الخميس، 9 أغسطس 2012

بعد رفضها دعم موسوعته, هل تستجيب وزارة الثقافة لصرخة الأديب بوراوي عجينة؟


من الاخبار ما ينزل نزول الصاعقة وما يحبط العزائم ويجعل المثقف يفقد الثقة بمن عهدت اليهم مسؤولية الاشراف الثقافي في البلاد.. هذا ما حصل مؤخرا مع الاديب بوراوي عجينة الذي فوجئ برفض وزارة الثقافة دعم عمل ضخم أعده حول أبرز أعلام القصص العربية في تونس في القرن العشرين..

يقول بوراوي عجينة إنّه أقدم على إنجاز هذا العمل بصفة فردية طيلة 7 سنوات بهدف توثيق ذاكرتنا الوطنية في مدونة شملت أهم كتاب القصة وذلك من 1904 الى سنة 1999 وتفرعت إلى مختارات قصصية متنوعة وبيبولوغرافيا موسعة جدّا. ويضيف قائلا: «لقد اخترت في موسوعتي القصصية افضل ما نشر في تونس في القرن الماضي من نصوص سردية وأهم نماذجها، وبلغ عدد كتاب القصة الذين ادرجناهم في الموسوعة 181 كاتبا بينما بلغت النصوص المنتقاة 374 نصا سرديا كما أدرجنا من المراجع وأقوال النقاد ما لم يجمع في مؤلف واحد أبدا»..

عمل وجهد مضني هدفه تخليد الذاكرة الأدبية

وبمرارة من يعفس على جمرة من نار، يؤكد محدثنا ان الموسوعة صورة وفية شاملة عن الواقع القصصي التونسي وتطور مساره والتعريف بكتاب معروفين وآخرين مغمورين..ولإعطاءنا بسطة عن الأسماء والنصوص التي أوردها في الموسوعة، يذكر بوراوي عجينة على سبيل المثال علي الدوعاجي أحد اعلام القصة التونسية والبشير خريف زعيم مدرسة الواقعية ومحمود المسعدي زعيم المدرسة الوجودية والطاهر قيقة الاديب المخضرم وعز الدين مدني أحد أهم مستلهمي التراث العربي وسمير العيادي صاحب النفس الشعري الذي يصور تخوم الذات وأغوارها وهواجسها وحسن نصر مؤلف الاقصوصة الجيدة القريبة من القصيدة بنوعيها الواقعي والعجيب وغيرهم من المجددين على غرار عروسية النالوتي ورضا الكافي وإبراهيم الدرغوثي وحسونة المصباحي والذي يقول عجينة أنّهم كتبوا نصوصا «تقف ندّا للندّ وجنبا الى جنب مع نصوص كتّاب عرب كبار وعالميين أيضاً»... ومن المفارقات التي يجب لفت النظر اليها أن هذا النوع من الموسوعات مألـــوف ومنه موسوعـة «Lagarde et Michard» التي تعتبر مرجعا هامّا في الأدب الفرنسي اذ تستعرض اهم الادباء الفرنسيين في القرون 16 و17 و18و19و20، قلنا من المفارقات لانه يؤلمنا ان تلقى الموسوعات الأوروبية الدعم بينما يستهان بأعمال مماثلة في ربوعنا..
الملاحظ ايضا في مقاربة بوراوي عجينة تبجيله للأدباء التونسيين الذين يقول عنهم إنهم «عزفوا ألحان الحياة بكل انواعها، فنصوصهم متنوعة جدّا توجد فيها جميع مشاغل الحياة وعدد كبير من الاساليب الفنية وفضاءات البلاد المختلفة».

لماذا لم تتجاوب وزارة الثقافة مع مبادرة عجينة؟

ونظرا إلى المتطلبات المادية الباهظة نسبيا التي لقيها الكاتب في طبع الموسوعة المتكونة من 6 أجزاء ـ تكفل اتحاد الكتاب التونسيين بطبع الجزأين الأولين منها ـ، راسل بوراوي عجينة وزارة الثقافة آملا ان يحظى عمله بالدّعم غير أنّ مصلحة الآداب بوزارة الثقافة رفضت طلبه وَوَرد في رسالة رفضها ما يلي: «ان تعهّد الوزارة يقتصر على المساعدة التي تقدّمها عن طريق اقتنائها كميّة من العمل بعد نشره شريطة ان تتوفر فيه جودة المحتوى والشكل».. وهو ما حطّ من عزم أديبنا الذّي لم يكن يتوقع أن يقابل عمله الذي يدخل في خانة الأعمال التي تؤسس للذاكرة الوطنية بهذا الجفاء والتجاهل خاصة إنّ تكاليف نشر جزء واحد من الموسوعة الذي يحتوي ما معدلّه 750 صفحة تبلغ حوالي 10 الاف دينار وهو مبلغ يتجاوز الامكانات الشخصية للكاتب في حين أنّها لا تمثل سوى نقطة ماء في بحر الدعم الذي تقدمه وزارة الثقافة لباقي الفنون... وقد تساءل بوراوي عجينة بالقول: «هل إنّ 10 آلاف دينار لدعم طبع جزء واحد من الموسوعة مبلغ كبير يعسر على الوزارة توفيره من ميزانية تخصص فيها المليارات للغناء وجلب المطربين من الخارج كلفة الواحد منهم عشرات الملايين احيانا؟».. كما عبّر عجينة عن أسفه للسنوات التي أنفقها صحة وجهدا لإعداد هذا العمل الضخم وعن اسفه الاكبر من موقف الوزارة قائلا: « ينتابني احيانا شعور برغبة في اتلاف الـ3000 صفحة المرقونة والجاهزة للطبع من عمل عزيز على نفسي يخدم المصلحة الوطنية»..
فهل تتراجع وزارة الثقافة عن موقفها وتبدي اهتماما بهذا العمل الاستثنائي الذي يجمع شتات الذاكرة الأدبية في القرن العشرين ام أنّ دار لقمان ستبقى على حالها؟

شيراز بن مراد

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق