا أسقطت لجنة الحقوق والحريّات لفظة المساواة من الفصل 28 والحال أنّها من أهم مبادئ حقوق الانسان؟ هل كان ذلك سهوا أم تجاهلا؟ لقد كان لقاء مع مصطفى بن جعفر رئيس المجلس التأسيسي وبلغناه أننا لن نقبل بهذه الصيغة بل نطالب بالتنصيص على مبدأ المساواة».. وأوضح بن موسى أنّ صياغة الدستور يجب أن تتمّ وفقا للمعايير الدولية حتى يكون الدستور تقدميا، دستور القرن 21 ،لا دستور القرن 14.. وكان رئيس الرابطة التونسية للدّفاع عن حقوق الانسان صرّح في لقاءات سابقة أن الدستور القادم سيمثل تراجعا عن الدستور القديم إذا ما قنن قمع الحريات وضيّق على مبادئ العدالة والمساواة المعترف بها في كل المواثيق الدوليّة..


المقاربة الحقوقية غائبة عن الدستور الجديد

وفي السياق نفسه، أفصحت الاستاذة حفيظة شقير أنها بصدد القيام بدارسة مقارنة بين الدساتيرالمقترحة لابراز نقاطها الايجابية وكذلك السلبية، ومما لفت انتباهها هوغياب المقاربة الحقوقية وعدم شمولية مبادئ حقوق الانسان في مسودّة الدستور الجديد بينما كانت هذه النقاط بارزة في الدستور السابق..

ولفتت النظر الى خطورة استعمال المصطلحات الفضفاضة التي تفتح باب التأويل وكذلك الى التضارب بين مضامين الفصول الجديدة بما يجعل النسخة الجديدة أسوأ من الدستور القديم.. وضربت الاستاذة شقير مثال الفصل 15 من الدستور الجديد حيث ورد فيه ما يلي: «الحق النقابي مضمون ما لم يعرض الامن العام للخطر»، بينما ينص الفصل الذي يتعلق بالحق النقابي في الدستور القديم على ان الحق النقابي مضمون فقط، وفي هذا التمشي تراجع خطير عما كان موجودا ..
الملاحظة ذاتها ساقتها إحدى المشاركات في اللقاء حيث أشارت الى قلة المصطلحات القانونية في مسودة الدستور الجديد مقابل كثرة المصطلحات السوسيولوجية والدينية موضّحة انه من المفروض تغليب المصطلحات القانونية التي لا تفتح المجال أمام التّأويل.. وتجدر الاشارة الى أنّ هذا اللقاء مثّل فرصة للتأكيد على ضرورة احترام المبادئ الكونية لحقوق الانسان بما يسد الطريق أمام هيمنة الرؤى الايديولوجية والمرجعيات الحزبية الضيقة..

عشرات المليارات من أجل ضرب الحقوق والحريات

وطبيعيّ أن يدفعنا كل هذا الى التساؤل عن جدوى المليارات التي تنفقها المجموعة الوطنية -يقال أن كلفة صياغة الدستور بلغت الى حد الآن 80 مليارا من مليماتنا-، أفيعقل أن تصرف مبالغ ضخمة من أجل دستور يتراجع عن المكاسب التي نص عليها دستور 59، فيقيد الحريات ويقلص دائرة الحقوق وهو ما يتناقض مع الاهداف التي قامت من أجلها الثورة ومنها ترسيخ الحرية والمساواة والعدالة الاجتماعية.. ونمضي الى أبعد من ذلك لنتساءل مثلما جاء على لسان أحد المشاركين في اللقاء المذكور: ألم يكن من الأجدى الابقاء على الدستور القديم مع تعديل بعض فصوله والانصراف إلى ما هو أنفع ؟

شيراز بن مراد

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق