الخميس، 10 مايو 2012

«تعدّد الزوجات»، «الخمر»، «الحجاب»، «المثلية الجنسية»: ألفة يوسف تفتح الجدل وتنبذ الإقصاء

أصدرت الكاتبة والمفكرة ألفة يوسف مجموعة كتيبات (وعددها سبعة) تطرقت فيها إلى مواضيع مثيرة للجدل على غرار تعدد الزوجات وشرب الخمر والاعدام وحدّ السرقة ولبس الحجاب والمثلية الجنسية وذلك ضمن سلسلة «والله أعلم».. وأفادت ألفة يوسف أنّها «لا تسعى إلى تقديم جواب نهائي بخصوص هذه المواضيع لأنّها تؤمن أن لكلّ شخص جوابه وأنّ لكل مقام مقاله»... ويذكر أنّ هذه الكتيبات جاءت في شكل حوار شيّق بين شخصين يقف كل منهما على طرف نقيض من الآخر...
ولكي نعطي فكرة على الطريقة التي اتبعتها الدكتورة ألفة يوسف في تطرقها للمواضيع المذكورة سنتوقف عند ثلاثة كتب وهي «في الخمر» و«في تعدد الزوجات» و«في الإعدام».
«في الخمر»: جدل حول تحريم الخمر من عدمه
بالنسبة إلى موضوع الخمر، واجهت ألفة يوسف بين شخص يعتبر الخمر محرّمة وآخر لا يراها كذلك، ويستند كلّ منهما إلى حجج وأدلة مضادة لمجادلة الآخر.. فالأوّل مرجعه الآية القرآنية التالية: «يا أيّها الذين آمنوا إنّما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه لعلكم تفلحون» (المائدة 90)، بينما يرى الثاني أنّه لا توجد في القرآن آية تجمع في جملة واحدة فعل التحريم كما هو الشأن بالنسبة الى تحريم الميتة والدم ولحم الخنزير معتبرا أنّ المشكل يكمن في السكر لا في شرب الخمر.. وفي 44 صفحة يتجادل الطرفان في قالب مناظرة فكرية شيقة يزايد فيها كل طرف بما لديه من قرائن يراها دامغة.
«في الإعدام»: بين من ينادي بالإعدام ومن يعارضه
وبخصوص موضوع الإعدام كانت المواجهة بين شخص ينادي بإعدام من يقتل عمدا مستندا إلى الآية التالية: «يا أيّها الذين آمنوا كتب عليكم القصاص في القتلى، الحرّ بالحرّ والعبد بالعبد والأنثى بالأنثى» (البقرة 178)، وبين آخر يعارضه إذ يرى أنّ الله ـ سبحانه وتعالى ـ أعزّ النفس البشرية وشرفها وجعل من يقتلها بمثابة من قتل الناس جميعا وجعل من يحييها كمن يحيي الناس جميعا، متسائلا: ألم يقل الرّسول عليه الصلاة والسلام «لزوال الدنيا أهون عند الله من قتل مسلم». وكما في الكتيب الأوّل، أغنت ألفة يوسف الموقفين بآيات وأحاديث وأمثلة فاتحة باب الحوار لا الجدل العقيم.
«في تعدد الزوجات»: بين مؤيد ورافض
ومتّبعة النهج نفسه، خصت ألف يوسف موضوع «تعدد الزوجات» كذلك بكتيب تناظر فيه شخصان تضاربت مواقفهما منه.. فبينما يستغرب الأول منع تعدد الزوجات معتبرا أنّ القرآن أباحه وأنّ العدل هو الشرط الأساسي أمام هذا التعدد, استشهد من يقف منه موقف المعارض برفض الرسول الأكرم زواج علي ابن أبي طالب بامرأة ثانية على ابنته فاطمة قائلا: «إنّ بني هاشم بن المغيرة استأذنوا في أن ينكحوا ابنتهم علي بن أبي طالب، فلا آذن ثم لا آذن، ثمّ لا آذن، إلاّ أن يريد ابن أبي طالب أن يطلق ابنتي وينكح ابنتهم، فإنّما هي بضعة مني يريبني ما أرابها ويؤذيني ما أذاها».
وهكذا تتوسع رقعة النقاش بين الطرفين باعتماد الحجج والحجج المضادّة حول هذا الموضوع الشائك والذي حسمت مجلة الأحوال الشخصية في تونس في شأنه..
ومهما يكن من أمر فإنّ أكبر مزية لهذه المؤلفات المبسطة هو في قطعها مع الجمود الفكري لتفتح في المقابل باب النقاش والجدل دون تصادم أو عنف... وقد بدا لنا أنّ ديدن ألفة يوسف كان مقارعة الفكر بالفكر والرأي بالرأي والحجة بالحجة لأنّ الإنسان يفقد إنسانيته عندما يجابه من يخالفه الرأي بالعنف والإقصاء والتكفير، ولكن كم تسمو مرتبته عندما يحترم فكر الآخر ولو كان في الاتجاه المعاكس.

شيراز بن مراد

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق