الخميس، 30 أغسطس 2012

وليمة موسيقية بإمضاء لبنى نعمان ومهدي شقرون

لبنى نعمان تتوسط جهاد الخميري ومهدي شقرون خلال عرض "كان يا ما كان"
كهدير الماء الصافي ينساب صوت الفنانة لبنى نعمان ليتغنى بأوجاع الوطن وبما تحمله الذاكرة من صور ونغمات وأحاسيس... يوم الجمعة الفارط  صدح الصوت مجددا بفضاء الأرتيستو بالعاصمة في عرض «كان يا ما كان» الذي راوح بين الأغاني الشخصية التي ألفها الموسيقار الشاب مهدي شقرون وبين الأغاني الملتزمة على غرار «شيد قصورك» للشيخ إمام و«تذكر» لأميمة خليل دون أن ننسى قصيدة الشاعر الصغير أولاد حمد لتعلن لبنى نعمان حبها للبلاد صباحا, مساء ويوم الأحد..
ولعل الأغنية «الأم» في هذا العرض الاستثنائي -الذي لم يرافق فيه لبنى نعمان سوى مهدي شقرون على العود وجهاد الخميري على الإيقاع في حين كان منتظرا أن تصعد معها على الركح مجموعة «حس» بأكملها ـ هي معزوفة «كان يا ما كان» التي فتحت دهاليز الذاكرة لتستحضر عبقا تونسيا قديما فيه فصول من الوحدة والشجن وكذلك الأمل والفرح.. وقد بدا واضحا أن مهدي شقرون مِؤلف الأغنية اشتغل على هذه القطعة الموسيقية كمن يطرز قماشا نفيسا فرصعها تارة بما يعبر عن الفرح والحماس وخففها طورا آخر لتعكس الألم والضياع, حتّى أنّنا أحسسنا بالأنغام تعانق الفرح وتلتحم به في أحد مقاطع الأغنية بما يبعث في النفس انشراحا فريدا من نوعه...
وخلافا للموسيقى التي تفقد شخصيتها عندما تمزج بين الأنماط المختلفة, يمكن القول إن موسيقى مهدي شقرون توفقت في توظيف هذا الثراء ـ بين المالوف والبدوي والقناوة وغيرها ـ لـ«تلد» طابعا موسيقيا متفردا يشد من يتوقون الى موسيقى جميلة وصادقة ومعبرة... غير أنه يصعب التمتع بهذه الموسيقى لاسيما أن الاذاعات تغلب ما هو تجاري وسيئ الذوق لتبثه في اليوم الواحد عشرات المرات متجاهلة العذب من أصواتنا والجميل من ألحاننا... وقد صرحت لنا لبنى نعمان أن مجموعة «حس» تسعى بإمكاناتها المحدودة لإصدار ألبوم غنائي في أقرب الآجال.
فتحية لهذه المجموعة التي غنت فأقنعت وأمتعت بكل ما اختزلته من أحاسيس ومعان, وتحية لغازي الزغباني صاحب فضاء لرتيستو الذي سخّر ركحه لطاقات شابة لاتجد من يحتضن ابداعاتها.


شيراز بن مراد

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق