للمرّة الثانية على التوالي اختار المخرج مهدي هميلي ان ينجز فيلما
بالأبيض والأسود وكأنّهما اللونان الوحيدان اللذان يلائمان شخصيّة أبطاله..
فهم يعيشون على حافّة الحياة وعلى هامش المدينة، ومن ثمّة ارتأى أن يكسيهم
في فيلم "ليلة بدر" -الذي عرض يوم الجمعة الفارط بقاعة الفن السابع- ألوانا أخرى, ألوان أشعار بدر شاكر السياب وفرلان واليوارد وألوان مشاعر من ذاق طعم الحب وصار غير
قادر على فراق الآخر, وهي ألوان يمكن أن تكون أصدق وأجمل وأقوى من الألوان التي اعتادت أعيننا رؤيتها..
وعلى امتداد الفيلم، حاول المخرج مهدي هميلي ملامسة شيء من دواخل بطليه اللذين يعانيان ألم الفراق ولوعة البعاد، اذ يروي الشريط قصّة شاعر تونسي مقيم بباريس يقرّر مغادرة عشيقه الشابّ فيليب والعودة إلى أرض الوطن وهو ما يضع البطلين في حالة «ما بين قوسين» يتوقف فيها الوقت أو بالأحرى ينسحب ليترك لهما فسحة لقاء أخير قبل الوداع النّهائي..
وقد بدا لنا أنّ التيمة الأساسيّة التي تطرّق لها الفيلم هي معاناة الأحبّة لحظة الفراق، فهي معاناة تبعثر الكيان وتزرع اليأس والاحباط في النّفوس وهو ما حاول مهدي هيملي اقتفاء أثره طيلة الشريط، كما اقتفى لحظة سعادة التقاء البطلين في الليلة الأخيرة التي جمعتهما ومن خلال رقصة ثنائيّة معبّرة تعانقت فيها أرواحهما بلطافة متحدية موانع وعنف العالم الخارجي..
وبسلاسة أطلق المخرج سهاما في مقتل موضوع يعتبر من التابوهات وهو المثلية الجنسية، ليقول إنّ المشاعر لا تعترف بالجنس ولا بالسنّ ولا بالجنسيّة بل انّ الحبّ والألم والمعاناة والخوف من الضّياع هي مسائل كونيّة تتقاسمها البشريّة جمعاء.. ومن المواضيع الأخرى التي تطرّق إليها الفيلم حرّية الفرد في المجتمعات الأوروبّية مقارنة بحريّته في العالم العربي حيث تتعدّد في ديارنا الممنوعات والتابوهات التي تحدّ من هامش هذه الحرية وهي القضية التي تناولها مهدي هميلي في محاولة لاعلاء راية التحرر بكلّ أصنافه.. كما يثير الفيلم موضوع العودة النهائيّة لأرض الوطن وما يشوبها من معاناة نفسية تجعل المعني بالأمر وكأنّه يرتمي بين أحضان الفراغ، فلا الوطن الذي احتضنه وطنه الحقيقي ولا الوطن الذي سيعود اليه تربطه به وشائج حياة، فما بالك اذا كان هذا الفرد شاعرا ومثليا جنسيا؟
ويتركنا هكذا مهدي هميلي هكذا على شفا السؤال وعلى شفا الحيرة كما الآلاف والملايين من البشر الذين يلفون أنفسهم في مفترقات مصيرية لا يعرفون مآلها..
وفضلا عن هذا، التجأ المخرج الى موسيقى البيانوالذي تماهت ملامسه البيضاء والسوداء مع ألوان الفيلم ومع الإضاءات التي شكلت ركيزة أساسيّة لهذا العمل الفنّي على المستوى الاستيتيكي، اذ تعدّدت «المشاهد ـ اللوحات» المنطوية على جمالية فائقة ومنها بالخصوص تلك التي يظهر فيها وجه البطل «بدر» عن قرب بتجاعيده وبعينيه السوداوين وأنفه المنكفئ وشعره الأبيض الرّمادي.. ويمكن القول إجمالا إنّ الميزة الأولى لفيلم «ليلة بدر» هي الشاعرية التي حرص مهدي هميلي على إبرازها, شاعرية الكلمات وشاعرية الشخصيات وكذلك المواقف والصور في محاولة «للقبض» على هشاشة ساكنة في كياننا.. هشاشة من يٌحب ويُؤثر الفراق في الوقت نفسه.. هشاشة المتذبذب الذي لم يهتد بعد إلى مرفأ الأمان.. هشاشة من قبل الجراح ووخز الأشواك رغم وعيه بآلامها.
ويذكر ان شريط «ليلة بدر» ـ وهو من انتاج شركة «بولي موفي الدولية» ـ سيشارك في مهرجان كان السينمائي في «زاوية الفيلم القصير» انطلاقا من يوم 16 ماي الجاري.
وعلى امتداد الفيلم، حاول المخرج مهدي هميلي ملامسة شيء من دواخل بطليه اللذين يعانيان ألم الفراق ولوعة البعاد، اذ يروي الشريط قصّة شاعر تونسي مقيم بباريس يقرّر مغادرة عشيقه الشابّ فيليب والعودة إلى أرض الوطن وهو ما يضع البطلين في حالة «ما بين قوسين» يتوقف فيها الوقت أو بالأحرى ينسحب ليترك لهما فسحة لقاء أخير قبل الوداع النّهائي..
وقد بدا لنا أنّ التيمة الأساسيّة التي تطرّق لها الفيلم هي معاناة الأحبّة لحظة الفراق، فهي معاناة تبعثر الكيان وتزرع اليأس والاحباط في النّفوس وهو ما حاول مهدي هيملي اقتفاء أثره طيلة الشريط، كما اقتفى لحظة سعادة التقاء البطلين في الليلة الأخيرة التي جمعتهما ومن خلال رقصة ثنائيّة معبّرة تعانقت فيها أرواحهما بلطافة متحدية موانع وعنف العالم الخارجي..
وبسلاسة أطلق المخرج سهاما في مقتل موضوع يعتبر من التابوهات وهو المثلية الجنسية، ليقول إنّ المشاعر لا تعترف بالجنس ولا بالسنّ ولا بالجنسيّة بل انّ الحبّ والألم والمعاناة والخوف من الضّياع هي مسائل كونيّة تتقاسمها البشريّة جمعاء.. ومن المواضيع الأخرى التي تطرّق إليها الفيلم حرّية الفرد في المجتمعات الأوروبّية مقارنة بحريّته في العالم العربي حيث تتعدّد في ديارنا الممنوعات والتابوهات التي تحدّ من هامش هذه الحرية وهي القضية التي تناولها مهدي هميلي في محاولة لاعلاء راية التحرر بكلّ أصنافه.. كما يثير الفيلم موضوع العودة النهائيّة لأرض الوطن وما يشوبها من معاناة نفسية تجعل المعني بالأمر وكأنّه يرتمي بين أحضان الفراغ، فلا الوطن الذي احتضنه وطنه الحقيقي ولا الوطن الذي سيعود اليه تربطه به وشائج حياة، فما بالك اذا كان هذا الفرد شاعرا ومثليا جنسيا؟
ويتركنا هكذا مهدي هميلي هكذا على شفا السؤال وعلى شفا الحيرة كما الآلاف والملايين من البشر الذين يلفون أنفسهم في مفترقات مصيرية لا يعرفون مآلها..
وفضلا عن هذا، التجأ المخرج الى موسيقى البيانوالذي تماهت ملامسه البيضاء والسوداء مع ألوان الفيلم ومع الإضاءات التي شكلت ركيزة أساسيّة لهذا العمل الفنّي على المستوى الاستيتيكي، اذ تعدّدت «المشاهد ـ اللوحات» المنطوية على جمالية فائقة ومنها بالخصوص تلك التي يظهر فيها وجه البطل «بدر» عن قرب بتجاعيده وبعينيه السوداوين وأنفه المنكفئ وشعره الأبيض الرّمادي.. ويمكن القول إجمالا إنّ الميزة الأولى لفيلم «ليلة بدر» هي الشاعرية التي حرص مهدي هميلي على إبرازها, شاعرية الكلمات وشاعرية الشخصيات وكذلك المواقف والصور في محاولة «للقبض» على هشاشة ساكنة في كياننا.. هشاشة من يٌحب ويُؤثر الفراق في الوقت نفسه.. هشاشة المتذبذب الذي لم يهتد بعد إلى مرفأ الأمان.. هشاشة من قبل الجراح ووخز الأشواك رغم وعيه بآلامها.
ويذكر ان شريط «ليلة بدر» ـ وهو من انتاج شركة «بولي موفي الدولية» ـ سيشارك في مهرجان كان السينمائي في «زاوية الفيلم القصير» انطلاقا من يوم 16 ماي الجاري.
- شيراز بن مراد
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق